يجب على المفتي أن يفتي بما يعتقد رجحانه وإن خالف مذهبه

الفائدة الخامسة عشرة: ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله سبحانه أن يفتي السائلَ بمذهبه الذي يقلِّده، وهو يعلم أن مذهبَ غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصحُّ دليلًا، فتحمله الرياسة على أن يتقحَّم الفتوى بما يغلب على ظنِّه أن الصواب في خلافه= فيكون خائنًا لله ورسوله وللسائل، وغاشًّا له. والله لا يهدي كيد الخائنين، وحرَّم الجنّةَ على من لقيه وهو غاشٌّ للإسلام وأهله. والدين النصيحة، والغِشُّ مضادٌّ للدين كمضادَّة ‌الكذب للصدق، والباطل للحق.

وكثيرًا ما ترِد المسألة نعتقد فيها خلافَ المذهب، فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده. فنحكي المذهب، ثم نحكي المذهب الراجح ونرجِّحه، ونقول: هذا هو الصواب، وهو أولى أن يؤخذ به. وبالله التوفيق.


إعلام الموقعين عن رب العالمين (5/ 41 ط عطاءات العلم)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله