وأما قصة زينب بنت جحش، فزيد كان قد عزم على طلاقها ولم توافقه، وكان يستشير النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في فراقها، وهو يأمره بإمساكها، فعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه مفارقها ولا بدّ، فأخفى في نفسه أن يتزوجها إذا فارقها زيد، وخشي مقالة الناس أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج زوجة ابنه، فإنّه كان قد تبنّى زيدًا قبل النبوة، والربُّ تعالى يريد أن يشرع شرعًا عامًّا فيه مصالح عباده. فلما طلّقها زيد، وانقضت عدّتها منه، أرسله إليها يخطبها لنفسه. فجاء زيد، واستدبر الباب بظهره، وعظُمتْ في صدره لمّا ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فناداها من وراء الباب: يا زينب إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبكِ. فقالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامرَ ربّي، وقامت إلى محرابها، فصلّتْ. فتولّى الله عَزَّ وَجَلَّ نكاحها من رسولِه بنفسه، وعقد النكاح له فوق عرشه، وجاء الوحي بذلك: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوقته، فدخل عليها. فكانت تفخر على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وتقول: أنتن زوّجكنّ أهاليكن، وزوّجني الله من فوق سبع سماوات!
فهذه قصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع زينب.
الدواء والدواء - ط عطاءات العلم (1/ 554 - 555)