الأمر بالشيء نهيٌ عن ضدِّه من طريق اللُّزوم العقلي لا القصد الطلبي؛ فإن الآمر إنما مقصوده فعل المأمور؛ فإذا كان من لوازمه ترك الضد صار تركه مقصودًا لغيره. وهذا هو الصوابُ في مسألة الأمر بالشي؛ هل هو نهيٌ عن ضدِّه أم لا؟ فهو نهيٌ عنه من جهة اللُّزوم لا من جهة القصد والطلب. وكذلك النهي عن الشي؛ مقصود الناهي بالقصد الأوَّل الانتهاءُ عن المنهي عنه، وكونه مشتغلًا بضدِّه جاء من جهة اللزوم العقليِّ، لكن إنما نهي عما يضادُّ ما أمر به كما تقدم. فكان المأمور به هو المقصود بالقصد الأول في الموضعين.
وحرف المسألة: أن طلب الشيء طلبٌ له بالذَّات ولما هو من ضرورته باللُّزوم، والنهي عن الشيء طلبٌ لتركه بالذات ولفعل ما هو من ضرورة الترك باللُّزوم، والمطلوب في الموضعين فعلٌ وكفٌّ، وكلاهما أمرٌ وجوديٌّ.
الفوائد - ط عطاءات العلم (ص: 179 - 180)