وأما المسابقة بين الخيل:
وهي الحافر المذكور في حديث أبي هريرة، فقصَرَها أصحابُ مالك وأحمد على الخيل، وجوَّزها أصحاب أبي حنيفة في البغال والحمير والبقر، وللشافعي في البغال والحمير قولان.
ثم اختلف أصحابه في مسائل فرَّعوها على هذين القولين، وهي: المسابقة على الفيل، والحمام، والسفن.
ولهم في جواز السِّباق عليها بالرَّهن وجهان:
قال مَن جوَّزها على البغال والحمير: اسم الحافر يتناولهما كتناوله للفرس.
وقال الآخرون: لم يُرِدِ الشارع بلفظ الحافر: حافر الحمار والبغل، وإنما أراد حافر ما سابق عليه، وجعل السباق عليه من إعداد القوَّة لجهاد أعداء الله، فما لحافر البغال والحمير والبقر دخولٌ في ذلك البتَّة، ولم يسابق أحدٌ من السلف قطُّ بحمار ولا بغل.
قالوا: والحافر وقع في سياق الإثبات، فلا عموم له.
قالوا: ولا يصحُّ قياس الحمار والبغل على الخيل؛ لما بينهما من الفروق شرعًا وحسًّا ومنفعةً، وما سوَّى الله بين الخيل والحمير قطُّ، لا في سهم الغنيمة، ولا في الغزو، ولا جَعَلَ الخير معقودًا إلا في نواصيها بالأجر والغنيمة، فما أفسدَ قياسَهما على الخيل التي ظهورُها عزٌّ وبطونها كنز، وهي معاقل وحصون، والخير معقود في نواصيها، والغنائم ثلثاها لها، وأرواثها وأبوالها في ميزان صاحبها؛ إذا ارتبطها في سبيل الله تعالى.
الفروسية المحمدية (ص: 35 - 37)