مشروعية الختان وأنه من خصال الفطرة

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط" فجعل الختان رأس خصال الفطرة، وإنما كانت هذه الخصال من الفطرة لأن الفطرة هي الحنيفية ملة إبراهيم، وهذه الخصال أمر بها إبراهيم، وهي من الكلمات التي ابتلاه ربه بهن كما ذكر عبد الرزاق عن معمر عن طاوس عن أبيه عن ابن عباس في هذه الآية قال: ابتلاه بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد، خمس في الرأس: قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس، وفي الجسد: تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء.

والفطرة فطرتان:

فطرة تتعلق بالقلب: وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية: وهي هذه الخصال.

فالأولى: تزكِّي الروح وتُطهِّر القلب، والثانية: تطهّر البدن، وكل منهما تمد الأخرى وتقويها، وكان رأس فطرة البدن الختان لما سنذكره في الفصل السابع إن شاء الله.

وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من الفطرة أو الفطرة :المضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك وتقليم الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط والاستحداد والاختتان والانتضاح" وقد اشتركت خصال الفطرة في الطهارة والنظافة وأخْذ الفضلات المستقذرة التي يألفها الشيطان ويجاورها من بني آدم، وله بالغرلة اتصال واختصاص ستقف عليه في الفصل السابع إن شاء الله.

وقال غير واحد من السلف: من صلّى وحجّ واختتن فهو حنيف. فالحج والختان شعار الحنيفة، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها. قال الراعي يخاطب أبا بكر رضي الله عنه:

أخليفة الرحمن إنا معشر ... حنفاء نسجد بكرة وأصيلا

عرب نرى لله في أموالنا ... حق الزكاة منزلا تنزيلا


تحفة المودود بأحكام المولود (ص: 160)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله