تهذيب سنن أبي داود وإيضاح عِلله ومُشكلاته "٥٨٠" فائدة وخلاصة

الخلاصات العلمية من كتب الحافظ ابن قيم الجوزية

أولا :《تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته ((٥٨٠)) فائدة وخلاصة 

عبدالله سعيد أبوحاوي القحطاني

 

بسم الله الرحمن الرحيم

《المجلد الأول 》:

١- صاحب عراك بن مالك المختص به ،الضابط لحديثه : جعفر بن ربيعة الفقيه. ص١١
٢-قد روى مسلم في "صحيحه" حديثا عن عراك عن عائشة. وأحمد وغيره خالفه في ذلك ،وبينوا أنه لم يسمع منها. ص١٢
٣-قال حنبل : ذكرت لأبي عبدالله- يعني أحمد - حديث الأعمش عن أنس، فقال: لم يسمع الأعمش من أنس ،ولكنه رآه ص١٢
٤- التفرد نوعان :
- تفرد لم يُخالَف فيه من تفرد به كتفرد مالك - أي بحديث دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة وعلى رأسه المغفر-، وعبدالله بن دينار - أي في حديث النهي عن بيع الولاء وهبته-،وأشباه ذلك
- تفرد خولف فيه المتفرد كتفرد همام بهذا المتن - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه- فإن الناس خالفوه فيه. فينبغي مراعاة هذا الفرق وعدم إهماله.ص١٦- ١٧.
٥-الخبر لابد وأن يكون مساويا للمبتدأ أو أعم منه، ولا يجوز أن يكون أخص منه، فإذا كان المبتدأ معرفا بما يقتضي عمومه ك(اللام) و(كل) ونحوهما، ثم أخبر عنه بخبر ،اقتضى صحة الإخبار أن يكون إخبارا عن جميع أفراد المبتدأ، فإنه لا فرد من أفراده إلا والخبر حاصل له. وإذا عرف هذا لزم الحصر ص٢٠
٥-قاعدة: ما أوجبه الله ورسوله ،أو جعله شرطا للعبادة، أو ركنا فيها، أو وقَف صحتها عليها،هو مقيد بحال القدرة، لأنها الحال التي يؤمر فيها به،وأما في حال العجز فغير مقدور ولا مأمور ،فلا تتوقف صحة العبادة عليه، وهذا كوجوب القيام والقراءة والركوع والسجود عند القدرة، وسقوط ذلك بالعجز .ص٢١
٦- زمن الحيض ليس بزمن تكليف بالنسبة إلى الصلاة، بخلاف العاجز ،فإنه مكلف بحسب الاستطاعة ص٢٣
٧-العجز عن البدل في الشرع كالعجز عن المبدل سواء،هذه قاعدة الشريعة ص٢٤
٨-من المعلوم أن ما شرع للشيء ووضع لأجله لابد أن يكون الآتي به قاصدا ما جعل مفتاحا له ومدخلا إليه ،هذا هو المعروف حسا كما هو ثابت شرعا.ص٢٤
٩-"أفعَل" التفضيل إذا نكّر وأطلق تضمن من عموم المفضل عليه وإطلاقه مالم يتضمنه المعرّف.ص٢٨
١٠- في افتتاح الصلاة بهذا اللفظ-الله أكبر-المقصود منه : استحضار هذا المعنى وتصوره، سر عظيم يعرفه أهل الحضور، المصلون بقلوبهم وأبدانهم ،فإن العبد إذا وقف بين يدي الله عز وجل وقد علم أنه لا شيء أكبر منه، وتحقق قلبه ذلك، وأُشرِبه سره، استحيى من الله، ومنعه وقاره وكبرياؤه أن يشغل قلبه بغيره، ومالم يستحضر هذا المعنى ،فهو واقف بين يديه بجسمه ،وقلبه يهيم في أودية الوساوس والخطرات، وبالله المستعان .ص٢٩.
١١-دلالة الأمر على الوجوب أقوى من دلالة تركه على نفي الوجوب ص٣١
١٢-كل ما تحريمه التكبير وتحليله التسليم فمفتاحه الطهور ،فيدخل في هذا الوتر بركعة خلافا لبعضهم .
قال المحقق : في هامش الأصل تعليق : أن المقصود هو ابن حزم .ص٣٢
١٣-قد اختلف السلف والخلف في اشتراط الطهارة للطواف على قولين :
أحدهما: أنها شرط، كقول الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد .
والثاني : ليست بشرط ،نص عليه - أي أحمد- في رواية ابنه عبدالله وغيره، وهذا مذهب أبي حنيفة.
قال شيخ الإسلام: وهذا قول أكثر السلف، قال : وهو الصحيح ص٣٤
١٤-حديث ابن عباس (الطواف بالبيت صلاة) قد اختلف في رفعه ووقفه،فقال النسائي والدار قطني وغيرهما : الصواب أنه موقوف ،وعلى تقدير رفعه، فالمراد تشبيهه بالصلاة، كما يشبه انتظار الصلاة بالصلاة. ص٣٥.
١٥-الطهارة لسجود التلاوة والشكر فيه قولان مشهوران :
أحدهما: يشترط له الطهارة،وهذا هو المشهور عند الفقهاء،ولا يعرف كثير منهم فيه خلافا،وربما ظنه بعضهم إجماعا .
والثاني : لا يشترط له الطهارة، وهو قول كثير من السلف، حكاه عنهم ابن بطال في " شرح البخاري" وهو قول عبدالله بن عمر ،ذكره البخاري عنه في "صحيحه " فقال : وكان ابن عمر يسجد للتلاوة على غير وضوء، وترجمة البخاري واستدلاله يدل على اختياره إياه ،فإنه قال : باب من قال : يسجد على غير وضوء، هذا لفظه. ص٣٦
١٦-قال الحسن البصري:ليس في السجود- أي التلاوة- تسليم ، ويذكر نحوه عن إبراهيم النخعي، وقد أنكر أحمد السلام منه .
والمشهور من مذهب أحمد عند المتأخرين أنه يسلم له ،وبه قال إسحاق بن راهويه.ص٣٧- ٣٨
١٧-قد احتج الأئمة الأربعة بشرع من قبلنا، وذلك منصوص عنهم أنفسهم في غير موضع.ص٤١.
١٨-سجود الشكر مستحب عند تجدد النعم المنتظرة،وقد تظاهرت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بفعله في مواضع متعددة،وكذلك الصحابة، مع ورود الخبر السار عليهم بغتة،وكانوا يسجدون عقبه ،ولم يؤمروا بوضوء، ولم يُخبروا أنه لا يفعل إلا بوضوء، ومعلوم أن هذه الأمور تدهم العبد وهو على غير طهارة فلو تركها لفاتت مصلحتها. ص٤٢.
١٩-القاسم العُمري ضعيف ،وقد ضعفه أحمد والبخاري ويحيى بن معين وغيرهم.ص٤٨
٢٠-قال الخطابي في " معالمه" قلال هجر مشهورة الصّنعة معلومة المقدار ،لا تختلف كما لا تختلف المكاييل والصيعان ،وهو حجة في اللغة. ص٥٣
٢١-وكل شرط أو علة أو ضابط رجع على مقصود الشارع بالإبطال كان هو الباطل المحال.ص٦٥
٢٢-ودع الظاهرية البحتة ،فإنها تقسي القلوب، وتحجبها عن رؤية محاسن الشريعة وبهجتها، وما أودعته من الحكم والمصالح ،والعدل والرحمة.ص٦٧
٢٢-فلا يجوز تحريم ما أباحه وفَعَله قياسا على مانهى عنه ،ويعارض أحدهما بالآخر، بل يستعمل هذا وهذا في موضعه، وهذا في موضعه،ولا تضرب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضها ببعض.ص٦٩
٢٣-حديث النهي عن غمس اليد في الإناء عند القيام من النوم ليس فيه ما يدل على نجاسة الماء، وجمهور الأمة على طهارته،والقول بنجاسته من اشذ الشاذ، وكذا القول بصيرورته مستعملا ضعيف أيضا، وإن كان إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار القاضي وأتباعه،واختيار أبي بكر وأصحاب أحمد.ص٧٣
٢٤-وقد اختلف في النهي عنه-أي غمس اليد في الإناء عند القيام من النوم، فقيل : تعبد ،ويرد هذا القول : أنه معلل في الحديث بقوله" فإنه لا يدري أين باتت يده" .
وقيل معلل باحتمال النجاسة، كبثرة في يديه،أو مباشرة اليد لمحل الاستجمار ،وهو ضعيف أيضا، لأن النهي عام للمستنجي والمستجمر .
وقيل- وهو الصحيح- إنه معلل بخشية مبيت الشيطان على يده، أو مبيتها عليه، وهذه العلة نظير تعليل صاحب الشرع الاستنشاق بمبيت الشيطان على الخيشوم.ص٧٣.
٢٥-الشيطان خبيث يناسبه الخبائث، فإذا نام العبد لم يُر في ظاهر جسده أوسخ من خيشومه، فيستوطنه في المبيت.ص٧٤.
٢٦-خواص العلماء إلى اليوم لم يستقر لهم قدم على قول واحد في القلتين ؛ فمن قائل : ألف رطل بالعراقي، ومن قائل :ستمائة رطل ،ومن قائل :خمسمائة ،ومن قائل : أربعمائة. ص٧٨.
٢٧- الاحتياط يكون في الأعمال التي يترك المكلف منها عملا لآخر احتياطا،وأما الأحكام الشرعية والإخبار عن الله ورسوله، فطريق الاحتياط فيها أن لا يُخبر عنه إلا بما أخبر به، ولا يثبت إلا ما أثبته.ص٨١- ٨٢.
٢٨-ذكر حجج القائلين بحديث القلتين وكذلك المانعين من التحديد بالقلتين،وأطال وأفاض وكأنه بعرض حجج المانعين من التحديد يميل لقولهم ،والله أعلم.ص٤٤--٨٠.
٢٩-المنهال بن عمرو، كان ابن حزم يقول- أي فيه- : لا يقبل في باقة بقل ،ومن روايته رد حديث البراء الطويل في عذاب القبر ،والمنهال قد وثقه يحيى بن معين وغيره،والذي غر ابن حزم شيئان:
أحدهما: قول بن أحمد عن أبيه : تركه شعبة على عمد .
والثاني: أنه سمع من داره صوت طنبور، وقد صرح شعبة بهذه العلة، فقال العقيلي: عن وهيب قال : سمعت شعبة يقول: أتيت المنهال بن عمرو، فسمعت عنده صوت طنبور، فرجعت ولم أسأله ،قيل : فهلا سألته فعسى كان لا يعلم به .ص٨٥.
٣٠-وأما حكايته عن ابن جرير- أي أن فرض الرجلين المسح- فغلط بيّن ،وهذه كتبه وتفسيره كله يكذّب هذا النقل عليه، وإنما دخلت الشبهة لأن ابن جرير القائل بهذه القائل بهذه المقالة رجل آخر من الشيعة، يوافق في اسمه واسم أبيه،وقد رأيت له مؤلفات في أصول مذهب الشيعة وفروعهم .ص٩٤
٣١-قال عباس الدوري : قلت ليحيى بن معين: طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده،رأى جده النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال يحيى: المحدثون يقولون : قد رآه،وأهل بيت طلحة يقولون: ليست له صحبة.ص٩٥
٣٢-إسرائيل ابن يونس عن أبي إسحاق ،احتج به الشيخان وبقية الستة، ووثقه الأئمة الكبار، وقال فيه أبوحاتم: ثقة متقن من أتقن أصحاب أبي إسحاق،ووثقه ابن معين وأحمد،وكان يتعجب من حفظه.ص٩٧
٣٣-عامر بن شقيق ،قال النسائي: ليس به بأس، وروي عن ابن معين تضعيفه،روى له أهل السنن الأربعة.ص٩٧
٣٤-قال ابن حزم: حسان بن بلال مجهول .
قال ابن القيم: حسان روى عنه أبو قلابة ،وجعفر بن أبي وحشية، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، ومطر الوراق، وابن أبي المخارق ،وغيرهم ،وروى له الترمذي ،والنسائي ،وابن ماجه، قال علي بن المديني: كان ثقة. ولم يُحفظ فيه تضعيف لأحد.ص٩٨.
٣٥-قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور عنه ،قال ابن عيينة: لم يسمع عبدالكريم بن أبي المخارق من حسان بن بلال حديث التخليل، وذكر الحافظ ابن عساكر عن البخاري مثل ذلك، وقال الإمام أحمد: لا يثبت في تخليل اللحية حديث.ص٩٩.
٣٦-أبو حفص العبدي: وثقه أحمد ،وقال : لا أعلم إلا خيرا،ووثقه ابن معين ،وقال عبدالصمد بن عبدالوارث : ثقة وفوق الثقة .ص١٠١
٣٧-فائد أبي الورقاء متروك باتفاقهم ، وأبو غالب ضعفه النسائي ووثقه الدار قطني، وقال ابن معين : صالح الحديث، وصحح له الترمذي.ص١٠٥
٣٨-ياسين الزيات متروك عند النسائي والجماعة. ص١٠٦
٣٩-قال عمر بن الخطاب: من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله.ص١٠٧
٤٠-قال ابن حزم : أبو عبدالله الجدلي ،صاحب راية الكافر المختار، لا يعتمد على روايته.
قال ابن القيم : وهذا تعليل في غاية الفساد ، فإنا أبا عبدالله الجدلي قد وثقه الأئمة: أحمد ويحيى، وصحح الترمذي حديثه، ولا يعلم أحد من أئمة الحديث طعن فيه .
وأما كونه صاحب راية المختار ،فإن المختار إنما أظهر الخروج لأخذه بثأر الحسين والانتصار له من قتلته.
وقد طعن أبو محمد بن حزم في أبي الطفيل، ورد روايته بكونه صاحب راية المختار أيضا، مع أن أبا الطفيل كان من الصحابة، ولكن لم يكونوا يعلمون ما في نفس المختار وما يُسره، فردٌ رواية الصاحب والتابع الثقة بذلك باطل.ص١٠٩
٤١-قال ابن المنذر: يُروى المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: علي، وعمار، وأبي مسعود الأنصاري، وأنس، وابن عمر ،والبراء ،وبلال، وعبدالله بن أبي أوفى، وسهل بن سعد .
وزاد أبوداود: أبو أمامة، وعمرو بن حريث، وعمر، وابن عباس، فهؤلاء ثلاثة عشر صحابيا، والعمدة في الجواز على هؤلاء رضي الله عنهم لا على حديث أبي قيس.ص١١٤
٤٢-الإنصاف : أن تكتال لمنازعك بالصاع الذي تكتال به لنفسك ، فإن في كل شيء وفاء وتطفيفا.ص ١١٥
٤٣-قد نص أحمد على جواز المسح على الجوربين، وعلل رواية أبي قيس،وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة وصريح القياس، فإنه لا يظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يُحَال الحكم عليه،والمسح عليهما قول أكثر أهل العلم ،ولا يُعرف في الصحابة مخالف لمن سمينا.ص١١٥
٤٤-الضحاك بن عبدالرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى.ص١١٦
٤٥-الجلد الذي في أسفل الجورب لا يسمى نعلا في لغة العرب، ولا أطلق أحد عليه هذا الإسم.ص١١٦
٤٦-الذين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وعرفوا تأويله مسحوا على الجوربين،وهم أعلم الأمة بظاهر القرآن ومراد الله.ص١١٧
٤٧-المعروف بكتابة المغيرة هو مولاه ورّاد ،وقد خرج له في " الصحيحين ".ص١٢٠
٤٨-إذا اختلف عبدالله بن المبارك والوليد بن مسلم فالقول ما قال عبدالله. ص١٢١
٤٩-بقيّة ثقة في نفسه صدوق حافظ ،وإنما نقم عليه التدليس،مع كثرة روايته عن الضعفاء والمجهولين،وأما إذا صرح بالسماع فهو حجة.ص١٢٣
٥٠-قال مالك : أتدرون من بُسرة بنت صفوان ؟ هي جدة عبدالملك بن مروان أم أمه،فاعرفوها .
وقال مصعب الزبيري: هي بنت صفوان بن نوفل،من المبايعات، ورقه بن نوفل عمها .
وقد ظلم من تكلم في بسرة وتعدى.ص ١٢٥
٥١-عمرو بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث، وإذا روى عن غير أبيه لم يختلف أحد في الاحتجاج به، وأما روايته عن أبيه عن جده فالأكثرون على أنها متصلة، ليس فيها إرسال ولا انقطاع.ص١٢٦
٥٢-رجح ابن القيم حديث بسرة في النقض بمس الذكر على حديث طلق بعدم النقض من وجوه سبعة.ص١٢٧-١٢٨- ١٢٩
٥٣-قد أعل ابن المديني حديث جابر بن سمرة في الوضوء من لحوم الإبل .قال محمد بن أحمد بن البرّاء: قال علي : جعفر مجهول ،يريد جعفر بن أبي ثور راويه عن جابر .
وهذا تعليل ضعيف ،قال البخاري في "التاريخ" جعفر بن أبي ثور عن جده جابر بن سمرة .
قال البخاري : وقال أهل النسب: ولدُ جابر بن سمرة: خالد ،وطلحة، ومَسلمة وهو أبو ثور .
قال البيهقي: وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور ،وهو من ولد جابر بن سمرة ،روى عنه سماك بن حرب وعثمان بن عبدالله بن مَوهَب،وأشعث بن أبي الشعثاء.
قال ابن خزيمة: وهؤلاء الثلاثة من أجلة رواة الحديث.
قال البيهقي: ومن روى عنه مثل هؤلاء خرج من أن يكون مجهولا، ولهذا أودعه مسلم كتابه"الصحيح" .ص١٣٠-١٣١
٥٤-وعن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء .
قال ابن القيم: والصواب ما قاله أئمة الحديث الكبار،مثل يزيد بن هارون ،ومسلم ،والترمذي ،وغيرهم من أن هذه اللفظة وهم وغلط .ص١٤٠
٥٥- قال ابن حزم : عبدالوهاب بن عطاء منكر الحديث، وإسماعيل مجهول .
وليس الأمر كما قال أبو محمد ؛ فقد قال ابن معين في رواية الدوري : إنه ثقة ،وقال في رواية الدارمي وابن أبي خيثمة: ليس به بأس ،وقال أحمد: كان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه، وكان يعرفه معرفة قديمة ،وقال صالح بن محمد : أنكروا على الخفاف حديثا رواه لثور بن يزيد عن مكحول عن كريب عن ابن عباس في فضل العباس ،وما أنكروا عليه غيره ،فكان يحيى يقول : هذا موضوع ،وعبدالوهاب لم يقل فيه : حدثنا ثور، ولعله دلسه فيه ،وهو ثقة.ص١٤٢
٥٦- حديث "هذا المسجد حرام على كل جنب من الرجال وحائض من النساء ،إلا محمدا وأزواجه وعليا وفاطمة" هذا الاستثناء باطل موضوع، من زيادة بعض غلاة الشيعة،ولم يخرجه ابن ماجة في الحديث. ص١٤٣
٥٧-حديث أم سلمة - "إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة..الحديث"يدل على أنه ليس على المرأة أن تنقض شعرها لغسل الجنابة، وهذا باتفاق من أهل العلم، إلا ما حكي عن عبدالله بن عمرو وإبراهيم النخعي أنهما قالا : تنقضه، ولا يعلم لهما موافق ،وقد أنكرت عائشة على عبدالله قوله .
وأما نقضه في غسل الحيض فالمنصوص عن أحمد أنها تنقضه فيه.وحملته طائفة على الاستحباب، وهو قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة.
٥٨-أمر في غسل الحيض بثلاثة أشياء لم يأمر بها في غسل الجنابة : أخذ السدر ،والفرصة الممسكة، ونقض الشعر.ص١٤٦
٥٩-حديث الثوري عن أيوب بن موسى، وفيه" أفأنقضه للحيضة والجنابة" من أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة -أي للحيضة- ليست محفوظة في الحديث.
ص١٤٨
٦٠-قد بينا أن غسل الحيض آكد الأغسال، وأمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يأمر به في سواه من زيادة التطهر والمبالغة فيه. ص١٤٩
٦١-أكثر أئمة الحديث يقول :حديث إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيح،ونص عليه أحمد بن حنبل.ص١٥٠
٦٢-عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب أُخرج له في "الصحيحين" ووثقه النسائي. ص١٥١
٦٣- حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : "يتصدق بدينار أو نصف دينار"
أبو محمد بن حزم أعل الحديث بمقسم وضعفه،وهو تعليل فاسد، وإنما علته المؤثرة وقفه. ص١٥١
٦٤-شريك القاضي، احتج به أهل السنن الأربعة، واستشهد به البخاري ،وروى له مسلم في المتابعات .ص ١٥٢
٦٥-عبدالملك بن حبيب أحد الأئمة الأعلام ،ولم يلتفت الناس إلى قول ابن حزم فيه.ص١٥٣
٦٦-عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ،احتج به الأئمة الستة ولم يُذكر بضعف.ص١٥٣
٦٧-موسى بن أيوب النصيبي الأنطاكي ،روى عنه أبو زرعة وأبوحاتم الرازيان وأحمد بن صالح العجلي ،وقال : ثقة،وقال أبو حاتم: صدوق .روى له أبوداود والنسائي. ص١٥٤
٦٨-الراوي إنما يُخشى منه تفرده بما لا يتابع عليه، فأما إذا روى ما رواه الناس وكان لروايته شواهد ومتابعات، فإن أئمة الحديث يقبلون حديث مثل هذا ولا يردونه ولا يعللونه بالجهالة، فإذا صار إلى معارضة ما رواه لما هو أثبت منه وأشهر عللوه بمثل الجهالة والتفرد، ومن تأمل كلام الأئمة رأى فيه ذلك ،فيظن أن ذلك تناقض منهم، وهو بمحض العلم والذوق والوزن المستقيم، فيجب التنبه لهذه النكتة، فكثيرا ما تمر بك في الأحاديث ويقع الغلط بسببها.ص ١٥٦
٦٩- مخرمة بن بكير ،قال أحمد وابن معين : إنه لم يسمع من أبيه شيئا، إنما يروي عن كتاب أبيه، ولكن قال أحمد : هو ثقة،وقال أبوحاتم الرازي : سألت إسماعيل بن أبي أويس : هذا الذي يقول مالك : حدثني الثقة ،من هو ؟ قال مخرمة بن بكير بن الأشج.
ص١٥٦
٧٠- أم ذرة مدنية ،روت عن مولاتها عائشة وعن أم سلمة، وروى عنها محمد بن المنكدر وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص.ص ١٥٧
٧١-المنذر بن المغيرة جهله أبوحاتم ،ولا يضره ذلك،فإن أبا حاتم الرازي يجهل رجالا وهم ثقات معروفون، وهو متشدد في الرجال ،وقد وثق المنذر جماعة وأثنوا عليه وعرفوه.ص ١٦٠
٧٢-عبدالله بن محمد بن عقيل ،ثقة صدوق لم يُتكلم فيه بجرح أصلا، وكان الإمام أحمد والحميدي وإسحاق يحتجون بحديثه، والترمذي يصحح له،وإنما يخشى من حفظه إذا تفرد عن الثقات أو خالفهم ،فأما إذا لم يخالف الثقات ولم يتفرد بما ينكر عليه فهو حجة.ص١٦٢
٧٣-زهير بن محمد احتج به الشيخان وباقي الستة،وعن الإمام أحمد فيه أربع روايات : إحداها: أنه ثقة، والثانية: مستقيم الحديث، والثالثة:مقارب الحديث، والرابعة: ليس به بأس.
وعن يحيى بن معين فيه ثلاث روايات:إحداها: صالح لا بأس به،والثانية ثقة، والثالثة:ضعيف .
وقال البخاري: ماروى عنه أهل الشام فإنه مناكير،وماروى عنه أهل البصرة فإنه صحيح .ص١٦٦
٧٤-زينب بنت جحش زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن مستحاضة،وإنما المعروف أن أختيها أم حبيبة وحمنة هما اللتان استُحيضتا.ص١٦٨
٧٥-زينب بنت أبي سلمة، معروفة الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أمها وأم حبيبة وزينب، وقد حفظت عن النبي ودخلت عليه وهو يغتسل،فنضح في وجهها ،فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت.ص١٦٩
٧٦-حديث علي "انكسرت إحدى زنديه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح على الجبائر" هو من رواية عمرو بن خالد، وهو متروك. رماه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين بالكذب ، وذكر ابن عدي عن وكيع قال : كان عمرو بن خالد في جوارنا يضع الحديث، فلما فطن له تحول إلى واسط، وقد سرقه عمر بن موسى بن وجيه، فرواه عن زيد بن علي مثله،وعمر هذا متروك بالنسبة إلى الوضع،وروي بإسناد آخر لا يثبت.
قال البيهقي: وصح عن ابن عمر المسح على العصابة موقوفا عليه،وهو قول جماعة من التابعين.ص١٧٣-١٧٤
آخر كتاب الطهارة .
٧٧-قال أبوداود في رواية ابن داسة: شداد مولى عياض لم يدرك بلالا .ص١٧٥
٧٨-التغليظ الذي رُوي في المار بين يدي المصلي إنما أريد بذلك إذا كان المصلي يصلي إلى سترة، دون الذي يصلي إلى غير سترة يستتر بها.ص١٨٢
٧٩-عبدالحميد بن جعفر قد وثقه يحيى بن معين في جميع الروايات عنه،ووثقه الإمام أحمد أيضا،واحتج به مسلم في "صحيحه" ولم يُحفظ عن أحد من الأئمة تضعيفه بما يوجب سقوط روايته،فتضعيفه بذلك مردود على قائله، وحتى لو ثبت عن أحد منهم إطلاق الضعف عليه،لم يقدح ذلك في روايته مالم يبين سبب ضعفه، وحينئذ ُيُنظر فيه هل هو قادح أم لا؟ وهذا إنما يحتاج إليه عند الاختلاف في توثيق الرجل وتضعيفه، وأما إذا اتفق أئمة الحديث على تضعيف رجل لم يحتج إلى ذكر سبب ضعفه، هذا أولى ما يقال في مسألة التضعيف المطلق .ص١٩١
٨٠-تضعيف محمد عمرو بن عطاء؛ففي غاية الفساد، فإنه من كبار التابعين المشهورين بالصدق والأمانة والثقة، وقد وثقه أئمة الحديث، كأحمد ،ويحيى بن سعيد ،ويحيى بن معين ،وغيرهم ،واتفق صاحبا الصحيح على الاحتجاج به.ص١٩١
٨١-ولو كان كل رجل ضعفه رجل سقط حديثه لذهبت عامة الأحاديث الصحيحة من أيدينا ،فقل رجل من الثقات إلا وقد تكلم فيه آخر.ص١٩٢
٨٢-قال البيهقي: أجمع أهل التواريخ على أن أبا قتادة الحارث بن رِبعي بقي إلى سنة أربع وخمسين ،وقيل : بعدها.ص١٩٣
٨٣-عطاف بن خالد فلم يرض أصحاب الصحيح إخراج حديثه ،ولا هو مما يعارض به الثقات الأثبات، قال مالك: ليس هو من جمال المحامل.ص١٩٨
٨٤-ولو كان كل من غلط ونسي واشتبه عليه اسم رجل بآخر سقط حديثه لذهبت الأحاديث ورواتها من أيدي الناس.ص٢٠٢
٨٥- قال الحاكم: عاصم بن كُليب لم يخرّج حديثه في الصحيح.
وليس كما قال ،فقد احتج به مسلم ،إلا أنه ليس في الحفظ كابن شهاب وأمثاله.ص٢٠٥
٨٦-إنكار سماع عبدالرحمن بن الأسود من علقمة ليس بشيء، فقد سمع منه وهو ثقة،وأدخل على عائشة وهو صبي.ص٢٠٥
٨٧- يزيد بن أبي زياد الهاشمي: فلو قدر أنه من الحفاظ الأثبات، وقد اختلف حديثه،لوجب تركه والرجوع إلى الأحاديث الثابتة التي لم تختلف ،مثل حديث الزهري عن سالم عن أبيه ونحوها.ص٢٠٩
٨٨-قال الحاكم: إبراهيم بن بشار ثقة مأمون ،وقال ابن معين : ليس بشيء ،وقال أحمد : يأتي عن سفيان بالطامات،حتى كأنه ليس بسفيان.ص ٢٠٩.
٨٩-قال ابن القطان :وقطن بن نُسير - وإن كان روى عنه مسلم- فكان أبوزرعة يحمل عليه،ويقول: روى عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس أحاديث مما أُنكر عليه.وجعفر أيضا مختلف فيه.ص٢١١
٩٠- وثق البخاري ابن إسحاق وأثنى عليه، واحتج بحديثه فيه، -أي في كتاب "القراءة خلف الإمام"-.ص٢١٣
٩١-قال البيهقي:أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقة،فترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر، أذا لم يعارضه ما هو أصح منه .ص٢١٦
٩٢-وأما حديث جابر يرفعه"من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" فله علتان:
إحداهما: أن شعبة والثوري وابن عيينة وأبا عوانة وجماعة من الحفاظ رووه عن موسى بن أبي عائشة ،عن عبدالله بن شدّاد مرسلا.
والعلة الثانية: أنه لا يصح رفعه،وإنما المعروف وقفه.ص٢١٦-٢١٧
٩٣-عبدالجبار بن وائل : مسلم أخرج له من روايته عن أخيه علقمة عن أبيه وائل بن حجر.ص٢٢٠
٩٤-المعروف عن سعد أن المنسوخ هو قصة التطبيق ووضع الأيدي على الركب ،ولعل بعض الرواة غلط فيه من وضع اليدين على الركبتين إلى وضع اليدين قبل الركبتين.ص ٢٢٢
٩٥-قال ابن المنذر : وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :
-فممن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه: عمر بن الخطاب ،وبه قال النخعي ،ومسلم بن يسار ،والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، وأبوحنيفة وأصحابه،وأهل الكوفة .
وقالت طائفة: يضع يديه قبل ركبتيه ،قاله مالك،وقال الأوزاعي : أدركت الناس يضعون أيديَهم قبل ركبهم،وروي عن ابن عمر فيه حديث.ص٢٢٢
قال ابن القيم: والراجح البداءة بالركبتين لوجوه .ص٢٢٣
٩٦-عبدالله بن سعيد المقبري، قال أحمد والبخاري :متروك.ص٢٢٣
٩٧-لاشك أن القيام : قيام القراءة، وقعود التشهد يزيدان في الطول على بقية الأركان ،ولما كان صلى الله عليه وسلم يوجز القيام ويستوفي بقية الأركان صارت صلاته قريبا من السواء.ص ٢٢٥
٩٨-وأحاديث أنس كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركوع والسجود والاعتدالين زيادة على ما يفعله أكثر الأئمة ويعتادونه.ص ٢٢٧
٩٩-مارواه مسلم في "صحيحه" من حديث جابر بن سمرة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ب﴿قۤۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِیدِ﴾، وكانت صلاته بعد تخفيفا،فالمراد -والله أعلم- أن صلاته كانت بعد الفجر تخفيفا، يعني أنه كان يطيل قراءة الفجر ويخفف قراءة بقية الصلوات،لوجهين:
أحدهما: أن مسلما روى في "صحيحه " عن سماك بن حرب قال: سألت جابر بن سمرة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال : كان يخفف الصلاة ولا يصلي صلاة هؤلاء،قال : وأنبأني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ب﴿قۤۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِیدِ﴾ونحوها،فجمع بين وصف صلاة رسول الله بالتخفيف وأنه كان يقرأ في الفجر ب﴿قۤۚ}
الثاني: أن سائر الصحابة اتفقوا على أن هذه كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ما زال يصليها، ولم يذكر أحد أنه نقص في آخر أمره من الصلاة.ص٢٣٢
١٠٠-ما من فعل في الغالب إلا ويسمى تخفيفا بالنسبة إلى ما هو أطول منه ،وطويلا بالنسبة إلى ما هو أخف منه،فلا يمكن تحديد التخفيف المأمور به في الصلاة باللغة ولا بالعرف، لأنه ليس له عادة في العرف، كالقبض والحرز والإحياء والاصطياد، حتى يُرجع فيه إليه، بل هو من العبادات التي يُرجع في صفاتها ومقادرها إلى الشارع ،كما يرجع إليه غي أصلها، ولو جاز الرجوع فيه إلى العرف لاختلفت الصلاة الشرعية اختلافا متباينا لا ينضبط، ولكان لكل أهل عصر ومصر -بل لأهل الدرب والسكة- وكل محل وكل طائفة غرض وعرف وإرادة في مقدار الصلاة يخالف عرف غيرهم،وهذا يفضي إلى تغيير الشريعة،وجعل السنة تابعة لأهواء الناس،فلا يُرجع في التخفيف المأمور به إلا إلى فعله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يصلي وراءه الضعيف والكبير وذو الحاجة، وقد أمرنا بالتخفيف لأجلهم،فالذي كان يفعله هو التخفيف، إذ من المحال أن يأمر بأمر ويعلله بعلة، ثم يفعل خلافه مع وجود تلك العلة، إلا أن يكون منسوخا.ص٢٣٣- ٢٣٥

١٠١-القصر قصران: قصر الأركان،وقصر العدد؛ فإن اجتمع السفر والخوف ،اجتمع القصران،وإن انفرد السفر وحده شرع قصر العدد، وإن انفرد الخوف وحده،شرع قصر الأركان.ص٢٤١
١٠١-ومعلوم أن الناس لم يكونوا ينفرون من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ممن يصلي بقدر صلاته،وإنما ينفرون ممن يزيد في الطول على صلاته، فهذا الذي يُنفّر.
وأما إن قدّر نفور كثير ممن لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، وكثير من الباطولية الذين يعتادون النقر كصلاة المنافقين ،وليس لهم في الصلاة ذوق ولا لهم فيها راحة، بل يصليها أحدهم استراحة منها لا بها، فهؤلاء لا عبرة بنفورهم، فإن أحدهم يقف بين يدي المخلوق معظم اليوم ،ويسعى في خدمته أعظم السعي، فلا يشكو طول ذلك ولا يتبرم به، فإذا وقف بين يدي ربه في خدمته جزءا يسيرا من الزمان، وهو أقل القليل بالنسبة إلى وقوفه في خدمة المخلوق استثقل ذلك الوقوف،واستطال وشكا منه، وكأنه واقف على الجمر يتلوّى ويتقلى، ومن كانت هذه كراهته لخدمة ربه والوقوف بين يديه، فالله تعالى أكرَه لهذه الخدمة منه .والله المستعان.ص٢٤٣
١٠٢-قد جمع -رحمه الله- بين ما ثبت أنه قرأ بسور طويلة في بعض الصلوات ،وما ورد أنه أمر بالتخفيف وأنه كان يوجز في صلاته مع تمام في عدة أوراق فراجعها من هذا الكتاب فإنها مهمة.ص٢٢٥=٢٤٣
١٠٣-السعدي عن أبيه ،-أو عن عمه-، قال ابن القطان: ما منهم من يُعرف، وقد ذكر ابن السكن في "كتاب الصحابة" في الباب الذي ذكر فيه رجالا لا يُعرفون.ص٢٤٣
١٠٤-عن وائل بن حجر قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ (ولا الضالين) قال: آمين، ورفع بها صوته .
هذا الحديث رواه شعبة وسفيان، فأما سفيان فقال:"ورفع بها صوته"،وأما شعبة فقال: "خفض بها صوته" ذكره الترمذي.قال البخاري : حديث سفيان أصح، وأخطأ شعبة في قوله: "خفض بها صوته" .
وفي هذا الحديث أمور أربعة:
أحدها: اختلاف شعبة وسفيان في "رفع وخفض"
الثاني: اختلافهما في"حُجر"،فشعبة يقول:" حجر أبو العنس" والثوري يقول:" حجر بن عنبس" وصوب البخاري وأبوزرعة قول الثوري .
الثالث: أنه لا يعرف حال حُجر.
الرابع: أن الثوري وشعبة اختلفا، فجعله الثوري من رواية حُجر، عن وائل بن حجر ،وشعبة جعله من رواية حُجر عن علقمة بن وائل، عن وائل، والدار قطني ذكر رواية الثوري وصححها ولم يره منقطعا يزيادة شعبة علقمة بن وائل في الوسط،وفيه نظر، ولهذه العلة لم يصححه الترمذي. والله أعلم.ص٢٤٤-٢٤٥
١٠٥-حديث "الجمعة على من سمع النداء" قال عبدالحق: الصحيح أنه موقوف .وفيه أبو سلمة بن نُبيه،قال ابن القطان : لا يعرف بغير هذا ،وهو مجهول، وفيه أيضا محمد بن سعيد الطائفي، مجهول عند ابن أبي حاتم،ووثقه الدار قطني، وفيه أيضا قبيصة،قال النسائي: كثير الخطأ،وأطلق، وقيل: كثير الخطأ على الثوري، وقيل: هو ثقة إلا في الثوري.ص٢٤٧
١٠٦-أبو واقد الليثي اسمه الحارث بن عوف على المشهور.ص٢٤٧
١٠٧-وقد اتفقت الأمة على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من الصحابة،مع أن عامتها مرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتنازع في ذلك اثنان من السلف وأهل الحديث والفقهاء.ص٢٤٩
١٠٨-أبو قدامة، واسمه الحارث بن عُبيد، قال الإمام أحمد: مضطرب الحديث، وقال يحيى بن معين: ضعيف ،وقال النسائي: صدوق عنده مناكير ،وقال البستي: كان شيخا صالحا ممن كثر وهمه.ص٢٥٢
١٠٩وقد روى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم عن بعض، فلم يحلف بعضهم بعضا.ص٢٥٤
١١٠- قال البخاري في " التاريخ الكبير ":عبدالرحمن بن يزيد بن تميم السّلمي الشامي، عن مكحول، سمع منه الوليد بن مسلم، عنده مناكير ،ويقال: هو الذي روى عنه أهل الكوفة، أبو أسامة وحسين ،فقالوا: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر . وابن تميم أصح .ص٢٥٦.
انتهت الفوائد من كتاب الصلاة.
١١١- إنما أسقط الصدقة من الخيل والرقيق إذا كانت للركوب والخدمة، فأما ما كان منها للتجارة ففيه الزكاة في قيمتها.ص٢٦٣
١١٢-قال علي بن المديني: بهز بن حكيم ،عن أبيه،عن جده صحيح.
وكذا قال الإمام أحمد.ص٢٦٦
١١٣- وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت نسخها بحجة،وعمل بها الخلفاء بعده.ص٢٦٦
١١٤- العقوبة إنما تسوغ إذا كان المعاقَب متعديا بمنع واجب أو ارتكاب محظور،وأما ما تولد من غير جنايته وقصده، فلا يسوّغ أحد عقوبته عليه، وقول من حمل ذلك على سبيل التوعد دون الحقيقة في غاية الفساد، يُنزه عن مثله كلام النبي صلى الله عليه وسلم.ص٢٦٧
١١٥- وفي الرواة خمسة كل منهم اسمه ثابت بن قيس لا نعرف فيهم من تُكُلم فيه غيره- أي أبو الغصن ،ثابت بن قيس المدني الغفاري .ص٢٦٩
١١٦-قال ابن المديني:الحسن لم يسمع من ابن عباس ،لأن ابن عباس كان بالبصرة في أيام علي ،والحسن البصري في أيام عثمان وعلي كان بالمدينة.ص٢٧٠
١١٧- وتفسير من فسر اليد العليا بالآخذة ،باطل قطعا من وجوه:
أحدها: أن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها بالمنفقة يدل على بطلانه .
الثاني: أن صلى الله عليه وسلم أخبر أنها خير من اليد السفلى، ومعلوم بالضرورة أن العطاء خير وأفضل من الأخذ، فكيف تكون يد الآخذ أفضل من يد المعطي .
الثالث: أن يد المعطي أعلى من يد السائل حسا ومعنى، وهذا معلوم بالضرورة.
الرابع: أن العطاء صفة كمال دال على الغنى والكرم والإحسان والمجد ،والأخذ صفة نقص، مصدره عن الفقر والحاجة، فكيف تُفضل يد صاحبه على يد المعطي؟ هذا عكس الفطرة والحس والشريعة.والله أعلم. ص٢٧٥
انتهت الفوائد من كتاب الزكاة .
١١٨-ولم يقل أحد من الأئمة الفتوى أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام إلا رواية جاءت عن عمر بن الخطاب. ويحتمل أن يكون الذي قال له عمر ذلك موسرا، وقد روي عن عمر أن اللقطة تعرف سنة،مثل قول الجماعة، وحكى في "الحاوي" عن شواذ من الفقهاء أنه يلزمه أن يعرفها ثلاثة أحوال.ص٢٧٨
١١٩-قال بعضهم: الفرق بين لقطة مكة وغيرها: أن الناس يتفرقون من مكة،فلا يمكن تعريف اللقطة في العام،فلا يحل لأحد أن يلتقط لقطتها إلا مبادرا إلى تعريفها قبل تفرق الناس، بخلاف غيرها من البلاد .ص٢٧٩
انتهت الفوائد من كتاب اللقطة
١٢٠-قال ابن القطان:محمد بن علي بن عبدالله بن عباس إنما هو معروف الرواية عن أبيه، عن جده ابن عباس، ولا أعلم روى عن جده إلا هذا الحديث،يعني "وقت لأهل المشرق العقيق" وأخاف أن يكون منقطعا.ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه روى عن جده، وقال مسلم في كتاب"التمييز" لم يعلم له سماع من جده ولا أنه لقيه.ص٢٨٠-٢٨١
١٢١-حديث عائشة"ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر يوم النحر"
ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج بنسائه كلهن،وهن يومئذ تسع، وكلهن كن متمتعات حتى عائشة، فإنها قرنت،فإن كان الهدي متعددا فلا إشكال،وإن كان بقرة واحدة بينهن ،وهن تسع،فهذا حجة لإسحاق ومن قال بقوله: أن البدنة تجزئ عن عشرة،وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وقد ذهب ابن حزم إلى أن هذا الاشتراك في البقرة إنما كان بين بين ثمان نسوة.ص٢٨٣
١٢٢-قال ابن القطان: جهم بن الجارود لا يعرف حاله،ولا يعرف له راو إلا أبو عبدالرحيم خالد بن أبي يزيد.قال : وبذلك ذكره البخاري وأبوحاتم.ص٢٨٥
١٢٣-وفصل النزاع: أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع،ويوم النحر أفضل أيام العام، فيوم النحر مفضل على الأيام كلها التي فيها الجمعة وغيرها، ويوم الجمعة مفضل على أيام الأسبوع،فإن اجتمعا في يوم تظاهرت الفضيلتان، وإن تباينا،فيوم النحر أفضل وأعظم لهذا الحديث -يعني حديث عبدالله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعظم الأيام عند الله يوم النحر ..الحديث-.
١٢٤-والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر عائشة أن تهل بالحج لما حاضت، كما أخبرت بذلك عن نفسها، وأمرها أن تدع العمرة وتهل بالحج،وهذا كان بسرف،قبل أن يأمر أصحابه بفسخ حجهم إلى العمرة،فإنه إنما أمرهم بذلك على المروة.
ومن تأمل أحاديثها علم أنها أحرمت أولا بعمرة ،ثم أدخلت عليها الحج فصارت قارنة ،ثم اعتمرت من التنعيم عمرة مستقلة تطييبا لقلبها. ص٢٨٨
١٢٥-والصواب أن ما أحرم به صلى الله عليه وسلم كان أفضل،وهو القران،ولكن أخبر أنه لو استقبل من أمره ما استدبر لأحرم بعمرة،وكان حينئذ موافقة لهم في المفضول،تأليفا لهم وتطييبا لقلوبهم ،كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، وإدخال الحجر فيها ،وإلصاق بابها بالأرض، تأليفا لقلوب الصحابة الحديثي العهد بالإسلام،خشية أن تنفر قلوبهم.
وعلى هذا فيكون الله تعالى قد جمع له الأمرين : النسك الأفضل الذي أحرم به،وموافقته لأصحابه بقوله "لو استقبلت" فهذا بفعله،وهذا بتبيينه،وقوله،وهذا الأليق بحاله صلوات الله وسلامه عليه .ص٢٩٢
١٢٦-عند النسائي عن سراقة :"تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه،فقلنا: ألنا خاصة أم للأبد؟ قال :بل للأبد" .وهو صريح في أن العمرة التي فسخوا حجهم إليها لم تكن مختصة بهم،وأنها مشروعة للأمة إلى يوم القيامة.
وقول من قال : إن المراد به السؤال عن المتعة في أشهر الحج ،لا عن عمرة الفسخ باطل من وجوه عشرين ذكرها، من ص٢٩٣--٣٠٣
١٢٧-قال سلمة بن شبيب للإمام أحمد: يأبا عبدالله كل شيء منك حسن إلا خصلة واحدة، تقول بفسخ الحج إلى العمرة؟! فقال : ياسلمة ،كان يبلغني عنك أنك أحمق ،وكنت أدافع عنك،والآن علمت أنك أحمق! عندي في ذلك بضعة عشر حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعها لقولك.ص٢٩٥
١٢٨-الشريعة قد استقرت -ولا سيما في المناسك على قصد مخالفة المشركين ،فالنسك المشتمل على مخالفتهم أفضل بلا ريب .ص٢٩٧
١٢٩-القياس أنه إذا اجتمعت عبادتان كبرى وصغرى ،فالسنة تقديم الصغرى على الكبرى منهما ،ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ في غسل الجنابة بالوضوء أولا، ثم يتبعه الغسل .ص٣٠٣
١٣٠-ابن المسيب إذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حجة، قال الإمام أحمد: إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر ،فمن يُقبل .ص٣٠٦
١٣١-ليس أبو شيخ مما يُعارض به كبار الصحابة الذين رووا القران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإخباره أن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، وأجمعت الأمة عليه.ص٣١١
١٣٢-من المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر بعد حجته قط،هذا ما لا يشك فيه من له أدنى إلمام بالعلم،وهو صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بامتثال أمر ربه،فلو كان أمر أن يعتمر بعد الحج كان أولى الخلق بالمبادرة إلى ذلك، ولا ريب أنه اعتمر مع حجته،فكانت عمرته مع الحج لا بعده قطعا .ص٣١٣
١٣٣-كان الصحابة يسمون القران تمتعا ،كما في الصحيحين من حديث ابن عمر .وحديث علي : أن عثمان لما نهى عن المتعة، قال علي : لبيك بهما، وقال : لم أكن لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد.ص٣١٩
١٣٤-قال الإمام أحمد: لا أشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنا .
ومن قال : أفرد الحج ،لم يقل أفرد إهلال الحج وإنما مراده أنه اقتصر على أعمال الحج ودخلت عمرته في حجه،فلم يفرد كل واحد من النسكين بعمل،ولهذا أخبر أيضا أن قرن،فُعلم أن مراده بالإفراد ما ذكرنا .
ومن قال : تمتع،أراد به التمتع العام الذي يدخل فيه القران بنص القرآن،في قوله تعالى"فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي" والقارن داخل في هذا النص، فتمتع صلى الله عليه وسلم بترفهه بسقوط أحد السفرين، وقرن بجمعه في إهلاله بين النسكين، وأفرد فلم يطف طوافين ولم يسع سعيين ،ومن تأمل الأحاديث الصحيحة في هذا الباب جزم بهذا، وهذا فصل النزاع،والله أعلم .ص٣١٩
١٣٥-معاوية إنما أسلم يوم الفتح مع أبيه،فلم يقصر عن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية، ولا عمرة القضية،والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن محرما في الفتح،ولم يحل إحرامه في حجة الوداع بعمرة، فتعين أن يكون ذلك -يعني التقصير- في عمرة الجعرانة.ص٣٢٠
١٣٦-قال عبدالله بن أحمد : سألت أبي عن حديث بلال بن الحارث المزني في فسخ الحج؟فقال: لا أقول به،وليس إسناده بالمعروف ،ولم يروه إلا الدراوردي وحده- يعني حديث: قلت : يارسول الله ،فسخ الحج لنا خاصة،أو لمن بعدنا؟ قال: لكم خاصة.ص٣٣٠
١٣٧-قال ابن القيم: في معنى التلبية ثمانية أقوال:
أحدها: إجابة لك بعد إجابة، ولهذا المعنى كررت التلبية إيذانا بتكرير الإجابة. ص٣٣٣-٣٣٤
١٣٨-اختلف النحاة في الياء في "لبيك" فقال سيبويه: هي ياء التثنية، وهو من المُلتزم نصبه على المصدر، كقولهم: حمدا وشكرا وكرامةً ومسرةً.
وقال يونس: هو مفرد ،والياء فيه مثل الياء في "عليك وإليك ولديك".
وقال طائفة من النحاة: أصل الكلمة لباًّ لباًّ، أي إجابة بعد إجابة،فثقل عليهم تكرار الكلمة،فجمعوا بين اللفظين ليكون أخف عليهم،فجاءت التثنية وحُذف التنوين لأجل الإضافة.ص٣٣٥-٣٣٦
١٣٩-وقد اشتملت كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة. ذكر منها إحدى وعشرين قاعدة وفائدة.ص٣٣٦--٣٤٣
١٤٠-قولك"لبيك"،يتضمن إجابة داع دعاك ومناد ناداك،ولا يصح في لغة ولاعقل إجابة من لا يتكلم ولا يدعو .ص٣٣٦
١٤١-التلبية شعار التوحيد وملة إبراهيم ،الذي هو روح الحج ومقصده،بل روح العبادات كلها والمقصود منها،ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يُدخل فيها بها.ص٣٣٧
١٤١-التلبية متضمنة لمفتاح الجنة وباب الإسلام الذي يُدخل منه إليه،وهو كلمة الإخلاص والشهادة لله بأنه لا شريك له.ص٣٣٨
١٤٢-التلبية مشتملة على الحمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله،وأول من يدعى إلى الجنة أهله،وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها.ص٣٣٨
١٤٣-رخص صلى الله عليه وسلم في لبس الخفين عند عدم النعلين ولم يذكر فدية، ورخص في حديث كعب بن عجرة في حلق رأسه مع الفدية،وكلاهما محظور بدون العذر .
والفرق بينهما: أن أذى الرأس ضرورة خاصة لاتعم، فهي رفاهية للحاجة ،وأما لبس الخفين عند عدم النعلين فبدل يقوم مقام المُبدل،والمبدل -وهو النعل-لا فدية فيه،فلا فدية في بدله،وأما حلق الرأس فليس ببدل،وإنما هو ترفه للحاجة،فجبر بالدم .ص٣٤٥
١٤٤-اختلف الفقهاء في قطع الخفين إذا لم يجد النعلين،هل هو واجب أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه واجب،وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد.
والثاني: أن القطع ليس بواجب وهو أصح الروايتين عن أحمد،ويروى عن علي بن أبي طالب، وهو قول أصحاب ابن عباس، وعطاء،وعكرمة،وهذه الرواية أصح .
١٤٥-وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة ووجهها عند الإحرام،إلا النهي عن النقاب،وهو كالنهي عن عن القفازين ،فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء .وهذا واضح بحمد الله،وقد ثبت أن أسماء كانت تغطي وجهها وهي محرمة.
واشتراط المجافاة عن الوجه كما ذكره القاضي وغيره ضعيف لا أصل له دليلا ولا مذهبا.
فإن قيل : فما تصنعون بالحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إحرام الرجل في رأسه ،وإحرام المرأة في وجهها"
فجعل وجه المرأة كرأس الرجل ،وهذا يدل على وجوب كشفه؟
قيل: الحديث لا أصل له ،ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها،ولا يعرف له إسناد،فلا تقوم به حجة،ولا يترك له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها،وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو كالنقاب والبرقع ونحوها،لا مطلق الستر كاليدين .ص٣٥٣-٣٥٤
١٤٦-حديث (ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفازين) تعليل حديث ابن عمر في القفازين بأنه من قوله ،فإنه تعليل باطل ،وقد رواه أصحاب الصحيح والسنن والمسانيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث نهيه عن لبس القمص والعمائم والسراويلات وانتقاب المرأة ولبسها القفازين،ولا ريب عند أحد من أئمة الحديث أن هذا كله حديث واحد من أصح الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا إليه ،ليس من كلام ابن عمر .ص٣٥٦
١٤٧-عن سعيد بن المسيب قال: وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم .ص٣٥٩
١٤٨-وقد اختلف الناس قديما وحديثا في هذه المسألة - يعني أكل المحرم ماصاده الحلال من الصيد، وأشكلت الأحاديث فيها :
-فكان عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير يرون للمحرم أكل ما صاده الحلال من الصيد،وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
- وقالت طائفة: لحم الصيد حرام على المحرم بكل حال،وهذا قول علي وابن عباس وابن عمر.
- وقال طائفة: ما صاده الحلال للمحرم ومن أجله فلا يجوز أكله،ومالم يصده من أجله،بل صاده لنفسه أو لحلال لم يحرم على المحرم أكله،وهذا قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم ،وقول إسحاق وأبي ثور.قال ابن عبدالبر: وهو الصحيح عن عثمان في هذا الباب .وآثار الصحابة كلها في هذا الباب إنما تدل على هذا التفصيل .ص٣٦٣-٣٦٤
١٤٩-اختلف العلماء من الصحابة فمن بعدهم فيمن مُنع من الوصول إلى البيت بمرض أو كسر أو عرج هل حكمه حكم المحصر بالعدو في جواز التحلل؟
فروي عن ابن عباس وابن عمر: أنه لا يُحله إلا الطواف بالبيت،وهو قول مالك والشافعي وأحمد في المشهور من مذهبه.
-وروي عن ابن مسعود أنه كالمحصر بالعدو،وهو قول عطاء والثوري وأبي حنيفة وأصحابه،وأحمد في الرواية الأخرى عنه .
قلت: قد قوى ابن القيم القول الثاني بإيراد الأدلة والتعليلات والرد على أصحاب القول الأول .
ص٣٦٦--٣٦٩
١٥٠-هذه ثلاثة أنواع صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم-أي في الحجر الأسود- تقبيله ،وهو أعلاها، واستلامه وتقبيل يده، والإشارة إليه بالمحجن وتقبيله.٣٧٢
قلت: وقد ساق الأحاديث فيما يتعلق بالركنين اليمانين وما ورد فيهما فلتراجع .ص٣٧٠--٣٧٣.
١٥١-اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب:
-أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين،روي ذلك عن علي وابن مسعود، وهو قول الثوري، وأبي حنيفة،وإحدى الروايات عن الإمام أحمد.
-الثاني:أن عليهما كليهما طوافا واحدا وسعيا واحدا ،نص عليه أحمد في رواية ابنه عبدالله،وهو ظاهر حديث جابر.
الثالث:أن على المتمتع طوافين وسعيين،وعلى القارن سعي واحد،وهذا هو المعروف عن عطاء ،وطاوس، وهو مذهب مالك والشافعي ،وظاهر مذهب أحمد ،وحجتهم حديث عائشة.ص٣٧٥-٣٧٦
١٥٢-الذين قرنوا من أصحابه كلهم حلوا بعمرة إلا من ساق الهدي من سائرهم ،وهم آحاد يسيرة،لم يبلغوا العشرة بل ولا الخمسة.ص٣٧٧
١٥٣-الحطيم فيه أقوال: أحدها: أنه ما بين الركن والباب ،وهو الملتزم ،وقيل: مابين الركن والمقام والحجر، وقيل: هو جدار الحجر ،لأن البيت رفع وترك هذا الجدار محطوما،والصحيح: أن الحطيم الحِجْر نفسه،وهو الذي ذكره البخاري في "صحيحه" ،واحتج عليه بحديث الإسراء قال : بينا أنا نائم في الحطيم، وربما قال : في الحجر،قال: وهو حطيم بمعنى محطوم ،كقتيل بمعنى مقتول.ص٣٨١
١٥٤-الصحيح في ذلك : الجمع بينهما -أي بين الصلاتين في مزدلفة-بأذان وإقامتين لوجهين اثنين .ص٣٨٣
١٥٥-حديث عبدالله مولى أسماء : أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة ،فقامت تصلي فصلت ساعة،ثم قالت:" يابني هل غاب القمر....الحديث "
وليس في هذا دليل على جواز رميها بعد نصف الليل،فإن القمر يتأخر في الليلة العاشرة إلى قبيل الفجر ،وقد ذهبت أسماء بعد غيبوبه من مزدلفة إلى منى،فلعلها وصلت مع الفجر أو بعده ،فهي واقعة عين، ومع هذا فهي رخصة للظُعُن،وإن دلت على تقدم الرمي،فإنما تدل على الرمي بعد طلوع الفجر.وهذا قول أحمد في رواية،واختيار ابن المنذر،وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما.ص٣٨٧
١٥٦-يوم الحج الأكبر يوم النحر،وذهب عمر بن الخطاب وابنه عبدالله والشافعي إلى أنه يوم عرفة،وقيل: أيام الحج كلها،فعبر عن الأيام باليوم،كما قالوا: يوم الجمل،ويوم صفين،قاله الثوري .والصواب القول الأول .ص٣٨٨
١٥٧-قال علي بن المديني: عروة بن مضرس لم يرو عنه غير الشعبي .ص٣٨٨
١٥٨- ذكر -رحمه الله- اختلاف الناس في استيفاء السبع في كل رمي .والذي ذهب إليه الجمهور : وجوب استيفاء السبع في كل رمي .ص٣٩١-٣٩٢
١٥٩-لم يخرج صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى مكة إلا في غزاة الفتح ولم يعتمر فيها.ص٣٩٥
١٦٠-ذكر- رحمه الله- أقوال الأئمة في صلاة الظهر يوم النحر هل صلاها بمكة أو بمنى ،ووجوه الجمع بين الروايات،فقال : رجحت طائفة منهم ابن حزم وغيره حديث جابر وأنه صلى الظهر بمكة.
وقالت طائفة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره :الذي يترجح أنه إنما صلى الظهر بمنى لوجوه:
وذكر ثلاثة وجوه.ص٣٩٧-٣٩٨.

١٦١- قال البخاري:في سماع أبي الزبير من عائشة نظر،وقد سمع من ابن عباس. ص٤٠٢
١٦٢-اللاجئ إلى الحرم لايتعرض له مادام فيه،ويؤيده قوله في "الصحيحين" في الحديث:"فلا يحل لأحد أن يسفك بها دما".ص٤٠٣
١٦٣-يوسف بن ماهك من التابعين،وقد سمع أم هانئ وابن عمر وابن عباس وعبدالله بن عمرو،وقد روى عن أمه-يعني مسيكة- ،ولم يعلم فيها جرح،وهي تابعية قد سمعت عائشة. ص٤٠٤
١٦٤-وقد قال بقول عائشة في رضاع الكبير: الليث بن سعد وعطاء وأهل الظاهر،والأكثرون حملوا الحديث إما على الخصوص وإما على النسخ .ص٤٠٨
١٦٥-تحريم أذى النبي صلى الله عليه وسلم بكل وجه من الوجوه،وإن كان بفعل مباح ،فإذا تأذى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز فعله،لقوله تعالى《وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله》.
١٦٦-بقاء عار الآباء في الأعقاب لقوله"بنت عدو الله"فدل على أن لهذا الوصف تأثيرا في المنع،وإلا لم يذكره مع كونها مسلمة.
وبقاء أثر صلاح الآباء في الأعقاب ،لقوله تعالى(وكان أبوهما صالحا)ص٤١٠
١٦٧-روى الخطابي عن المنهال ،عن ابن جبير قال: "قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت،وبما أفتيت؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقالت الشعراء.قال: وما قالوا ؟ قلت قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلسه
ياصاح هل لك في فتيا ابن عباس؟
هل لك في رخصة الأطراف آنسة
تكون مثواك حتى رجعة الناس؟
فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون!والله ما بهذا أفتيت،ولا هذا أردت،ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير، وما تحل إلا للمضطر، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير .ص٤١٣-٤١٤
١٦٨-قال إبراهيم النخعي: لا يحلها لزوجها الأول إلا نكاح رغبة،فإن كانت نية أحد الثلاثة: الزوج الأول أو الثاني أو المرأة أن تحلل ،فالنكاح باطل ،ولا تحل للأول .ص٤١٨
١٦٩-مورد النهي إنما هو خطبة الرجل لنفسه على خطبة أخيه،فأما إشارته على المرأة إذا استشارته بالكفء الصالح فأين ذلك من الخطبة على خطبة أخيه؟ فقد تبين غلط القائل،والحمد لله، وأيضا فإن هذا من الأحكام الممتنع نسخها ،فإن صاحب الشرع علله بالأخوة ،وهي علة مطلوبة البقاء والدوام ،لا يلحقها نسخ ولا إبطال. ص٤٢٠
١٧٠-وعن أحمد ثلاث روايات -يعني إذا أراد أن ينظر إلى المخطوبة: إحداهن : ينظر إلى وجهها ويديها، والثانية: ينظر ما يظهر غالبا ،كالرقبة والساقين ونحوهما،والثالثة: ينظر إليها كلها .ص٤٢١
١٧١-قال الترمذي :سليمان بن موسى ثقة عند أهل الحديث،لم يتكلم فيه أحد من المتقدمين إلا البخاري وحده،فإنه تكلم فيه من أجل أحاديث انفرد بها .
وذكره دحيم فقال :في حديثه بعض اضطراب ،وقال : لم يكن في أصحاب مكحول أثبت منه،وقال النسائي: في حديثه شيء،وقال البزار : سليمان بن موسى أجل من ابن جريج،وقال الزهري : سليمان بن موسى أحفظ من مكحول .ص٤٢٤
١٧٢-ترجيح إسرائيل في حفظه وإتقانه لحديث أبي إسحاق، وهذا بشهادة الأئمة له ،وإن كان شعبة والثوري أجل منه،لكن لحديث أبي إسحاق أتقن به وأعرف .ص٤٢٨
١٧٣-قال عثمان الدارمي: سألت يحيى بن معين: شريك أحب إليك في أبي إسحاق أو إسرائيل؟ فقال : شريك أحب إلي ،وهو أقدم، وأسرائيل صدوق،قلت: يونس بن أبي إسحاق أحب إليك أو إسرائيل؟ فقال : كل ثقة.ص٤٢٩
١٧٤-وقد روى مسلم في "الصحيح" من حديث عكرمة بن عمار، عن أبي زميل ،عن ابن عباس قال:"كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه ،فقال للنبي صلى الله عليه وسلم يانبي الله،ثلاث أعطِنِيهن ،قال: نعم ،قال : عندي أحسن العرب وأجمله،أم حبيبة بنت أبي سفيان ،أزوجكها ؟ قال: نعم ،قال : ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك،قال: نعم،قال : وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين؟ قال : نعم .
وقد رد الحديث جماعة من الحفاظ ،وعدوه من الاغلاط في كتاب مسلم.
وقد تكلف أقوام تأويلات فاسدة لتصحيح الحديث ،كقول بعضهم : إنه سأله تجديد النكاح عليها!
قلت : وقد ذكر هذه التأويلات وخلص إلى أن الحديث غلط لا ينبغي التردد فيه .ص٤٣٠-٤٣١-٤٣٢
١٧٥-البيهقي وأكثر الفقهاء وجميع أهل الأصول يقولون : زيادة الثقة مقبولة،فما بالها تقبل في موضع،بل في أكثر المواضع التي توافق مذهب المقلد ،وترد في موضع يخالف مذهبه،وقد قبلوا زيادة الثقة في أكثر من مائتين من الأحاديث رفعا ووصلا وزيادة لفظ ونحوه .ص٤٣٥.
١٧٦-وأما تزويج المرأة على تعليم القرآن ،فكثير من أهل العلم يجيزه،كالشافعي وأحمد وأصحابهما،وكثير يمنعه، كأبي حنيفة ومالك .ص٤٤١
١٧٧-يجوز نكاح المُعدَم الذي لا مال له .ص٤٤١
١٧٨-من قال بتقدر أقل الصداق إما بخمسة دراهم كقول ابن شبرمة،أو بعشرة كقول أبي حنيفة،أو أربعين درهما كقول النخعي،أو خمسين كقول سعيد بن جبير،أو ثلاثة دراهم،أو ربع دينار كقول مالك، وليس لشيء من هذه الأقوال حجة يجب المصير إليها،وليس بعضها بأولى من بعض،وغاية ما ذكره المقدرون : قياس استباحة البضع على قطع يد السارق،وهذا القياس مع مخالفته للنص فاسد،إذ ليس بين البابين علة مشتركة توجب إلحاق أحدهما بالآخر ،وأين قطع يد السارق من باب الصداق؟! وهذا هو الوصف الطردي المحض الذي لا أثر له في تعلق الأحكام به .ص٤٤١
١٧٩-يجوز كون الولي هو الخاطب ،وترجم عليه البخاري في "صحيحه" كذلك. ص٤٤١
١٨٠- الصواب في قول واحد،ولا يكون القولان المتضادان صوابا معا،وهو منصوص الأئمة الأربعة والسلف وأكثر الخلف .ص٤٤٤
١٨١-الله تعالى هو الموفق للصواب،الملهم له بتوفيقه وإعانته،وأن الخطأ من النفس والشيطان ،ولا يضاف إلى الله ولا إلى رسوله،ولا حجة فيه للقدرية المجوسية،إذ إضافته إلى النفس والشيطان إضافة إلى محله ومصدره،وهو النفس،وسببه،وهو الشيطان وتلبيسه الحق بالباطل .
بل فيه رد على القدرية الجبرية الذين يبرئون النفس والشيطان من الأفعال البتة،ولا يرون للمكلف فعلا اختياريا يكون صوابا أو خطأ.ص٤٤٤
١٨٢-قول ابن مسعود، وهو قول الصحابة كلهم وأئمة السنة من التابعين ومن بعدهم : هو إثبات القدر ،الذي نظام التوحيد،وإثبات فعل العبد الاختياري ،الذي هو نظام الأمر والنهي، وهو متعلق المدح والذم ،والثواب والعقاب،ص٤٤٤
١٨٣-حديث"علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة : إن الحمد لله نحمده ونسنعينه....الحديث " قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لما كانت كلمة الشهادة لا يتحملها أحد عن أحد، ولا تقبل النيابة بحال أفرد الشهادة بها،ولما كانت الاستعانة والاستعاذة والاستغفار تقبل ذلك،فيستغفر الرجل لغيره،ويستعين بالله له،أتى فيها بلفظ الجمع ،ولهذا نقول : اللهم أعنا وأعذنا ،واغفر لنا .
قال ابن القيم: وفيه معنى آخر، وهو أن الاستعانة والاستعاذة والاستغفار طلب وإنشاء،فيستحب للطالب أن يطلبه لنفسه ولإخوانه المؤمنين،وأما الشهادة فهي إخبار عن شهادته لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة ،وهي خبر يطابق عقد القلب وتصديقه،وهذا إنما يخبر به الإنسان عن نفسه لعلمه بحاله،بخلاف إخباره عن غيره،فإنه إنما يخبر عن قوله ونطقه، لا عن عقد قلبه.ص٤٤٦
١٨٤- وقد اختلف في نكاح الزانية؛ فمذهب الإمام أحمد بن حنبل : أنه لا يجوز تزوجها حتى تتوب،وتنقضي عدتها،فمتى تزوجها قبل التوبة أو قبل انقضاء عدتها كان النكاح فاسدا،ويفرق بينهما .
وهل عدتها ثلاث حيض ،أو حيضة؟ على روايتين.
ومذهب الثلاثة: أنه يجوز أن يتزوجها قبل توبتها، والزنا لا يمنع عندهم صحة العقد ،كما لم يوجب فسخه طريانه. ص٤٥٣
١٨٥-في" باب حق الزوج على المرأة" ذكر ابن القيم عدة أحاديث في عظم حق الزوج على زوجته.ص٤٥٥-٤٥٦-٤٥٧
١٨٦-في حديث "لا تباشر المرأة المرأة لتنعتها لزوجها ،كأنما ينظر إليها" أن الوصف يقوم مقام الرؤية،فتمسك به من أجاز بيع الغائب بالصفة، والسلم في الحيوان .ص٤٥٨
١٨٧-في قوله :"لا يحل لرجل أن يسقي ماءه زرع غيره" معلوم أن الماء الذي يسقى به الزرع يزيد فيه،ويتكون الزرع منه،وقد شبه وطء الحامل بساقي الزرع الماء،وقد جعل الله تبارك وتعالى محل الوطء حرثا،وشبه النبي صلى الله عليه وسلم الحمل بالزرع،ووطء الحامل بسقي الزرع.ص٤٦٠
١٨٨-لا يجوز نكاح الزانية حت تُعلم براءة رحمها،إما بثلاث حيض،أو بحيضة، والحيضة أقوى، لأن الماء الذي من الزنا والحمل ،وإن لم يكن له حرمة،فلماء الزوج حرمة، وهو لا يحل له أن ينفي عنه ما قد يكون من مائه ووطئه،وقد صار فيه جزء منه، كما لا يحل لواطئ المسبية الحامل ذلك،ولا فرق بينهما .
ولهذا قال الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه : إنه إذا تزوج الأمة وأحبلها ثم ملكها حاملا أنه إن وطئها صارت أم ولد له، تعتق بموته، لأن الولد قد يلحق من مائه الأول والثاني. ص٤٦٠
١٨٩-ساق ابن القيم-رحمه الله- الأحاديث في تحريم إتيان النساء في أدبارهن،وغالبها في سنن النسائي الكبرى، وأجاب عن كل ما نسب إلى بعض الصحابة والأئمة من جواز ذلك وأنه غلط عليهم. ص٤٦١--٤٦٨
١٩٠-حديث معاذ قال " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ؟ فقال : ما فوق الإزار، والتعفف عن ذلك أفضل " فيه بقية عن سعد الأغطش وهما ضعيفان.ص٤٧٠
١٩١- قال عبدالحق: حديث الكفارة في إتيان الحائض لا يروى بإسناد يحتج به،ولا يصح في إتيان الحائض إلا التحريم.ص٤٧٢
١٩٢-في حديث أبي سعيد "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبايا من سبي العرب ..الحديث "
في دليل على جواز استرقاق العرب ووطء سباياهم ،وكن كتابيات.وقد تقدم حديث أبي سعيد في سبايا أوطاس وإباحة وطئهن ،وهن من العرب.ص٤٧٨
١٩٣-كان أكثر سبايا الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، وكانوا يطؤهن بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشترط في الوطء غير استبرائهن ،لم يشترط إسلامهن،وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.ص٤٧٨
١٩٤-قال الشافعي :حكم النساء التصفيق،وكذا قاله أحمد، وذهب مالك إلى أن المرأة لا تصفق وأنها تسبح،واحتج له الباجي وغيره بقوله صلى الله عليه وسلم " من نابه شيء في صلاته فليسبح" قالوا: وهذا عام في الرجال والنساء .
قالوا: وقوله" التصفيق للنساء" هو على طريق الذم والعيب لهن، كما يقال : كفران العشير من فعل النساء. وهذا باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن في نفس الحديث تقسيم التسبيح بين الرجال والنساء،وإنما ساقه في معرض التقسيم وبيان اختصاص كل نوع بما يصلح له ،فالمرأة لما كان صوتها عورة منعت من التسبيح، وجعل لها التصفيق ،والرجل لما خالفها في ذلك شرع له التسبيح.
الثاني : أن في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" فهذا التقسيم والتنويع صريح في أن حكم كل نوع ما خصه به،وخرجه مسلم بهذا اللفظ، وقال في آخره :"في الصلاة".
الثالث: أنه أمر به في قوله: " وليصفق النساء" ولو كان قوله "التصفيق للنساء" على جهة الذم والعيب لم يأذن فيه .ص٤٨١-٤٨٢
انتهت الفوائد من كتاب النكاح
١٩٥-أطال ابن القيم في مسألة وقوع الطلاق في الحيض، وذكر الأقوال والأدلة، وقوى عدم وقوعه بما أورده من استدلالات نقلية وعقلية تجعل القارئ لا يشك أن هذا الطلاق لا يقع ولايجوز، فلتراجع .ص٤٨٥--٥١٨
١٩٦-العقد الصحيح هو الذي يترتب عليه أثره ويحصل منه مقصوده،وهذا إنما يكون في العقود التي أذن فيها الشارع،وجعلها أسبابا لترتب آثارها عليها،فما لم يأذن فيه ولم يشرعه كيف يكون سببا لترتب آثاره عليه،ويُجعل كالمشروع المأذون في ذلك؟! .ص٤٨٧
١٩٧-لله تعالى في الطلاق المباح حكمان:
أحدهما: إباحته والإذن فيه
والثاني:جعله سببا للتخلص من الزوجة.
فإذا لم يكن الطلاق مأذونا فيه انتفى الحكم الأول،وهو الإباحة،فما الموجب لبقاء الحكم الثاني،وقد ارتفع سببه؟! ومعلوم أن بقاء الحكم بدون سببه ممتنع،ولا تصح دعوى أن الطلاق المحرم سبب.ص٤٨٩
١٩٨-ولكن لو حاكمنا منازعينا إلى ما يقرون به من أن رواية أهل البدع مقبولة،فكم في"الصحيح" من رواية الشيعة الغلاة ،والقدرية، والخوارج ، والمرجئة،وغيرهم لم يتمكنوا من الطعن في هذا الحديث بأن رواته شيعة، إذ مجرد كونهم شيعة لا يوجب رد حديثهم.ص٤٩٤
١٩٩- قولكم: إن نافعا أثبت في ابن عمر وأولى به من أبي الزبير وأخص،فروايته أولى أن نأخذ بها،فهذا إنما يحتاج إليه عند التعارض.ص٤٩٥
٢٠٠-وإذا كانت المسألة من موارد النزاع فالواجب امتثال ما أمر الله به ورسوله من رد ما تنازع فيه العلماء إلى الله ورسوله،وتحكيم الله ورسوله دون تحكيم أحد من الخلق،قال تعالى(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)ص٤٩٨
٢٠١-اختلفوا في قوله(مره فليراجعها) هل الأمر بالرجعة على الوجوب أو الاستحباب؟
فقال الشافعي وأبوحنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد في إحدى الروايتين بل أشهرهما عنه: الأمر بالرجعة استحباب .قال بعضهم: لأن ابتداء النكاح إذا لم يكن واجبا فاستدامه كذلك.
وقال مالك في الأشهر عنه، وداود وأحمد في الرواية الأخرى: الرجعة واجبة للأمر بها،ولأن الطلاق لما كان محرما في هذا الزمن-أي زمن الحيض- كان بقاء النكاح واستدامته فيه واجبا.ثم اختلف الموجبون للرجعة في علة ذلك .ص٤٩٩-٥٠٠
٢٠٢-نافع مولى ابن عمر أعلم الناس بحديثه،وسالم ابنه كذلك ،وعبدالله بن دينار من أثبت الناس فيه وأرواهم عنه،فكيف يقدم اختصار أبي الزبير ويونس بن جبير على هؤلاء .ص٥٠٢
٢٠٣- واختلف في جواز طلاقها في الطهر المتعقب للحيضة التي طلق فيها على قولين هما روايتان عن أحمد ومالك ،أشهرهما عند أصحاب مالك: المنع حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى تلك الحيضة، ثم تطهر كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.وقد ذكر ابن القيم حكمة ذلك من عدة وجوه .
والثاني: يجوز طلاقها في الطهر المتعقب لتلك الحيضة وهو قول الشافعي وأبي حنيفة، وأحمد في الرواية الأخرى.ص٥٠٣- ٥٠٤ -٥٠٥ -٥٠٦
٢٠٤-وسر المسألة : أن الأحكام المترتبة على الحيض نوعان:
منها ما يزول بنفس انقطاعه، كصحة الغسل والصوم،ووجوب الصلاة في ذمتها.
ومنها ما لا يزول إلا بالغسل كحل الوطء ،وصحة الصلاة ،وجواز اللبث في المسجد،وصحة الطواف ،وقراءة القرآن على أحد الأقوال .ص٥٠٧
٢٠٥-العدة هل تنقضي بنفس انقطاع الدم وتنقطع الرجعة أم لا تنقطع إلا بالغسل ؟ وفيه خلاف بين السلف والخلف .ص٥٠٧
٢٠٦-طلاقها في الطهر الذي مس فيه ممنوع منه،وهو طلاق بدعة، وهذا متفق عليه.
فلو طلق فيه ،قالوا: لم يجب عليه رجعتها ،قال ابن عبدالبر: أجمعوا على أن الرجعة لا تجب في هذه الصورة.وليس هذا الإجماع ثابتا،وإن كان قد حكاه صاحب" المغني" أيضا، فإن أحد الوجهين في مذهب أحمد وجوب الرجعة في هذا الطلاق،حكاه في الرعاية ،وهو القياس،لأنه طلاق محرم، فتجب الرجعة فيه،كما تجب في الطلاق في زمن الحيض .ص٥٠٨
٢٠٧-قال الإمام أحمد والشافعي ومالك وأصحابهم : لو بقي من الطهر لحظة حُسبت لها قرءا،وإن كان قد جامع فيه ،إذا قلنا : الأقراء الأطهار .
ومذهب أبي عبيد : أن العدة إنما يكون استقبالها من طهر لم يمسها فيه ،إن دل على أنها الأطهار ،وأما طهر قد أصابها فيه فلم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم من العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ،فكما لا تكون عدتها متصلة بالحيضة التي طلق فيها ينبغي أن لا تكون متصلة بالطهر الذي مسها فيه.وهو في الظهور والحجة كما ترى .ص٥٠٩
٢٠٨-عن أحمد رواية أن طلاق الحامل ليس بسني ولا بدعي ،وإنما يثبت لها ذلك من جهة العدد ،لا من جهة الوقت .ص٥١١
٢٠٩- وقد أفردت لمسألة الحامل هل تحيض أم لا ؟ مصنفا مفردا .ص٥١٣
٢١٠- احتج بالحديث- يعني حديث ابن عمر عندما طلق زوجته-من يرى أن السنة تفريق الطلقات على الاقراء ،فيطلق لكل قرء طلقة،وهذا قول أبي حنيفة وسائر الكوفيين، وعن أحمد رواية كقولهم.ص٥١٣
٢١١-قوله"مره فليراجعها" دليل على أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به.وقد اختلف الناس في ذلك، وفصل النزاع: أن المأمور الأول إن كان مبلغا محضا،كأمر النبي صلى الله عليه وسلم آحاد الصحابة أن يأمر الغائب عنه بأمره،فهذا أمر به من جهة الشارع قطعا،ولا يقبل ذلك نزاعا أصلا، ومنه قوله" مرها فلتصبر ولتحتسب" وقوله " مروهم بصلاة كذا في حين كذا" ونظائره، فهذا الثاني مأمور به من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا عصاه المبلغ إليه فقد عصى أمر الرسول صلوات الله وسلامه عليه، والمأمور الأول مبلغ محض.
وإن كان الأمر متوجها إلى المأمور الأول توجه التكليف ،والثاني غير مكلف ،لم يكن أمرا للثاني من جهة الشارع، كقوله صلى الله عليه وسلم" مروهم بالصلاة لسبع" فهذا الأمر خطاب للأولياء بأمرهم الصبيان بالصلاة .فهذا فصل الخطاب في هذا الباب ،والله أعلم بالصواب.ص٥١٧
٢١٢-قال ابن القيم في آخر شرحه لحديث ابن عمر عندما طلق زوجته: فهذه كلمات نبهنا بها على بعض فوائد حديث ابن عمر ،ولا تستطلها ،فإنها مشتملة على فوائد جمة، وقواعد مهمة،ومباحث من قصده الظفر بالحق، وإعطاء كل ذي حق حقه،من غير ميل مع ذي مذهبه،ولا خدمة لإمامه وأصحابه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تابع للدليل،حريص على الظفر بالسنة والسبيل، يدور مع الحق أنى توجهت ركائبه،ويستقر معه حيث استقرت مضاربه.ص٥١٧
٢١٣-قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور،في عبد تحته مملوكة،وطلقها تطليقتين، ثم عتقا: يتزوجها وتكون على واحدة، على حديث عمر بن مُعتّب،وقال في رواية أبي طالب في هذه المسألة: يتزوجها،ولا يبالي عتقا أو بعد العدة،وهو قول ابن عباس وجابر بن عبدالله وأبي سلمة وقتادة .ص٥٢١
٢١٤-قال ابن القيم : قال شيخنا- يعني شيخ الإسلام ابن تيمية- والإغلاق انسداد باب العلم والقصد عليه. فيدخل فيه طلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما يقول،لأن كلا من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد، والطلاق إنما يقع من قاصد له عالم به .ص٥٢٤
٢١٥-من باشر سبب الحكم باختياره لزمه مسبّبه ومقتضاه وإن لم يرده .ص٥٢٥
٢١٦-لأبي رافع بنون ليس فيهم من يحتج به إلا عبيدالله بن رافع .ص٥٢٧
٢١٧-ذكر ابن القيم مسالك الناس وهي عشرة في رد حديث ابن عباس أن الطلاق الثلاث كان واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ،وثلاثا من إمارة عمر ،وذكر ما اعترض به ابن العربي على الحديث وهي خمسة ،ولم يرد على شيء من ذلك ،وقد ذكر المحقق أنه أجاب عنها في كتبه الأخرى ك"زاد المعاد" وأعلام الموقعين " وإغاثة اللهفان"ص٥٢٨--٥٣٥
٢١٨-في "تاريخ البخاري" علي بن يزيد بن رُكانة القرشي عن أبيه ،لم يصح حديثه .هذا لفظه.ص٥٣٧
٢١٩-هذا أصح من حديث - يعني أي أحد ،كثيرا ما يطلق أهل الحديث هذه العبارة على أرجح الحديثين الضعيفين ،وهو كثير في كلام المتقدمين.
ولو لم يكن اصطلاحا لهم لم تدل اللغة على إطلاق الصحة عليه،فإنك تقول لأحد المريضين: "هذا أصح من هذا"، ولا يدل على أنه صحيح مطلقا .ص٥٣٨
٢٢٠-من قال لامرأته : إنها أختي أو أمي على سبيل الكرامة والتوقير لا يكون مظاهرا .وعلى هذا فإذا قال لعبده : "هو حر" يعني أنه ليس بفاجر لم يُعتق، وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي أن يفتى بخلافه،فإن السيد إذا قيل له " عبدك فاجر زان" فقال:"ماهو إلا حر" قطع سامعه أنه إنما أراد العفة لا العتق.وكذلك إذا قيل له: "جاريتك تبغي" ،فقال: " إنما هي حرة".
٢٢١-في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن إبراهيم عليه السلام لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ...الحديث "
وقد أشكل على الناس تسميتها كذبا، لكون المتكلم إنما أراد بلفظه المعنى الذي قصده ،فكيف يكون كذبا ؟
والتحقيق في ذلك: أنها كذب بالنسبة إلى إفهام المخاطَب،لا بالنسبة إلى عناية المتكلم،فإن الكلام له نسبتان،نسبة إلى المتكلم ونسبة إلى المخاطَب،فلما أراد المورّي أن يُفهم المخاطب خلاف ما قصده بلفظه، أطلق الكذب عليه بهذا الاعتبار ،وإن كان المتكلم صادقا باعتبار قصده ومراده.ص٥٣٩
٢٢٢-المعروف عن إسحاق : أن عدة المختلعة حيضة،وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، نقلها عنه ابن القاسم ،وهو قول عثمان بن عفان،وعبدالله بن عباس .وعن ابن عمر روايتان: إحداهما: أن عدتها عدة المطلقة ،ذكره مالك في " الموطأ" عن نافع عنه،والثانية: حيضة ،نقلها ابن المنذر عنه، وهي رواية القعنبي عنه .ص٥٤١
٢٢٣-قد ذكر الله تعالى في آية الطلاق له ثلاثة أحكام :
أحدها: أن التربص فيه ثلاثة قروء .
الثاني: أنه مرتان. الثالث: أن الزوج أحق برد امرأته في المرتين .
فالخلع ليس بداخل في الحكم الثالث اتفاقا،وقد دلت السنة أنه ليس داخلا في الحكم الأول، وذلك يدل على عدم دخوله في حكم العدد، فيكون فسخا.وهذا من أحسن ما يُحتج به على ذلك .ص٥٤٢
٢٢٤-وقد روى ابن ماجه في "سننه"أخبرنا علي بن محمد، حدثنا وكيع ،عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود،عن عائشة قالت :"أُمِرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض" وهذا مع أنه إسناد الصحيحين، فلم يروه أحد من أهل الكتب الستة إلا ابن ماجه،ويبعد أن تكون الثلاث حيض محفوظة فيه.فإن مذهب عائشة : أن الأقراء الأطهار ،وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تستبرئ بحيضة كما تقدم،فهذه أولى،ولأن الأقراء الثلاثة إنما جعلت في حق المطلقة ليطول زمن الرجعة، فيتمكن زوجها من رجعتها متى شاء، ثم أجري الطلاق كله مجرى واحدا .وطرد هذا أن المزني بها تستبرأ بحيضة، وقد نص عليه أحمد .ص٥٤٥
٢٢٥-وبالجملة : فالأمر بالتربص ثلاثة قروء إنما هو للمطلقة. والمعتقة إذا فسخت فهي بالمختلعة والأمة المستبرأة أشبه، إذ المقصود براءة رحمها،فالاستدلال على تعدد الأقراء في حقها بالآية غير صحيح،لأنها ليست مطلقة،ولو كانت مطلقة لثبت لزوجها عليها بالرجعة .ص٥٤٥
٢٢٦-قال ابن عبدالبر: لم يختلف العلماء أن بانقضاء العدة ينفسخ النكاح إلا شيء روي عن النخغي شذ فيه عن جماعة العلماء ،فلم يتبعه عليه أحد، زعم أنها ترد إلى زوجها ،وإن طالت المدة.ص٥٤٩
٢٢٧-حديث ابن عباس قال:"رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول ،لم يحدث شيئا - قال محمد بن عمرو في حديثه- بعد ست سنين،وقال الحسن بن علي: بعد سنتين". قال ابن القيم : وللناس في حديث ابن عباس عدة طرق .
ذكر منها تسع طرق وأجاب عما هو مشكل ونصر ما رآه جيد .ص٥٤٨--٥٥٢
٢٢٨-قال ابن عبدالبر: الأحاديث فيما تحريم ما زاد على الأربعة كلها معلولة-يعني ما زاد على الأربع نسوة .٥٥٤
٢٢٩-قصة عبد بن زمعة أصرح في كون الأمة تصير فراشا ،كما تكون الحرة، يلحق الولد بسيدها بحكم الفراش، كما يلحق بالحرة .ص٥٦١
٢٣٠-إلحاق الولد عند التنازع بالقرعة،وهو مذهب إسحاق بن راهويه،قال : هو السنة في دعوى الولد، وكان الشافعي يقول به في القديم .
وذهب أحمد ومالك إلى تقديم حديث القافة عليه.قيل لأحمد في زيد هذا-يعني لما قرع علي بين ثلاثة تنازعوا في ولد ،فألحقه بالذي صارت عليه القرعة،وجعل عليه ثلثي الدية- ،فقال حديث القافة أحب إلي .
ولم يقل أبو حنيفة بواحد من الحديثين ،لا بالقرعة ولا بالقافة.ص٥٦٣
٢٣١-أمره صلى الله عليه وسلم سودة -وهي أخته-يعني ابن أمة زمعة عبدالرحمن بن زمعة- بالاحتجاب منه،يدل على أصل وهو تبعيض أحكام النسب، فيكون أخاها في التحريم والميراث وغيره، ولا يكون أخا في المحرمية والخلوة والنظر إليها، لمعارضة الشبه للفراش، فأعطى الفراش حكمه من ثبوت الحرمة وغيرها،وأعطى الشبه حكمه من عدم ثبوت المحرمية لسودة.
وهذا باب من دقيق العلم وسره لا يلحظه إلا الأئمة المطلعون على أغواره،المعنيون بالنظر في مآخذ الشرع وأسراره . ومن نبا فهمه عن هذا وغلظ عنه طبعه فلينظر إلى الولد من الرضاعة كيف هو ابن في التحريم،لا في الميراث ولا في النفقة ولا في الولاية.
وهذا ينفع في مسألة البنت المخلوقة من ماء الزاني،فإنها بنته في تحريم النكاح عليه عند الجمهور،وليست بنتا في الميراث ولا في النفقة ولا في المحرمية.
وبالجملة: فهذا من أسرار الفقه،ومراعاة الأوصاف التي تترتب عليها الأحكام،وترتيب مقتضى كل وصف عليه. ومن تأمل الشريعة أطلعته من ذلك على أسرار وحِكم تبهر الناظر فيها.
ونظير هذا: ما لو أقام شاهدا واحدا وحلف معه على سارق أنه سرق متاعه ثبت حكم السرقة في ضمان المال على الصحيح،ولم يثبت حكمها في وجوب القطع اتفاقا،فهذا سارق من وجه دون وجه،ونظائره كثيره .ص٥٦٧
٢٣٢-قال أبوداود في "المسائل" سمعت أحمد بن حنبل وذُكر له قول عمر:"لاندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم لا ؟ فلم يصحح هذا عن عمر.ص٥٦٩
٢٣٣-اختلف الناس في المبتوتة هل لها نفقة أو سكنى؟ على ثلاثة مذاهب ،وهي ثلاث روايات عن أحمد :
أحدها: أنه لا سكنى لها ولا نفقة،وهي ظاهر مذهبه، وهذا قول علي وابن عباس وجابر ،وأكثر فقهاء الحديث .
والثاني: ويروى عن عمر وعبدالله بن مسعود: أن لها السكنى والنفقة،وهو قول أكثر أهل العراق وقول سفيان ،والحسن بن صالح ،وأبي حنيفة وأصحابه.
وحكاه أبو يعلى ابن القاضي في "مفرداته" رواية عن أحمد،وهي غريبة جدا .
والثالث: أن لها السكنى دون النفقة،وهذا قول مالك والشافعي ،وفقهاء المدينة السبعة،وهو مذهب عائشة أم المؤمنين.
وأسعد الناس بهذا الخبر من قال به ،وأنه لا نفقة لها ولا سكنى، وليس مع من رده حجة تقاومه ولا تقاربه.ص٥٧٠-٥٧١-٥٧٢
٢٣٤-وقد كان عمر رضي الله عنه يقف أحيانا في انفراد بعض الصحابة،كما طلب من أبي موسى شاهدا على روايته ،وغيره.ص٥٨٢
٢٣٥-أطال ابن القيم-رحمه الله-في الانتصار للقول الأول والاستدلال له، وذلك بأن المبتوتة لا نفقة لها ولا سكنى .فتراجع .ص٥٧٢--٥٨٢
٢٣٦- اختلف السلف في وجوب اعتداد المتوفى عنها في منزلها،فأوجبه عمر وعثمان، وبه يقول الثوري وإسحاق والأئمة الأربعة .
وروي عن علي وابن عباس وجابر وعائشة: تعتد حيث شاءت ،وقال به جابر بن زيد والحسن وعطاء .
ثم اختلف الموجبون لملازمة المنزل فيما إذا جاءها خبر وفاته في غير منزلها،فقال الأكثرون: تعتد في منزلها. وقال النخغي وسعيد بن المسيب : لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها.ص٥٨٥
٢٣٧-ابن مسعود يرى نسخ الآية في البقرة بهذه الآية التي في الطلاق، وهي قوله" وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" وهذا على عرف السلف في النسخ،فإنهم يسمون التخصيص والتقييد نسخا.ص٥٨٥
٢٣٨-قال الدار قطني: قبيصة بن ذؤيب لم يسمع من عمرو .ص٥٨٦
٢٣٩-اختلف الفقهاء في عدة أم الولد ،فالصحيح أنه حيضة،وهو المشهور عن أحمد ،وقول ابن عمر وعثمان وعائشة، وإليه ذهب مالك ،والشافعي، وغيرهم.
وعن أحمد رواية أخرى: تعتد أربعة أشهر وعشرا،وهو قول سعيد بن المسيب،وابن سيرين ،وسعيد بن جبير، وعمر بن عبدالعزيز، وإسحاق .
وعن أحمد رواية ثالثة: تعتد بشهرين وخمسة أيام،حكاها أبو الخطاب ،وهي رواية منكرة عنه،قال أبو محمد المقدسي: ولا أظنها صحيحة عنه،وروي ذلك عن عطاء وطاوس وقتادة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: عدتها ثلاث حيض،ويروى ذلك عن علي وابن مسعود، وهو قول عطاء والنخعي،والثوري .ص٥٨٧-٥٨٩
٢٤٠-روى مالك في" الموطأ" عن نافع عن ابن عمر أنه قال في أم الولد يتوفى عنها سيدها : "تعتد بحيضة"ص٥٨٧
انتهت الفوائد من كتاب الطلاق وبها يُختم المجلد الأول .


《الخلاصات والفوائد من المجلد الثاني 》:


٢٤١-اختلف السلف في هذه الآية{وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين }،على أربعة أقوال:
أحدها: أنها ليست بمنسوخة،قاله ابن عباس
الثاني: أنها منسوخة،كما قال سلمة والجمهور.
الثالث:أنها مخصوصة، خص منها القادر الذي لا عذر له،وبقيت متناولة للمرضع والحامل.
الرابع: أن بعضها منسوخ وبعضها محكم .ص٣
٢٤٢-حديث" شهرا عيد لا ينقصان: رمضان ،وذو الحجة"،وفي معناه أقوال، ذكر ابن القيم ستة منها ولم يرجح.ص٤-٥-٦
٢٤٣-وقد اختلف في أيام العشر من ذي الحجة والعشر الأخير من رمضان أيهما أفضل؟قال شيخنا: وفصل الخطاب: أن ليالي العشر الأخير من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة،فإن فيها ليلة القدر،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في تلك الليالي مالا يجتهد في غيرها من الليالي،وأيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الآخر من رمضان،لحديث ابن عباس،وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أعظم الأيام عند الله يوم النحر" وما جاء في يوم عرفة .ص٤-٥
٢٤٤-قال يحيى بن معين: محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، وقال أبو زرعة الرازي: لم يلق أبا هريرة. ص٧
٢٤٥-المنفرد بالرؤية لا يلزمه حكمها،لا في الصوم ولا في الفطر ولا في التعريف.ص٨
٢٤٦-ولا يضر عدم تسمية الصحابي ولا يعلل بذلك.ص٩
٢٤٧-مذهب أبي هريرة ،وعمر بن الخطاب ،وابنه عبدالله، وعمرو بن العاص،وأنس، ومعاوية،وعائشة،وأسماء : صيام يوم الغيم.ص١١
٢٤٨- عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ قال :لا، قال: "فإذا أفطرت فصم يوما"
قال ابن القيم-رحمه الله- :وقد أشكل هذا على الناس ،ثم ساق ستة أقوال في معنى السرر والاختلاف فيه وما المقصود به في هذا الحديث.ص١٥-١٦-١٧
٢٤٩-قال عمار-رضي الله عنه-من صام هذا اليوم -يعني الذي يشك فيه- فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.قال الدار قطني: إسناده حسن صحيح ورواته ثقات .
قال ابن القيم : وذكر جماعة أنه موقوف ،ونظير هذا قول أبي هريرة:"من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
والحكم على هذا الحديث بأنه مرفوع بمجرد هذا اللفظ لا يصح، وإنما هو لفظ الصحابي قطعا،ولا يجوز أن يُقوّل رسول الله صلى الله عليه وسلم مالم يقله، والصحابي إنما يقول ذلك استنادا منه إلى دليل فهم منه أن مخالفة مقتضاه معصية ،ولعله لو ذكر ذلك الدليل لكان له محمل غير ما ظنه،فقد كان الصحابة يخالف بعضهم بعضا في كثير من وجوه دلالة النصوص .ص١٨-١٩
٢٥٠-في حديث أبي هريرة " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" ذكر ابن القيم مأخذان لمن ردوا هذا الحديث ،وخلاصتها :أنه لم يتابع العلاء عليه أحد،بل انفرد به عن الناس،وأنه معارضا لحديث عائشة وأم سلمة في صيام النبي صلى الله عليه وسلم شعبان كله،أو إلا قليلا منه .
وذكر أيضا حجج المصححون له، وأجوبتهم على الذين ردوه.ص١٩-٢٠-٢١
٢٥١-أبو إسماعيل حفص بن عمر الأُبُلّي هذا ضعيف جدا،وأبو حاتم يرميه بالكذب. ص٢٣
٢٥٢-ذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر،وهو قول الأئمة الأربعة وعامة فقهاء الأمصار،وروي معناه عن عمر وابن عباس .
وروى إسحاق بن راهويه عن وكيع أنه سمع الأعمش يقول : "لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت" ثم ذكر إسحاق عن أبي بكر وعلي وحذيفة نحو هذا ،ثم قال: وهؤلاء لم يرو فرقا بين الأكل والصلاة المكتوبة.آخر كلام إسحاق .ص٢٤-٢٥
٢٥٣-اختلف الناس هل يجب القضاء في هذه الصورة-يعني الفطر قبل غروب الشمس جاهلا- ؟فقال الأكثرون : يجب،وذهب إسحاق بن راهويه وأهل الظاهر أنه لا قضاء عليهم،وحكمهم حكم من أكل ناسيا .وحكي ذلك عن الحسن ومجاهد. واختلف فيه على عمر .
ولو قدر تعارض الآثار عن عمر لكان القياس يقتضي سقوط القضاء، لأن الجهل ببقاء اليوم كنسيان الصوم،ولو أكل ناسيا لصومه لم يجب عليه قضاؤه. والشريعة لم تفرق بين الجاهل والناسي،فإن كل واحد منهما قد فعل ما يعتقد جوازه وأخطأ في فعله،وقد استويا في أكثر الأحكام وفي رفع الآثام ،فما الموجب للفرق بينهما في هذا الموضع ؟ وقد جعل أصحاب الشافعي وغيرهم الجاهل المخطئ أولى بالعذر من الناسي في مواضع متعددة. ص٢٦-٢٧-٢٨
٢٥٤-ولم يجيء في منع الصائم من السواك حديث صحيح .والذين يكرهونه يخالفونه أيضا ،فإنهم يكرهونه من بعد الزوال ،وأكثر أهل العلم لا يكرهونه .ص٣٢-٣٣
٢٥٥-قال أبوزرعة : حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعا:"أفطر الحاجم والمحجوم" حديث حسن ،ذكره الترمذي عنه .
وقال علي ابن المديني أيضا في رواية عنه : لا أعلم في "أفطر الحاجم" حديثا أصح من حديث رافع بن خديج .
قلت :قد ذكر ابن القيم مواطن هذا الحديث ومن خرجه في كتب الحديث،فبلغت نحوا من عشرة أحاديث. ص٣٣--٣٨
٢٥٦-ذهب إلى هذه الأحاديث-أي الرخصة بالحجامة للصائم- جماعة من العلماء،ويروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وابن مسعود وابن عباس،وعبدالله بن عمر،وهو مذهب عروة بن الزبير وسعيد بن جبير، وغيرهما.وقال به مالك والشافعي وأبوحنيفة.
وذهب إلى أحاديث الفطر بها جماعة ،منهم علي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري ،ومن التابعين: عطاء بن أبي رباح والحسن ،وابن سيرين .وذهب إلى ذلك عبدالرحمن بن مهدي، والأوزاعي ،والإمام أحمد ،وإسحاق بن راهويه،وأبو بكر بن المنذر ،ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.ص٣٩-٤٠-٤١
٢٥٧-أما قول بعض أهل الحديث: لايصح في الفطر بالحجامة حديث ،فمجازفة باطلة أنكرها أئمة الحديث،كالإمام أحمد ،لما حكي له قول ابن معين أنكره عليه .ص٤٣
٢٥٨-عرض ابن القيم-رحمه الله-حجج الفريقين، من قال بأن الحجامة لا تفطر،ومن قال أنها تفطر وأطال وأفاض ،ونصر القول بأنها تفطر ،فقال : والصواب : الفطر بالحجامة والفصاد والتشريط،وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية،واختيار صاحب"الإفصاح" لأن المعنى الموجود في الحجامة موجود في الفصاد طبعا وشرعا ،وكذلك في التشريط .ص٣٩--٦٣
٢٥٩-ممن صحح أحاديث الفطر بالحجامة : أحمد ،وإسحاق ،وعلي ابن المديني، وإبراهيم الحربي،وعثمان الدارمي ،والبخاري ،وابن المنذر ،وكل من له علم بالحديث يشهد بأن هذا الأصل محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم لتعدد طرقه ،وثقة رواته واشتهارهم بالعدالة.ص٤٣
٢٦٠-قال المفطرون-يعني بالحجامة-الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ،وأما قوله"وهو صائم" فإن الإمام أحمد قال: لا تصح هذه اللفظة ،وبين أنها وهم،ووافقه غيره على ذلك،وقالوا : الصواب"احتجم وهو محرم" وممن ذكر ذلك عنه الخلال في كتاب"العلل".ص٤٦
٢٦١-وأما لفظ "احتجم وهو صائم" فلا يدل على النسخ ولا تصح المعارضة به لوجوه:
أحدها: أنه لا يعلم تاريخه،ودعوى النسخ لا تثبت بمجرد الاحتمال .
الثاني: أنه ليس فيه أن الصوم كان فرضا،ولعله كان صوم نفل خرج منه .
الثالث: حتى لو ثبت أنه صوم فرض،فالظاهر أن الحجامة إنما تكون للعذر، ويجوز الخروج من صوم الفرض بعذر المرض، والواقعة حكاية فعل ،لا عموم لها .ص٤٦
٢٦٢-قصة الاحتجام وهو صائم محرم إما غلط ،كما قال الإمام أحمد وغيره،وإما قبل الفتح قطعا،وعلى التقديرين فلا يُعارض بها قوله عام الفتح "أفطر الحاجم والمحجوم".ص٤٩
٢٦٣-وعياذا بالله من شر مقلد عصبيٍّ يرى العلم جهلا،والإنصاف ظلما،وترجيح الراجح على المرجوح عدوانا ! وهذه المضايق لا يصحب السالك فيها إلا من صدقت في العلم نيته وعلت همته،وأما من أخلد إلى أرض التقليد ،واستوعر طريق الترجيح ،فيقال له: ماذا عُشّك فادرجي! ص٤٩
٢٦٤- قال الإمام أحمد: خالد بن مخلد له مناكير .ص٥٠
٢٦٥-جعفر بن أبي طالب إنما قدم الحبشة عام خيبر،أو آخر سنة ست وأول سنة سبع ،وقتل عام مؤتة قبل الفتح ولم يشهد الفتح،فصام مع النبي صلى الله عليه وسلم رمضانا واحدا سنة سبع ،وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أفطر الحاجم والمحجوم " بعد ذلك في الفتح سنة ثمان .ص٥٠
٢٦٦-من المعلوم أن أهل البصرة أشد الناس في التفطير بها-يعني الحجامة- وذكر الإمام أحمد وغيره أن البصرة كانت إذا دخل شهر رمضان يُغلقون حوانيت الحجامين.وقد تقدم مذهب الحسن وابن سيرين إمامي البصرة أنهما كانا يفطران بالحجامة. ص٥١
٢٦٧- أبو قلابة من أخص أصحاب أنس،وهو الذي يروي قوله" أفطر الحاجم والمحجوم" من طريق أبي أسماء عن ثوبان،ومن طريق أبي الأشعث عن شداد،وعلى حديثه اعتمد أئمة الحديث وصححوه،وشهد أنه أصح أحاديث الباب.فلو كان عند أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة تنسخ ذلك ،لكان أصحابه أعلمَ بها، وأحرص على روايتها من أحاديث الفطر بها.ص٥٢
٢٦٨-أبو نضرة من أروى الناس عن أبي سعيد وأعلمهم بحديثه.ص٥٢
٢٦٩- ومعلوم أنه ليس بأيدينا إلا أوصاف رُتبت عليها الأحكام،فإن جاز أن تكون تلك الأوصاف للتعريف لا للتعليل بطلت الأحكام .ص٥٤
٢٧٠-كان جماعة من الصحابة لا يحتجمون في الصيام إلا ليلا،منهم عبدالله بن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس،ويحتجون بالحديث. ص٥٥
٢٧١-أحكام الشارع إنما تُعرّف بالأوصاف وتُربط بها،وتعم الأمة لأجلها،فالوصف في الحديث المذكور لتعريف حكمه ،وأنه مرتبط بهذا الوصف منوط به.ص٥٦
٢٧٢- ومتى عهد في عرف الشارع الدعاء على المكلف بالفطر وفساد العبادة ؟!
٢٧٣-لو قدر تعارضهما- يعني أحاديث الفطر وعدمه بالحجامة- فالأخذ بأحاديث الفطر متعين،لأنها ناقلة عن الأصل ،وأحاديث الإباحة موافقة لما كان عليه الأمر عليه قبل جعلها مُفطرة ،والناقل مقدم على المبقي .ص٥٩
٢٧٤-أحاديث الفطر -أي بالحجامة- صريحة متعددة الطرق ،رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشر نفسا،وساق الإمام أحمد أحاديثهم كلها .فكيف تقدم عليها أحاديث هي بين أمرين : صحيح لا دلالة فيه،أو ما فيه دلالة ولكن هو غير صحيح .ص٦٠
٢٧٥-الشارع قد نهى الصائم عن أخذ ما يُقيته،وعن إخراج ما يضعفه،وكلاهما مقصود له ،لأن الشارع أمر بالاقتصاد في العبادات ولا سيما في الصوم ،ولهذا أمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور ،فله قصد في حفظ قوة الصائم عليه كما له قصد في منعه من إدخال المفطرات .ص٦١
٢٧٦-القائلون بأن الحجامة تفطر لهم فيها أربعة أقوال:
أحدها: أن المحتجم يفطر وحده دون الحاجم ،وهذا ظاهر كلام الخرقي.
الثاني: وهو منصوص الإمام أحمد: أنه يفطر كل منهما،وهذا قول جمهور أصحابه المتقدمين والمتأخرين .
ثم اختلف هؤلاء في التشريط والفصاد على ثلاثة أقوال : أحدها: أنه لا يفطر بهما،والثاني: يفطر بهما، والثالث: يفطر بالتشريط دون الفصاد،لأن التشريط عندهم حجامة .واختلفوا في التشريط والفصاد : أيهما أولى بالفطر .ص٦٢
٢٧٧-قال الترمذي:عبدالرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث،سمعت أبا داود السجزي يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ،فقال: أخوه عبدالله بن زيد لا بأس به.ص٦٥
٢٧٨-عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء،وإن استقاء فليقض"
قال ابن القيم: هذا الحديث له علة،ولعلته علة،أما علته فوقفه على أبي هريرة، وقفه عطاء وغيره .
وأما علة هذه العلة،فقد روى البخاري في"صحيحه" بإسناده عن أبي هريرة أنه قال :"إذا قاء فلا يفطر،إنما يُخرج ولا يُولج" قال : ويذكر عن أبي هريرة أنه يُفطر ،والأول أصح. ص٦٦
٢٧٣-أرخص ابن عباس في القُبلة للصائم للشيخ وكرهها للشاب .وروي إباحة القبلة عن سعد بن أبي وقاص،وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عمر ،وعبدالله بن عباس.
وأما ما روي عن ابن مسعود أنه كان يقول في القبلة قولا شديدا -يعني يصوم مكانه-فقال البيهقي : هذا محمول على ما إذا أنزل .وهذا التفسير من بعض الرواة لا من ابن مسعود. ص٧٠
٢٨٠-عن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها"قال عبدالحق: لا تصح هذه الزيادة في مص اللسان،لأنها من حديث محمد بن دينار عن سعد بن أوس ،ولا يحتج بهما،وقد قال ابن الأعرابي: بلغني عن أبي داود أنه قال : هذا الحديث ليس بصحيح.ص٧٢
٢٨١-اختلف السلف في هذه المسألة-يعني من أصبح جنبا في شهر رمضان- : فذهب بعضهم إلى إبطال صومه إذا أصبح جنبا،واحتجوا بما في "صحيح مسلم " عن أبي هريرة أنه كان يقول في قصصه:"من أدركه الفجر جنبا فلا يصوم" واختلفت الرواية عن أبي هريرة، فالمشهور عنه أنه لا يصح صومه .
-وعنه رواية ثانية: أنه إذا علم بجنابته ثم نام حتى يصبح فهو مفطر،وإن لم يعلم حتى أصبح فهو صائم .وروي هذا المذهب عن طاوس وعروة بن الزبير .
-وذهبت طائفة إلى أن الصوم إن كان فرضا لم يصح،وإن كان نفلا صح،وروي هذا عن إبراهيم النخعي والحسن البصري.
-وعن أبي هريرة رواية ثالثة: أنه رجع عن فتياه إلى قول الجماعة.
-وذهب الجمهور إلى صحة صومه مطلقا في الفرض والنفل،وقالوا حديث أبي هريرة منسوخ .ص٧٣
٢٨٢-ثقة الراوي شرط في صحة الحديث لا موجبة،بل لا بد من انتفاء العلة والشذوذ.ص٨٠
٢٨٣- وقد اختلف الفقهاء في وجوب القضاء على من أتى أهله في نهار رمضان :
-فمذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة والشافعي في أظهر أقواله : يجب عليه القضاء .
-وللشافعي قول آخر: إنه لا يجب عليه القضاء إذا كفر .
-وله قول ثالث :إنه إن كفر بالصيام فلا قضاء عليه،وإن كفر بالعتق أو بالإطعام قضى،وهذا قول الأوزاعي .ص٨٠
٢٨٤-وقد روى مالك في"الموطأ" عن الزهري عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبي هريرة:"أن رجلا أفطر في رمضان،فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا" وحسبك بهذا الإسناد.
وفيه أمران،أحدهما:،وجوب الكفارة بأي مفطّر كان.
والثاني: أنها على التخيير .وهو مذهب مالك في المسألتين .
قال البيهقي:ورواية الجماعة عن الزهري مقيدة بالوطء ،ناقلة للفظ صاحب الشرع،فهي أولى بالقبول،لزيادة حفظهم وأدائهم الحديث على وجهه.واتفقت رواياتهم على أن فطره كان بجماع،وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالكفارة على اللفظ الذي يقتضي الترتيب. ص٨٢
٢٨٥-ذكر ابن القيم عن الدار قطني من رووا الكفارة في جماع رمضان عن الزهري على التخيير ،وذكر أيضا من رواه عنه أيضا على الترتيب.
ثم قال ابن القيم: ولا ريب أن الزهري حدث به هكذا وهكذا على الوجهين،وكلاهما محفوظ عنه بلا ريب،وإذا كان هكذا فرواية الترتيب المصرّحة بذكر الجماع أولى أن يؤخذ بها لوجوه،ثم ستة وجوه ترجح الترتيب .ص٨٢-٨٣-٨٤-٨٥
٢٨٦-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له ،لم يقض عنه صيام الدهر ".
قال ابن القيم: وقال الدار قطني: ليس في رواته مجروح، وهذه العبارة لا تنفي أن يكون فيهم مجهول لا يعرف بجرح ولا عدالة .ص٨٦
٢٨٧- واختلف فيما لو أخر القضاء عن رمضان آخر :
-فقال جماعة من الصحابة والتابعين يقضي ويطعم لكل يوم مسكينا.
وهذا قول ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة ،ومجاهد والثوري والإمام أحمد والشافعي ومالك وإسحاق .
-وقال جماعة : يقضي ولا فدية عليه ،وهذا يروى عن الحسن والنخغي،وهو مذهب أبي حنيفة.
- وقالت طائفة ،منهم قتادة: يطعم ولا يقضي .
٢٨٨-اختلف أهل العلم فيمن مات وعليه صوم هل يُقضى عنه ؟ على ثلاثة أقوال:
-أحدها: لا يقضى عنه بحال،لا في النذر ولا في الواجب الأصلي .وهذا ظاهر مذهب الشافعي، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابه.
- الثاني: أنه يصام عنه فيهما. وهذا قول أبي ثور وأحد قولي الشافعي.
- والثالث:أنه يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي .وهذا مذهب أحمد في المنصوص عنه ،وقول أبي عبيد والليث بن سعد ،وهو المنصوص عن ابن عباس. وهذا أعدل الأقوال، وعليه يدل كلام الصحابة.
-لأن النذر ليس واجبا بأصل الشرع،وإنما أوجبه العبد على نفسه ،فصار بمنزلة الدين الذي استدانه،ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين في حديث ابن عباس. والمسؤول عنه فيه أنه كان صوم نذر،والدين تدخله النيابة.
وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإسلام، فلا تدخله النيابة بحال ،كما لا تدخل الصلاة والشهادتين.فإن المقصود منها طاعة العبد بنفسه وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها،وهذا أمر لا يؤديه عنه غيره ،كما لا يُسلم عنه غيره،ولا يصلي عنه غيره.
وهكذا من ترك الحج عمدا مع القدرة عليه حتى مات،أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات،فإن مقتضى الدليل وقواعد الشرع أن فعلهما عنه بعد الموت لا يبرئ ذمته،ولا يقبل منه،والحق أحق أن يتبع . ص٩٣-٩٤-٩٥
٢٨٩-وهذا يبين أن الصحابة أفقه الخلق،وأعمقهم علما،وأعرفهم بأسرار الشرع ومقاصده وحكمه.ص٩٥
٢٩٠-قال عبدالرحمن بن عوف"الصائم في السفر كالمفطر في الحضر" رواه النسائي .ولا يصح رفعه ،وإنما هو موقوف .ص٩٧
٢٩١- قوله :"ليس من البر الصيام في السفر " هذا خرج على شخص معين ،رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظلل عليه وجهده الصوم ،فقال هذا القول، أي ليس البر أن يجهد الإنسان نفسه حتى يبلغ فيها هذا المبلغ ،وقد فسح الله له في الفطر .
وأيضا فقوله" ليس من البر" أي ليس هو أبر البر ،لأنه قد يكون الإفطار أبر منه إذا كان في حج وجهاد يتقوى عليه. وقد يكون الفطر في السفر المباح برا،لأن الله تعالى أباحه ورخص فيه،وهو سبحانه يحب أن يؤخذ برخصه،وما يحبه الله فهو بر،فلم ينحصر البر في الصيام في السفر. ص٩٨
٢٩٢- هذا موضع يغلط فيه كثير من قاصري العلم،يحتجون بعموم نص على حكم،ويغفلون عن عمل صاحب الشريعة وعمل أصحابه الذي يبين مراده،ومن تدبر هذا علم به مراد النصوص وفهم معانيها. ص١٠٢
٢٩٣-وكان يدور بيني وبين المكيين كلام في الاعتمار من مكة في رمضان وغيره، فأقول لهم : كثرة الطواف أفضل منها .ثم ذكر حججه في ذلك-رحمه الله- فشفى وكفى .ص١٠٢
٢٩٤-ذكر ابن القيم حجج من يوجبوا الفطر في السفر ،وذكر جواب الأكثرين عليهم وقواها .ص٩٦--١٠٣
٢٩٥-واختلف أهل العلم في الأفضل من الصوم والفطر-يعني للمسافر :
-فذهب عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عباس، وسعيد بن المسيب، وإسحاق ،وأحمد إلى أن الفطر أفضل .
-وذهب أنس وعثمان بن أبي العاص إلى أن الصوم أفضل،وهو قول الشافعي وأبي حنيفة ومالك .
-وذهب عمر بن عبدالعزيز ومجاهد وقتادة إلى أن أفضل الأمرين أيسرهما .
-وذهب طائفة إلى أنهما سواء ،لا يرجح أحدهما على الآخر .
-وذهبت طائفة إلى تحريم الصوم في السفر ،وأنه لا يجزئ.
٢٩٦-يجوز للمسافر الفطر في يوم سافر في أثنائه،وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقول عمرو بن شرحبيل والشعبي ،وإسحاق ،وحكاه عن أنس ،وهو قول داود وابن المنذر .
-وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: لا يفطر ،وهو قول الزهري والأوزاعي ومكحول .
- وفي المسألة قول شاذ جدا لا يلتفت إليه،وهو أنه إن دخل عليه الشهر وهو مقيم،ثم سافر في أثنائه،لم يجز له الفطر ،ولا يفطر حتى يدخل عليه رمضان مسافرا.وهو قول عَبيدة السلماني وأبي مجلز وسويد بن غفلة .ص١٠٦
٢٩٧-قال المجوزون للفطر في مطلق السفر : قد أطلق الله تعالى السفر ،ولم يقيده بحد،كما أطلقه في آية التيمم،فلا يجوز حده إلا بنص من الشارع أو إجماع من الأمة ،وكلاهما مما لا سبيل إليه .كيف وقد قصر أهل مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة،ولا تأثير للنسك في القصر بحال،فإن الشارع إنما علق القصر بالسفر ،فهو الوصف المؤثر فيه .ص١٠٨
قالوا: وأين معنا في الشريعة تقسيم الشارع السفر إلى طويل وقصير،واختصاص أحدهما بأحكام لا يشاركه فيها الآخر ،ومعلوم أن إطلاق السفر لا يدل على اختصاصه بالطويل ،ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم مقداره ،وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع،فسكوته عن تحديده من أظهر الأدلة على أنه غير محدود شرعا .
قالوا: والذين حددوه -مع كثرة اختلافهم وانتشار أقوالهم -ليس معهم نص بذلك،وليس حد بأولى من حد،ولا إجماع في المسألة فلا وجه للتحديد.ص١١٠
٢٩٨-ذكر ابن القيم عدة أحاديث في النهي عن صيام الجمعة مفردا ،ثم قال : وذهب طائفة من أهل العلم إلى القول بهذه الأحاديث، منهم أبوهريرة وسلمان،وقال به أحمد والشافعي.
وقال مالك وأبوحنيفة: لا يكره
قال الداودي : لم يبلغ مالكا هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه.ص١١٢
٢٩٩-قال الأثرم: حجة أبي عبدالله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بسر -يعني حديث لا تصوموا يوم السبت ...الحديث-منها حديث أم سلمة حين سئلت : أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياما لها؟ فقالت السبت والأحد. وذكر عدة أحاديث. ص١١٥
٣٠٠-قاعدة مذهب أحمد: أنه إذا سئل عن حكم فأجاب فيه بنص يدل عليه،أن جوابه بالنص دليل على أنه قائل به،لأنه ذكره في معرض الجواب،فهو متضمن للجواب والاستدلال معا .ص١١٧

٣٠١-ذكر ابن القيم من عَلّلَ حديث السبت ومن صحّحَه وجوابات بعضهم على بعض، وبعض المناقشات وتوجيه مذهب أحمد وبعض العلل الفقهية لمن قال بكراهية صومه وجوازه .ص١١٤--١٢٣
٣٠١-قال شيخنا أبو العباس بن تيمية- قدس الله روحه- وقد يقال : يكره صوم النيروز والمهرجان ونحوهما من الأيام التي لا تعرف بحساب العرب ،بخلاف ما جاء في الحديث من يوم السبت والأحد ،لأنه إذا قصد صوم مثل هذه الأيام العجمية أو الجاهلية كان ذريعة إلى إقامة شعار هذه الأيام وإحياء أمرها وإظهار حالها، بخلاف السبت والأحد فإنهما من حساب المسلمين ،فليس في صومهما مفسدة،فيكون استحباب صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي الإسلامي ،مع كراهية الأعياد المعروفة بالحساب الجاهلي العجمي،توفيقا بين الآثار . ص١٢٢-١٢٣
٣٠٢-قال عبدالحق: ثور بن يزيد الكلاعي، كان يُرمى بالقدر،ولكنه كان ثقة فيما يروي ،قاله يحيى وغيره،وروى عنه الجلة،مثل يحيى بن سعيد القطان وابن المبارك والثوري وغيرهم. ص١٢٤
٣٠٣-صوم يوم وفطر يوم أفضل من سرد الصيام.ولو كان سرد الصيام مشروعا أو مستحبا لكان أكثر عملا،فيكون أفضل،إذ العبادة لا تكون إلا راجحة،فلو كان عبادة لم يكن مرجوحا.ص١٢٦
٣٠٤-قال أحمد بن حنبل: يحيى بن سعيد-يعني الأنصاري- الثقة المأمون أحد الأئمة،وعبدربه بن سعيد لا بأس به،وسعد بن سعيد ثالثهم ضعيف .ص١٢٩
٣٠٥-عمرو بن جابر الحضرمي ضعيف،ولكن قال أبوحاتم الرازي :هو صالح،له نحو عشرين حديثا .ص١٣٢
٣٠٦-وقد احتج أصحاب السنن الأربعة بليث بن أبي سليم.ص١٣٢
٣٠٧-اختلف أهل العلم في القول بموجب هذه الأحاديث- يعني صيام ستة شوال- :
-فذهب أكثرهم إلى القول باستحباب صومها ،منهم الشافعي وأحمد وابن المبارك وغيرهم .
-وكرهها آخرون، منهم : مالك .وقال مطرف : كان مالك يصومها في خاصة نفسه.قال: وإنما كره صومها لئلا يلحق أهل الجهالة ذلك برمضان .فأما من رغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه.ص١٣٤
قال ابن القيم-رحمه الله- وقد اعترض بعض الناس على هذه الأحاديث باعتراضات ،نذكرها ونذكر الجواب عنها إن شاء الله ،ثم ذكر ثلاثة اعتراضات وأجاب عنها بما يشفي ويغني .ص١٣٥--١٤٧
٣٠٨-قال أحمد : كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن ،قال عبدالله: يعني في الرجال وبصره بالحديث وتثبته وتنقيته للرجال.
وقال محمد بن سعد: شعبة أول من فتش عن أمر المحدثين وجانب الضعفاء والمتروكين،وصار علما يقتدى به وتبعه عليه بعده أهل العراق.ص١٣٧
٣٠٩-هاهنا دقيقة ينبغي التفطن لها،وهي أن الحديث الذي روياه أو أحدهما-يعني البخاري ومسلم- واحتجا برجاله أقوى من حديث احتجا برجاله ولم يخرجاه،فتصحيح الحديث أقوى من تصحيح السند .ص١٣٩
٣١٠-غندر أصح الناس حديثا في شعبة حتى قال علي ابن المديني: هو أحب إلي من عبدالرحمن بن مهدي في شعبة.ص١٤١
٣١١-قال أبوحاتم الرازي: عثمان والوليد ابنا عمرو بن ساج يكتب حديثهما ولا يحتج به.ص١٤١
٣١٢-إسماعيل بن عياش ضعيف في الحجازيين،وإذا روى عن الشاميين فحديثه صحيح، ومحمد بن أبي حميد متفق على ضعفه ونكارة حديثه.ص١٤٢
٣١٣-قال يونس بن الأعلى: قال لي الشافعي: ليس الشاذ أن يروي الثقة ما لا يروي غيره،إنما الشاذ: أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس.ص١٤٣
٣١٤-وكون أهل المدينة في زمن مالك لم يعملوا به-يعني صيام الست من شوال- لا يوجب ترك الأمة كلهم له،وقد عمل به أحمد والشافعي وابن المبارك وغيرهم.ص١٤٥
٣١٥-ذكر ابن القيم ستة أسئلة وأجاب عليها حول حديث صيام الست من شوال فحرر وأجاد وأفاد رحمه الله. ص١٤٧--١٥٣
٣١٦-وفي صومه شعبان أكثر من غيره ثلاثة معان:
أحدها: أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر،فربما شغل عن الصيام أشهرا،فجمع ذلك في شعبان،ليدركه قبل الفرض .
الثاني: أنه فعل ذلك تعظيما لرمضان ،وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيما لحقها.
الثالث: أنه شهر ترفع فيه الأعمال ،فأحب صلى الله عليه وسلم أن يرفع عمله وهو صائم .ص١٥٤
٣١٧-ذكر ابن القيم عدة أحاديث في صيام الاثنين والخميس ،ولعل سبب إيراده لتلك الأحاديث هو إثبات شرعية صيام الخميس .ص١٥٥-١٥٦
٣١٨-قال ابن القيم-رحمه الله-: وقد ورد في النهي عن صيام يوم عرفة بعرفة آثار.ثم ذكرها. ص١٥٨-١٥٩.
٣١٩-يوم عرفة عيد لأهل عرفة،فلا يستحب لهم صيامه .
وبعض الناس يختار الصوم،وبعضهم الفطر ،وبعضهم يفرق بين من يضعفه ومن لا يضعفه،وهو اختيار قتادة.والصيام اختيار ابن الزبير وعائشة .وقال عطاء: أصومه في الشتاء ،ولا أصومه في الصيف.وكان بعض السلف لا يأمر به ولا ينهى عنها، ويقول : من شاء صام ومن شاء أفطر .ص١٦٠
٣٢٠-وجه قول ابن عباس في "صحيح مسلم " إذا رأيت هلال المحرم فاعدد،فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائما"وأنه ليس المراد به : أن عاشوراء هو التاسع ،بل أمره أن يصوم اليوم التاسع قبل عاشوراء .ص١٦٢
٣٢١-اختلف الناس في يوم عاشوراء، هل كان صومه واجبا أو تطوعا؟
-فقالت طائفة ،كان واجبا.وهذا قول أصحاب أبي حنيفة،وروي عن أحمد .
وقال أصحاب الشافعي : لم يكن واجبا ،وإنما كان تطوعا،واختاره القاضي أبو يعلى،وقال: هو قياس المذهب .واحتج هؤلاء بثلاث حجج، واحتج الأولون أيضا بثلاث حجج قوية،وردوا على أصحاب القول الثاني .ص١٦٤--١٧٠
٣٢٢-الكافر يسلم في أثناء النهار أو الصبي يبلغ،فإنه يمسك من حين ثبت الوجوب في ذمته ولا قضاء عليه،كما قاله مالك وأبوثور وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين عنه.ص١٦٨
٣٢٣- ذكر ابن القيم إضافة إلى ما في سنن أبي داود أربعة أحاديث في فضيلة صيام الأيام البيض .ص١٧٢
٣٢٤-عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له"
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه .
قال النسائي : الصواب عندنا موقوف ،ولم يصح رفعه. ص١٧٦
٣٢٥-يجوز إنشاء صوم التطوع ينية من النهار،وجواز الخروج منه بعد الدخول فيه.ص١٧٩
٣٢٦-ذكر ابن القيم حديث قضاء صوم التطوع ومن أعله،وذكر بعض المتابعات له،وقال : الذي يغلب على الظن أن اللفظة -يعني صوما مكانه يوما آخر -محفوظة في الحديث، وتعليلها بما ذكر قد تبين ضعفه.ولكن قد يقال : الأمر بالقضاء أمر ندب،لا أمر إيجاب .ص١٨٠-١٨١
٣٢٧-قول عائشة" اعتكف العشر الأول من شوال" ليس بنص في دخول يوم العيد في اعتكافه،بل الظاهر أنه لم يدخله في اعتكافه،لاشتغاله فيه بالخروج إلى المصلى،وصلاة العيد وخطبته،ورجوعه إلى منزله لفطره،وفي ذلك ذهاب بعض اليوم ،فلا يقوم بقية اليوم مقام جميعه.ص١٨٧
٣٢٨-سويد بن عبدالعزيز قال فيه أحمد : متروك،وقال ابن معين: ليس بشيء ،وقال النسائي وغيره: ضعيف .
وسفيان بن حسين في الزهري ضعيف .ص١٨٩
٣٢٩-اختلف أهل العلم في اشتراط الصوم في الاعتكاف:
-فأوجبه أكثر أهل العلم، منهم عائشة أم المؤمنين وابن عباس وابن عمر، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه .
- وذهب الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة عنه أن الصوم فيه مستحب غير واجب.قال ابن المنذر : وهو مروي عن علي وابن مسعود.
ثم ذكر-رحمه الله-حجج الفريقين وأجوبة كلا منهما على الآخر ،وكأنه يقوي أدلة الموجبين للصيام في الاعتكاف.والله أعلم ص١٩١--٢٠٢
٣٣٠-لا يصلح النفي المطلق عند نفي بعض المستحبات وإلا لصح النفي عن كل عبادة تُرك بعض مستحباتها،ولا يصح ذلك لغة ولا عرفا ولا شرعا،ولا يعهد في الشريعة نفي لعبادة إلا لترك واجب فيها.ص٢٠٢
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الصيام
٣٣١-ذكر ابن القيم-رحمه الله- تبعا للمصنف عشرة أحاديث في فضائل الشام وأهلها والترغيب في سكناها .ص٢٠٣
٣٣٢-وقد كان ابن مسعود يشتد عليه أن يقول:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان إذا سماه أُرعد وتغير لونه،وكان كثيرا ما يقول ألفاظ الحديث موقوفة ،وإذا رفع منها شيئا تحرى فيه،وقال" أو شبه هذا،أو قريبا من هذا".ص٢١٥
٣٣٣-والعقوبة في المال لمصلحة مشروعة بالاتفاق ،ولكن اختلفوا : هل نُسخت بعد مشروعيتها ؟
ولم يأت على نسخها حجة
وقد حكى أبو عبدالله بن حامد عن بعض أصحاب أحمد أنه من لعن شيئا من متاعه زال ملكه عنه.ص٢١٦
٣٣٤-وأما وقوف النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته وخطبته عليها،فذاك غير ما نهى عنه،فإن هذا عارض لمصلحة عامة في وقت ما،لا يكون دائما،ولا يلحق الدابة منه من التعب والكلال ما يلحقها من اعتياد ذلك لا لمصلحة،بل يستوطنها ويتخذها مقعدا يناجي عليها الرجل،ولا ينزل إلى الأرض ،فإن ذلك يتكرر ويطول ،بخلاف خطبته صلى الله عليه وسلم على راحلته ليُسمع الناس،ويعلمهم أمور الإسلام وأحكام النسك ،فإن هذا لا يتكرر ولا يطول ،ومصلحته عامة .ص٢١٧
٣٣٥-عاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ،ضعيف لا يحتج به،ضعفه غير واحد من الأئمة.ص٢١٩
٣٣٦-هشام وإن كان مقدما في أصحاب قتادة،فليس همام وجرير إذا اتفقا بدونه.ص٢٢٢
٣٣٧- اختلف الفقهاء في القول بموجب هذه الأحاديث-يعني في باب ابن السبيل يأكل من الثمرة ويشرب من اللبن إذا مر به-:
-فذهبت طائفة إلى أنها محكمة،وأنه يسوغ الأكل من الثمار ،وشرب اللبن لضرورة وغيرها،ولا ضمان عليه.وهذا المشهور عن أحمد .
-وقالت طائفة: لا يجوز له شيء من ذلك إلا لضرورة مع ثبوت العوض في ذمته.وهذا المنقول عن مالك والشافعي وأبي حنيفة.
وقد ذكر حجج الفريقين ،وذكر لأصحاب القول الثاني سبعة أدلة ثم ذكر أدلة أصحاب القول الأول وجواباتهم على أدلة القول الثاني وقوى قول الإمام أحمد وانتصر له بذكر الحجج والأدلة.ص٢٢٤--٢٣٦
٣٣٨-وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في جواز احتلاب الماشية للشرب -ولا خلاف في مذهبه أنه لا يجوز احتلابها لغيره وهو كالخبنة في الثمار -فمنعه في إحدى الروايتين أخذا بحديث ابن عمر،وجوزه في الأخرى أخذا بحديث سمرة.ص٢٢٨
٣٣٩-أبو بشر جعفر بن إياس هذا من الحفاظ الثقات الذين لم تغمز قناتهم .ص٢٣٣
٣٤٠- سماع حماد بن سلمة من سعيد الجُريري قديم .ص٢٣٥
٣٤١-يزيد بن هارون وأمثاله إذا رووا عن رجل قد وقع في حديثه بعض الاختلاط فإنهم يميزون حديثه وينتقونه.ص٢٣٦
٣٤٢-من كان أسيرا في أيديهم-يعني المشركين- فأمكنه الخلاص بالانفلات منهم لم يحل له المقام معهم .ص٢٣٩
٣٤٣-حُيَي بن عبدالله، لم يخرج له في "الصحيحين" شيء، وقال الإمام أحمد: في حديثه مناكير ،وقال البخاري: فيه نظر .ص٢٤٢
٣٤٤-قال عبدالحق: صالح بن محمد بن زائدة ،منكر الحديث ضعيف لا يحتج به،ضعفه البخاري وغيره.ص٢٤٦
٣٤٥-ساق المختصر حديثين في مشروعية سجود الشكر ثم أتبعه ابن القيم حديثين وأثرين في بيان مشروعية ذلك .ص٢٤٩-٢٥٠
انتهى الفوائد والخلاصات من كتاب الجهاد .
٣٤٦-ذكر ابن القيم عدة أحاديث في جواز الفرع والعتيرة ،وذكر كلاما طويلا لابن المنذر والشافعي في بيان بعض الإشكالات حول الأحاديث التي أذنت بها.
-قال الخطابي: وكان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبح العتيرة في شهر رجب،ويروي فيها شيئا.
-وقال أبوداود: العتيرة منسوخة.
-وكان إسحاق بن راهويه يحمل قوله :" لا فرع ولا عتيرة" أي لا يجب ذلك، ويحمل هذه الأحاديث على الإذن فيها .
-وقال أصحاب أحمد: لا يسن شيء من ذلك،وهذه الأحاديث منسوخة .
-قال الشيخ أبومحمد -يعني ابن قدامة-:ودليل النسخ أمران ، أحدهما: أن أبا هريرة هو الذي روى حديث" لا فرع ولا عتيرة" وهو متفق عليه،وأبوهريرة متأخر الإسلام ،أسلم في السنة السابعة من الهجرة .
والثاني: أن الفرع والعتيرة كان فعلهما متقدما على الإسلام.
فالظاهر بقاؤهم عليه إلى حين نسخه واستمرار النسخ من غير رفع له .قال : ولو قدرنا تقدم النهي على الأمر بها ،لكانت قد نسخت ثم نسخ ناسخها،وهذا خلاف الظاهر .
فإذا ثبت هذا ،فإن المراد بالخبر نفي كونها سنة،لا تحريم فعلها ولا كراهته. فلو ذبح إنسان ذبيحة في رجب ،أو ذبح ولد الناقة لحاجته إلى ذلك أو الصدقة به أو إطعامه ،لم يكن ذلك مكروها .ص٢٥١--٢٥٨
٣٤٧-في باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي،ذكر ابن القيم علل حديث أم سلمة المشهور في "أن من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره ،وعند مسلم ولا بشره شيئا" ،ورد تلك العلل ونصر القول بتصحيحه وناقش الأقوال الأخرى ،ورجح القول بموجبه،وجمع بين ما عارضه من أحاديث قال بها أصحاب المذاهب الأخرى .
-وقال: ذهب إليه طائفة من التابعين ومن بعدهم، فذهب إليه سعيد بن المسيب، وربيعة، وإسحاق بن راهويه ،وأحمد وغيرهم .
-وذهب آخرون إلى أن ذلك مكروه لا محرم ،وحملوا الحديث على الكراهة ،منهم مالك وطائفة من أصحاب أحمد،منهم أبو يعلى وغيره.
-وذهبت طائفة إلى الإباحة،وأنه غير مكروه ،وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. ص٢٥٨--٢٦٣
٣٤٨-عن زيد بن خالد الجهني ،قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا،فأعطاني عَتُودا جذعا ،قال : فرجعت به إليه ،فقلت: إنه جذع ،قال:"ضح" ،فضحيت به .
وقد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحهما" من رواية عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا فبقي عتود،فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "ضح به أنت"
وقد وقع لنا حديث عقبة هذا من رواية يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ،وفيه : "لا رخصة لأحد فيها بعدك"
وقد أشار البيهقي إلى أن الرخصة أيضا لعقبة وزيد بن خالد ،كما كانت لأبي بردة.
قال ابن القيم :وقد كنا نستشكل هذه الأحاديث إلى أن يسر الله بإسفار صُبحها وزوال إشكالها،فله الحمد ،فنقول ثم ذكر -رحمه الله- ما فتح الله به عليه من إزالتها: وخلاصتها:
-أن العتود من ولد المعز : ما قوي ورعى،وأتى عليه حول ،قاله الجوهري
-قوله في حديث عقبة-لا رخصة فيها لأحد بعدك" قيل هذه الزيادة غير محفوظة .ص٢٦٤--٢٦٧
٣٤٩-عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره ،واختلف في الاحتجاج بحديثه،وإنما أخرج له البخاري مقرونا بأبي بشر .ص٢٦٩
٣٥٠-عمران بن عيينة ،أخو سفيان بن عيينة، قال أبوحاتم الرازي : لا يحتج بحديثه فإنه يأتي بالمناكير.ص٢٦٩
٣٥١-ضعف البخاري مبارك بن مجاهد،وقال أبو حاتم الرازي: ما أرى بحديثه بأسا .ص٢٧١
٣٥٢-الحمل ما دام جنينا فهو كالجزء من أمه،لا يُفرد بحكم،فإذا ذكيت الأم أتت الذكاة على جميع أجزائها التي من جملتها الجنين،فهذا هو القياس الجلي لو لم يكن في المسألة نص .ص٢٧٢
٣٥٣-قال ابن المنذر: كان الناس على إباحته-يعني الجنين في بطن أمه - لا نعلم أحدا منهم خالف ما قالوه،إلى أن جاء النعمان-يقصد أبا حنيفة- فقال : لا يحل ،لأن ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين. ص٢٧٣
٣٥٤-ذكر ابن القيم سبعة أوجه تبطل تأويل من روى بالنصب وقال :ذكاة الجنين ذكاةَ أمه.وأن الصحيح ذكاةُ أمه ،بمعنى أن أمه إذا ذكيت كان ذلك ذكاة لجنينها.ص٢٧٢--٢٧٦
٣٥٥-قال محمد بن سيرين لحبيب الشهيد: اذهب إلى الحسن فسله ممن سمع حديث العقيقة ؟
فذهب إليه فسأله فقال: سمعته من سمرة.
وهذا يرد على من قال : إنه لم يسمع منه .ص٢٧٧
٣٥٦-قوله صلى الله عليه وسلم "رهينة بعقيقته" قال الإمام أحمد: مرتهن عن الشفاعة لوالديه ،يعني إذا مات طفلا .
-وقال غيره : إنما معناه أنه مرهون بعقيقته ،أي بأذى شعره.
- وقال آخرون : معناه أن العقيقة لازمة لا ينفك منها ،فشبه في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.قال بعض العلماء : وهذا يدل أن من لم يعق عنه أبواه عق هو عن نفسه،ليفك ما عليه من ذلك الارتهان .
واحتج بذلك من يوجبها ،وهو الليث وأهل الظاهر ،ويروى عن الحسن .ص٢٧٨
٣٥٧-كان قتادة يستحب تدمية الولد ،كما ذكر أبوداود ،وقد روي عن الحسن مثل قول قتادة.
-وكره آخرون التدمية منهم أحمد ومالك والشافعي وابن المنذر .ص٢٧٨
٣٥٨-وقوله"ويسمى" ظاهره : أن التسمية تكون يوم سابعه ،وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى ابنه إبراهيم ليلة ولاده .وغيرها من الأدلة التي ذكرها .
وقد روى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ،ووضع الأذى عنه،والعق "
قال : هذا حديث حسن غريب .
والأحاديث التي ذكرناها أصح منه،فإنها متفق عليها كلها ،ولا تعارض بينها، فالأمران جائزان.ص٢٨٠
٣٥٩-قول مالك وغيره : أن الذكر والأنثى في العقيقة سواء لا يفضل أحدهما على الآخر ،وأنها كبش كبش.
-واحتج الأكثرون بحديث أم كرز ،واحتجوا بحديث عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتان مكافأتان ،وعن الجارية شاة،رواه الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح .ص٢٨٢
٣٦٠-قالوا: وأيضا فإنا قد رأينا الشريعة على أن الأنثى على النصف من الذكر في ميراثها وشهادتها وديتها وعتقها ،وحكم العقيقة موافق لهذه الأحكام ،كما أنه مقتضى النصوص .ص٢٨٤
٣٦١- قوله في الحديث "بكرا شُغزُبا ابن مخاض" شغزبا ،أي غليظا ،قال إبراهيم الحربي: والذي عندي أنه زخزبا ،وهو الذي اشتد لحمه وغلظ .ص٢٨٥
٣٦٢-إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة هذا ،قال عبدالحق: لا أعلم أحدا وثقه إلا أحمد بن حنبل ،وأما الناس فضعفوه .ص٢٨٧
٣٦٣-اختُلِف في إباحة ما أكل منه الكلب من الصيد:
-فمنعه ابن عباس، وأبوهريرة،وعطاء، وطاوس والشعبي ،وسعيد بن جبير، وقتادة وغيرهم،وهو قول إسحاق وأبي حنيفة وأصحابه، وهو أصح الروايتين عن أحمد وأشهرهما،وأحد قولي الشافعي.
-وأباحه طائفة،يروى ذلك سعد بن أبي وقاص وسلمان، ويروى عن أبي هريرة، وعن ابن عمر ،رواه أحمد عنهم،وبه قال مالك والشافعي في القول الآخر،وأحمد في إحدى الروايتين عنه .ثم ذكر حجج الفريقين،وذكر الجمع بين حديث عدي في المنع من أكل الصيد إن أكل منه الكلب،وحديث أبي ثعلبة في إباحة الأكل وإن أكل منه الكلب.فقال :ومحمل حديث عدي في المنع على ما إذا أكل منه حال صيده،لأنه إنما صاده لنفسه،ومحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن صاده وقتله ولهي عنه، ثم أقبل عليه فأكل منه فإنه لا يحرم، لأنه أمسكه لصاحبه، وأكله منه بعد ذلك كأكله من شاة ذكاها صاحبها أو من لحم عنده. ص٢٨٨-٢٩٢
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الأضاحي
٣٦٤-خالد بن سعيد بن أبي مريم وابنه عبدالله بن خالد مجهولان،وأما جده سعيد بن أبي مريم فثقة .ص٢٩٥
٣٦٥-حديث "الخال وارث من لا وارث له" ذكر المنذري بعض ما رد به حديث الخال وهي بأسرها وجوه ضعيفة كما قال ابن القيم ثم ذكر عدة وجوه تبين أن الخال يرث ،وأن أسعد الناس بهذه الأحاديث من ذهب إليها.ص٢٩٨--٣٠٣
٣٦٦-روى الترمذي عن حكيم بن حكيم ،عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"الله ورسوله مولى من لا مولى له ،والخال وارث من لا وارث له" قال الترمذي : هذا حديث حسن ،ورواه ابن حبان في"صحيحه" .ولم يصنع من أعل هذا الحديث بحكيم بن حكيم، وأنه مجهول شيئا،فإنه قد روى عنه سهيل بن أبي صالح ،وعبدالرحمن بن الحارث، وعثمان بن حكيم أخوه،ولم نعلم أن أحدا جرحه ،ومثل هذا ترتفع عنه الجهالة ويُحتج بحديثه.
قال الترمذي: وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام ،وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم.ص٢٩٩
٣٦٧-الأصل في التسمية الحقيقة،فلا يُعدل عنها إلا بعد أمور أربعة:
أحدها: قيام دليل على امتناع إرادتها .
الثاني: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي عينه مجازا له،ولا يكفي إلا بالثالث ،وهو : بيان استعماله فيه لغة ،حتى لا يكون لنا وضع نحمل عليه لفظ النص
الرابع: الجواب عن المعارض ،وهو دليل إرادة الحقيقة،ولا يكفيه دليل امتناع إرادتها ما لم يُجب عن دليل الإرادة .ص٣٠٢
٣٦٨-ذكر ثلاثة أوجه في بطلان تفسير الحديث-يعني حديث الخال-بأنه اختار وضع ماله على سبيل الطعمة.ص٣٠١-٣٠٢
٣٦٩-ميراث الأم من ولدها الذي لاعنت عليه،وقد اختلف فيه:
-فكان زيد بن ثابت يجعل ميراثها منه كميراثها من الولد الذي لم تلاعن عليه،وروي عن ابن عباس نحوه .وهو قول جماعة من التابعين، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم ،وعندهم لا تأثير لانقطاع نسبه من أبيه في ميراث الأم منه .
-وكان الحسن وابن سيرين وجابر بن زيد وحماد والثوري وغيرهم يجعلون عصبة أمه عصبة له .وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه ،وهو إحدى الروايتين عن علي وابن عباس .
-وكان ابن مسعود ،وعلي في الرواية الأخرى عنه،يجعلون أمه نفسها عصبة ،وهي قائمة مقام أمه وأبيه ،فإن عدمت فعصبتها عصبته،وهذا هو الرواية الأخرى عن أحمد نقلها عنه أبو الحارث ومهنا،ونقل الأولى الأثرم وحنبل ،وهو مذهب مكحول والشعبي .
قال ابن القيم: وأصح هذه الأقوال: أن أمه نفسها عصبته،وعصباتها من بعدها عصبة له .هذا مقتضى الآثار والقياس .ص٣٠٥
٣٧٠-قال الشافعي: إن المرسل إذا روي من وجهين مختلفين أو روي مسندا،أو اعتضد بعمل بعض الصحابة فهو حجة.ص٣٠٧
٣٧١-ذهب الجمهور إلى أنه لا توارث بين اللقيط وبين ملتقطه بذلك .
وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن ميراثه لملتقطه عند عدم نسبه ،لظاهر حديث واثلة .
وإن صح الحديث فالقول ما قال إسحاق ،لأن إنعام الملتقط على اللقيط بتربيته والقيام عليه والإحسان إليه،ليس بدون إنعام المُعتق على العبد بعتقه. فإذا كان الإنعام بالعتق سببا لميراث المعتق،مع أنه لا نسب بينهما،فكيف يستبعد أن يكون الإنعام بالالتقاط سببا له مع أنه قد يكون أعظم موقعا وأتم نعمة؟
فقول إسحاق في هذه المسألة في غاية القوة ،والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدفع الميراث بدون هذا، كما دفعه إلى العتيق مرة ،وإلى الكُبر من خزاعة مرة ،ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم شيء ينسخ ذلك،ولكن الذي استقر عليه شرعه تقديم النسب على هذه الأمور كلها،وأما نسخها عند عدم النسب فمما لا سبيل إلى إثباته أصلا،وبالله التوفيق. ص٣٠٩-٣١٠
٣٧٢-قال المنذري : أحكام الأموال والأنساب والأنكحة التي كانت في الجاهلية ماضية على ما وقع الحكم فيها أيام الجاهلية.
وقد أقرها ابن القيم واستدل لها باستدلالات نقلية وعقلية. ثم قال : وهذا أصل من أصول الشريعة بنبني عليه أحكام كثيرة .ص٣١١
٣٧٣-وأما الرجل يسلم على الميراث قبل أن يُقسم،فروي عن عمر وعثمان وعبدالله بن مسعود والحسن بن علي أنه يرث،وقال به إسحاق بن راهويه، والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه ،اختارها أكثر أصحابه .
-وذهب عامة الفقهاء إلى أنه لا يرث ،كما لو أسلم بعد القسمة ،وهذا مذهب الثلاثة ،وقد ذكر حجج الفريق الأول .
ثم ذكر ما رآه وأنه التحقيق،وأنها بمنزلة ما قبل الموت من وجه ،وبمنزلة ما بعد القسمة من وجه وذكر تحقيقا بديعا يدل على قوة فهمه وعلمه رحمه الله.ص٣١١-٣١٢-٣١٣
٣٧٤-عن تميم الداري أنه قال: يارسول الله-ما السنة في الرجل يُسلم على يدي الرجل من المسلمين ؟ قال: "هو أولى الناس بمحياه ومماته"
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
-منهم من قال : لا دلالة فيه على الميراث ،بل لو صح كان معناه: هو أحق به،يواليه وينصره،ويبره ويصله،ويرعى ذمامه ،ويغسله،ويصلي عليه ويدفنه،فهذه أولويته به،لا أنها أولويته بميراثه.
-قال بهذا الحديث آخرون منهم: إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه،وطاوس ،وربيعة،والليث، وهو قول عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز.
-وفيها مذهب ثالث: أنه إن عقل عنه ورثه ،وإن لم يعقل عنه لم يرثه،وهو مذهب سعيد بن المسيب.
-وفيها مذهب رابع ومذهب خامس، فلا إجماع في المسألة مع مخالفة هؤلاء الأعلام.
وأما تضعيف الحديث، فقد رويت له شواهد .
وآية الفرائض إنما تقتضي تقديم الأقارب عليه،ولا تدل على عدم توريثه إذا لم يكن له نسب ،والله أعلم. ص٣١٦-٣١٧-٣١٨
٣٧٥-الحلف إن اقتضى شيئا يخالف الإسلام فهو باطل،وإن اقتضى ما يقتضيه الإسلام فلا تأثير له، فلا فائدة فيه،وإذا كان وقع في الجاهلية ثم جاء الإسلام بمقتضاه لم يزده إلا شدة وتأكيدا.ص٣٢٢
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الفرائض .
٣٧٦-عن ابن عباس قال: السجل كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم: سمعت شيخنا أبا العباس ابن تيمية يقول: هذا الحديث موضوع،ولا يُعرف لرسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب اسمه "السجل" قط.
وليس في الصحابة من اسمه السجل،وكُتاب النبي صلى الله عليه وسلم معروفون لم يكن فيهم من يُقال له: السجل .ص٣٢٥
٣٧٧-قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس. وثقه ابن معين مرة وضعفه مرة ،وضعفه غيره،وحدث عنه يحيى بن سعيد. ص٣٢٧
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الخراج والإمارة
٣٧٨-عن زيد بن أرقم ،قال:" عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني"
قال ابن القيم: في هذا رد على من زعم أنه لا يُعاد من الرمد،وزعموا أن هذا لأن العّواد يرون في بيته ما لا يراه هو.وهذا باطل من وجوه :
أحدها: هذا الحديث
الثاني :جواز عيادة الأعمى
الثالث:عيادة المغمى عليه،وقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم في بيت جابر في حال إغمائه حتى أفاق،وهو صلى الله عليه وسلم الحجة .
وهذا القول في كراهة عيادة الرمد إنما هو مشهور بين العوام فتلقاه بعضهم عن بعض.ص٣٣١
٣٧٩-الطاعون قد جاء أنه وخز أعدائنا من الجن،فالطاعون كالطعان ،لا ينبغي الفرار منهما ولا تمني لقائهما.ص٣٣٣
٣٨٠-استعمل أبو سعيد الحديث-يقصد حديث الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها-على ظاهره، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث. وقد تأوله بعضهم على أن معنى الثياب العمل، كنى بها عنه ،يريد أنه يبعث على ما مات عليه من عمل صالح أو سيء.ص٣٣٤
٣٨١-قال تعالى"وثيابك فطهر" أكثر المفسرين على أن المعنى : وعملك فأصلح ونفسك فزكّ.ص٣٣٤
٣٨٢-ضمام بن إسماعيل صدوق صالح الحديث، قاله الإشبيلي.ص٣٣٥
٣٨٣-عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ،فذكر ذلك لعائشة،فقالت: وَهِل-تعني ابن عمر- إنما مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر فقال :"إن صاحب هذا ليعذب وأهله يبكون عليه" ثم قرأت :"ولا تزر وازرة وزر أخرى" وفي رواية " على قبر يهودي" .
قال ابن القيم : هذا أحد الأحاديث التي ردتها عائشة ،واستدركتها،ووهّمت فيه ابن عمر .
والصواب مع ابن عمر ،فإن حفظه ولم يهم، وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبوه عمر بن الخطاب.
وذكر ابن القيم جماعة من الصحابة أيضا رووه كما رواه ابن عمر ،ثم قال : ومحال أن يكون هؤلاء كلهم وهموا في الحديث، ووجه قول عائشة وسبب معارضتها .ص٣٣٦-٣٣٧
٣٨٤-ذكر ابن القيم أن الناس سلكوا في حديث " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" طرقا ،وذكر أربعة مسالك،ضعف الثلاثة الأوَل فلتراجع ،ثم ذكر المسلك الرابع ،وأنه أصح ما قيل في الحديث، وأن المراد بالحديث ما يتألم به الميت ويتعذب من بكاء الحي عليه،وليس المراد أن الله تعالى يعاقبه ببكاء الحي عليه؛ فإن التعذيب هو من جنس الألم الذي يناله بمن يجاوره ممن يتأذى به ونحوه،قال النبي صلى الله عليه وسلم:" السفر قطعة من العذاب" وليس هذا عقابا على ذنب ،وإنما هو تعذيب وتألم،فإذا وبخ الميت على ما يناح به عليه لحقه من ذلك تألم وتعذيب. ولا ريب أن الميت يسمع بكاء الحي ،ويسمع قرع نعالهم،وتعرض عليهم أعمال أقاربهم الأحياء،فإذا رأو فيها ما يسوءهم تألموا له .وهذا ونحوه مما يتعذب به الميت ويتألم ،ولا تعارض بين ذلك وبين قوله تعالى:" ولا تزر وازرة وزر أخرى"بوجه ما .ص٣٣٨--٣٤١
٣٨٥-وقد اختلف في الشهيد هل يغسل ويصلى عليه:قد ذكر المنذري مذاهب أهل العلم في مختصره، ثم ذكر ابن القيم بعض الأحاديث والآثار التي استُدل بها لبعض الأقوال .
ثم رجح فقال : والصواب في المسألة أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين. وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد، وهي الأليق بأصوله ومذهبه،والذي يظهر من أمر شهداء أحد: أنه لم يصل عليهم عند الدفن.
وقد قتل معه بأحد سبعون نفسا،فلا يجوز أن تخفى الصلاة عليهم .وحديث جابر بن عبدالله في ترك الصلاة عليهم صحيح صريح،وأبوه عبدالله أحد القتلى يومئذ ،فله بالوقعة من الخبرة ما ليس لغيره .
وقد ذهب الحسن البصري وسعيد بن المسيب إلى أنهم يغسلون ويصلى عليهم،وهذا ترده السنة المعروفة في ترك تغسيلهم .
فأصح الأقوال: أنهم لا يغسلون ،ويخير في الصلاة عليهم ،وبهذا يتفق جميع الأحاديث.،وبالله التوفيق. ص٣٤٦
٣٨٦-قال ابن القصار: لا يستحب القميص ولا العمامة عند مالك في الكفن ،ونحوه عن ابن القاسم .
قال : وهذا خلاف ما حكى متقدمو أصحابنا -يعني عن مالك .
٣٨٧-حديث أبي هريرة " من غسل الميت فليغتسل ،ومن حمله فليتوضأ" قد ذكر ابن القيم أحد عشر طريقا يروى بها هذا الحديث، ثم قال : ذكرها البيهقي، وقال : إنما يصح هذا الحديث عن أبي هريرة موقوفا .
ثم قال : وهذه الطرق تدل على أن الحديث محفوظ .ص٣٥٢-٣٥٣-٣٥٤
٣٨٨-هذه المسألة-يقصد الاغتسال من غسل الميت - فيها ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن الغسل لا يجب على غاسله ،وهو قول الأكثرين .
الثاني: أنه يجب .وهذا اختيار الجوزجاني ،ويروى عن ابن المسيب وابن سيرين والزهري،وهو قول أبي هريرة، ويروى عن علي .
الثالث: وجوبه من غسل الميت الكافر دون المسلم،وهو رواية عن الإمام أحمد. ص٣٥٥.
٣٨٩-ناجية بن كعب لا يُعرف أحد روى عنه غير أبي إسحاق ،قاله ابن المديني وغيره.ص٣٥٥
٣٩٠-الدفن بالليل رخص فيه عقبة بن عامر ،وابن المسيب ،وعطاء ،والثوري ، والشافعي وإسحاق .
قال الإمام أحمد: لا بأس بذلك ،وقال : أبو بكر دفن ليلا ،وعلي دفن فاطمة ليلا ،وحديث عائشة: سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم.
-وكرهه الحسن وأحمد في إحدى الروايتين. وقد روى مسلم في "صحيحه " أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر أن يقبر الرجل بالليل إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك .
قال ابن القيم : والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر .
والذي ينبغي أن يقال في ذلك-والله أعلم - إنه متى كان الدفن ليلا لا يفوت به شيء من حقوق الميت والصلاة عليه فلا بأس بذلك، وعليه تدل أحاديث الجواز،وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام عليه نهي عن ذلك ،وعليه يدل الزجر،وبالله التوفيق. ص٣٥٧-٣٥٨-٣٥٩
٣٩١- اختلف أهل العلم في القيام للجنازة وعلى القبر على أربعة أقوال:
أحدها: أن ذلك كله منسوخ ،قيام تابعها،وقيام من مرت عليه،وقيام المشيع على القبر.قال هؤلاء: وما جاء من القعود نسخ لهذا كله.
وهذا المذهب ضعيف من ثلاثة أوجه ذكرها ،وذكر المذاهب الأخرى ضمن ذكره للوجه الثاني.
ثم قال : وقد عمل الصحابة بالأمرين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقعد علي وأبوهريرة ،وقام أبو سعيد ،ولكن هذا في قيام التابع .والله أعلم. ص٣٦٢--٣٦٥
٣٩٢-تعليل قيام النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كراهية أن تطوله الجنازة تعليل باطل،فإن النبي صلى الله عليه وسلم، علل بخلافه .وعنه في ذلك ثلاث علل :
إحداها: قوله"إن الموت فزع"ذكره مسلم من حديث جابر.
الثانية: أنه قام للملائكة كما روى النسائي عن أنس.
الثالثة:التعليل بكونها نفسا.وهذا في "الصحيحين "من حديث قيس بن سعد وسهل بن حنيف.
فهذه هي العلل الثابتة عنه،وأما التعليل بأن كراهية أن تطوله ،فلم يأت في شيء من طرق هذا الحديث الصحيحة. ولو قدر ثبوتها فهي ظن من الراوي ،وتعليل النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكره بلفظه أولى .ص٣٦٤
٣٩٣-عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشون أمام الجنازة"
ذكر ابن القيم تبعا للمنذري من وصله ومن أرسله ،وكأنه يميل إلى وصله-رحمه الله-تبعا لسفيان بن عيينة فقد كان مصرا على وصله،ونوظر فيه فقال : الزهري حدثنيه مرار، فسمعته من فيه ،يعيده ويُبديه: عن سالم عن أبيه. ص٣٦٦--٣٧٠
٣٩٤-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه"
قال ابن القيم: المحفوظ في كتاب "السنن" لأبي داود ورواه الإمام أحمد في" المسند" ولفظه"فلا شيء له"
وهذا الحديث فيه أربعة ألفاظ:
فلا شيء فقط ،فلا شيء عليه وهي رواية الخطيب .
"فلا شيء له"وهي رواية ابن ماجه،" فليس له أجر" ذكره أبوعمر في التمهيد ،وقال : هو خطأ لا إشكال فيه. قال : والصحيح:" فلا شيء له"
وهذا الذي قاله أبو عمر في حديث أبي هريرة هو الصواب .
وقد ضعف أحمد هذا الحديث. ص٣٧١-٣٧٢
٣٩٥-ذكر ابن القيم أن الطحاوي قال بنسخ صلاة النبي على سهيل بن بيضاء في المسجد ،ثم نقل عن البيهقي بأنه ليس بمنسوخ وأن الصحابة لم ينكروا على عائشة ولا عارضوها ثم نقل ما يؤيد كلام البيهقي عن الخطابي رحم الله الجميع. ص٣٧٣- ٣٧٤
٣٩٦-قال الإمام أحمد: ومن يشك في الصلاة على القبر؟ يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه كلها حسان.وقد نقل عن الترمذي مذاهب العلماء ، فالشافعي وأحمد وإسحاق قد قالوا بذلك،وقال مالك : لا يصلى على القبر ،وقال ابن المبارك: إذا دفن الميت ولم يُصل عليه صلي على القبر .ص٣٧٥
٣٩٧-قال ابن حبان : زاذان لم يسمعه من البراء -يعني حديث الجلوس عند القبر-،قال : ولذلك لم أخرجه .
قال ابن القيم : وهذه العلة فاسدة فإن زاذان قال : سمعت البراء بن عازب يقول .ذكره أبو عوانة الإسفراييني في"صحيحه".
وأعله ابن حزم أيضا بضعف المنهال بن عمرو .وهي علة فاسدة ،فإن المنهال ثقة صدوق،وقد صححه أبو نعيم وغيره. ص٣٧٧
٣٩٨-الأمر بتسوية القبور إنما هو تسويتها بالأرض ،وأن لا ترفع مشرفة عالية ،وهذا لا يناقض تسنيمها شيئا يسيرا عن الأرض.ص٣٧٨
٣٩٩-بوب أبوداود:باب الميت يصلى على قبره بعد حين .ثم ذكر حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين،كالمودع للأحياء والأموات.
قال ابن القيم: وتبويب أبي داود وذكره هذا الحديث يدل على أن ذلك لا يتقيد عنده بوقت، لا شهر ولا غيره .
وصلاته على أم سعد بعد شهر لا ينفي الصلاة بعد أزيد منه، وكون الميت في الغالب لا يبقى أكثر من شهر لا معنى له ،فإن هذا يختلف باختلاف الأرض، والعظام تبقى مدة طويلة،ولا تأثير لتمزق اللحوم .ص٣٨٠
٤٠٠-في باب كراهية اتخاذ القبور مساجد، ذكر ابن القيم تبعا للمختصر سبعة أحاديث في تحريم اتخاذ القبور مساجد .ص٣٨٢

٤٠١-حديث بشير مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه:"فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان ،فقال :"يا صاحب السبتيتين ،ويحك! ألق سبيتيتيك " فنظر الرجل ،فلما عرف رسول الله خلعهما فرمى بهما".قال أحمد : حديث بشير إسناده جيد أذهب إليه.
أما معارضته بقوله صلى الله عليه وسلم:"إنه ليسمع قرع نعالهم" فمعارضة فاسدة،فإن هذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بالواقع وهو سماع الميت قرع نعال الحي،وهذا لا يدل على الإذن في قرع القبور والمشي بينها بالنعال،إذ الإخبار عن وقوع الشيء لا يدل على جوازه ولا تحريمه ولا حكمه، فكيف يعارض النهي الصريح به ؟.ص٣٨٣--٣٨٦
٤٠٢-وبالجملة ،فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا ،فإن القبر قد صار داره،وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم " كسر عظم الميت ككسره حيا" فدل على أن احترامه في قبره كاحترامه في داره .
والقبور هي ديار الموتى ومنازلهم ومحل تزاورهم ،وعليها تنزل الرحمة من ربهم والفضل على محسنهم ،فهي منازل المرحومين ومهبط الرحمة،ويَلقى بعضهم بعضا على أفنية قبورهم،يتجالسون ويتزاورون ،كما تضافرت به الآثار. ومن تأمل "كتاب القبور" لابن أبي الدنيا رأى فيه آثارا كثيرة في ذلك .
فكيف يُستبعَد أن يكون من محاسن الشريعة إكرام هذه المنازل عن وطئها بالنعال واحترامها؟ بل هذا من تمام محاسنها،وشاهده ما ذكرناه من وطئها والجلوس عليها والاتكاء عليها .ص٣٨٥
٤٠٣-وقد اختلف في زيارة القبور للنساء على ثلاثة أقوال :
أحدها: التحريم .
والثاني: يكره من غير تحريم .وهذا منصوص أحمد في إحدى الروايات عنه .
والثالث: أنه مباح لهن من غير مكروه ،وهو الرواية الأخرى عن أحمد .
وقد ذكر ابن القيم-رحمه الله- أدلة هذه الأقوال وناقش أدلة المجوزين وهي قوية وخلص إلى أن أدلة المانعين أقوى وأرجح وأصرح .فلتراجع فإنها من المهمات .ص٣٨٧--٣٩٦
٤٠٤-عن ابن عباس قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل وقصته راحلته فمات وهو محرم فقال : كفنوه في ثوبيه ...الحديث "
ذكر أبوداود عن أحمد خمس سنن في هذا الحديث، وقال ابن القيم: وفتح الإمام أحمد لمن بعده خمس سنن أخرى ثم ذكرها .ص٣٩٧-٣٩٨
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الجنائز .
٤٠٥-قال أحمد: إذا لم نقبل سعيدا عن عمر فمن نقبل؟ قد رأى عمر وسمع منه ،ذكره ابن أبي حاتم .
فليس روايته عنه منقطعة على ما ذكره أحمد .ولو كانت منقطعة، فهذا الانقطاع غير مؤثر عند الأئمة ،فإن سعيدا أعلم الخلق بأقضية عمر، وكان ابنه عبدالله يسأل سعيدا
عنها .وسعيد بن المسيب إذا أرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مرسله ،فكيف إذا روى عن عمر .ص٤٠١-٤٠٢
٤٠٦-قال البيهقي:سليمان بن أرقم متروك.
وقد روينا عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: محمد بن الزبير الحنظلي منكر الحديث وفيه نظر.ص٤٠٥-٤٠٦
٤٠٧-قال الموجبون للكفارة في نذر المعصية -وهم أحمد وإسحاق والثوري وأبوحنيفة وأصحابه- الآثار قد تعددت طرقها ورواتها ثقات.
قالوا : وقد روى مسلم في"صحيحه" من حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" كفارة النذر كفارة اليمين" وهذا يتناول نذر المعصية من وجهين:
أحدهما: أنه عام لم يَخص منه نذرا دون نذر .
الثاني: أنه شبهه باليمين، ومعلوم أنه لو حلف على المعصية وحَنث لزمته كفارة يمين ،بل وجوب الكفارة في نذر المعصية أولى منها في يمين المعصية .
ثم شرع ابن القيم في ذكر موجبات دخول النذر في مسمى اليمين بل هو آكد فلتراجع .ص٤٠٨--٤١٤
٤٠٨-قال بعض الموجبين للكفارة فيه:،إنه إذا نذر المعصية لم يَبَر بفعلها،بل تجب عليه الكفارة عينا ولو فعلها،لقوة النذر،بخلاف ما إذا حلف عليها ،فإنه إنما تلزمه الكفارة إذا حنث،لأن اليمين أخف من النذر. وهذا أحد الوجهين لأصحاب أحمد،وتوجيهه ظاهر جدا،فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن الوفاء بالمعصية،وعيّن عليه الكفارة عينا،فلا يخرج من عهدة الأمر إلا بأدائها.وبالله التوفيق .ص٤١٣
٤٠٩-القياس: أنه إن كان حالفا بالصدقة أجزأه كفارة يمين،وإن كان ناذرا متقربا تصدق به وأبقى له ما يكفيه ويكفي عياله.
-وقال ربيعة: يتصدق منه بقدر الزكاة ،لأنها هي الواجب شرعا ،فينصرف النذر إليها .
- وقال الشافعي: إن حلف به فكفارة يمين ،وإن نذر قربة تصدق به كله.
-وقال مالك : يخرج ثلثه في الوجهين .
-وقال أبوحنيفة: إن كان ماله زكويا تصدق به كله،وعنه في غير الزكوي روايتان،إحداهما: يخرجه كله،والثانية: لا تجب الصدقة بشيء منه .
-وأصح هذه الأقوال: ما دل عليه حديث كعب المتفق عليه ،أنه يتصدق به ويمسك عليه بعضه،وهو ما يكفيه ويكفي عياله.ص٤١٦
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الأيمان والنذور .
٤١٠-قال البخاري: حديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة من عكرمة عن ابن عباس رواه الثقات عن ابن عباس موقوفا ،أو عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .ص٤١٨
٤١١-اختلف أهل العلم في هذه المسألة-يقصد بيع الحيوان بالحيوان نسيئة-على أربعة أقوال، وهي أربع روايات عن أحمد:
إحداها: أن ما سوى المكيل والموزون من الحيوان والنبات ونحوه يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا ومتساويا ،وحالا ونساء،وأنه لا يجري فيه الربا بحال ،وهذا مذهب الشافعي وأحمد في إحدى رواياته،واختارها القاضي وأصحابه،وصاحب "المغني"
-والرواية الثانية عن أحمد : أنه يجوز التفاضل فيه يدا بيد،ولا يجوز نسيئة،وهي مذهب أبي حنيفة، كما دل عليه حديث جابر وابن عمر
- والرواية الثالثة عنه: أنه يجوز فيه النساء إذا كان متماثلا ،ويحرم مع التفاضل .
وعلى هاتين الروايتين : فلا يجوز الجمع بين النسيئة والتفاضل ،بل إن وجد أحدهما حرم الآخر .
وهذا أعدل الأقوال في المسألة وهو قول مالك،فيجوز عبد بعبدين حالا،وعبد بعبد نساء،إلا أن لمالك فيه تفصيلا .
- وأما إذا اختلف الجنس ،كالعبيد بالثياب ،والشاء بالإبل ،فإنه يجوز عند جمهور الأمة التفاضل فيه والنساء،إلا ما حكي رواية عن أحمد: أنه يجوز بيعه متفاضلا يدا بيد ولا يجوز نساء،وحكى أصحابنا عن أحمد رواية رابعة في المسألة.
وهذه الرواية في غاية الضعف لمخالفتها النصوص،وقياس الحيوان على المكيل فاسد .
ثم قال في آخر المسألة: فهذه نكت في هذه المسألة المعضلة، لا تكاد توجد مجموعة في كتاب ،وبالله التوفيق. ص٤٢٣--٤٢٧
٤١٢-قال أبوداود: "إذا اختلفت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده"ص٤٢٦
٤١٣-في "صحيح البخاري" بإسناده عن شبيب بن غرقدة قال :"سمعت الحي يتحدثون عن عروة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري له به شاة ،فاشترى له به شاتين ..الحديث.
قال ابن القيم: وقد استدرك عليه روايته له عن الحي وهم غير معروفين ،وما كان هكذا فليس من شرط كتابه .
وقد رواه ابن ماجه من رواية شبيب عن عروة نفسه،والصحيح أنه لم يسمعه منه .ص٤٣٤
٤١٤-ذكر ابن القيم تبعا للمنذري أحاديث النهي عن المزارعة و النهي عن كراء المزارع وأنها حجو لمن ذهب إليها من أبطل المزارعة .
ثم ذكر من صححها -يعني المزارعة - ومن قال بذلك من السلف وغيرهم والأحاديث المجوزة لذلك والآثار ،ثم أجاب بتسعة أجوبة شافية كافية على أحاديث النهي ومن قال بها بما يشفي ويقضي أن الجواز أرجح وأصح وأشهر قد عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفاؤه الراشدون من بعده حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعدهم .ص٤٣٥--٤٥٠
٤١٥-أحاديث رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض ،قال الإمام أحمد:حديث ألوان، وقال أيضا: حديث رافع ضروب .ص٤٤٤
٤١٦-ابن عمر-رضي الله عنهما-لم يحرم المزارعة،ولم يذهب إلى حديث رافع،وإنما كان شديد الورع،فلما بلغه حديث رافع خشي أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث في المزارعة شيئا لم يكن علمه، فتركها لذلك .
وقد جاء هذا مصرحا به في "الصحيحين" أن ابن عمر إنما تركها لذلك ،ولم يحرمها على الناس.ص٤٤٤
٤١٧-من تأمل حديث رافع ،وجمع طرقه ،واعتبر بعضها ببعض،وحمل مجملها على مفسرها ومطلقها على مقيدها علم أن الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أمر بين الفساد ،وهو المزارعة الظالمة الجائرة ،فإن قال" كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه. ص٤٤٥
٤١٨-الإجارة شيء والمزارعة شيء ،فالمزارعة من جنس الشركة يستويان في الغنم والغرم ،فهي كالمضاربة بخلاف الإجارة، فإن المؤجر على يقين من المغنم وهو الأجرة ،والمستأجر على رجاء ..
ولهذا كان أحد القولين للمجوزين المزارعة : إنها أحل من الإجارة وأولى بالجواز ،لأنهما على سواء في الغنم والغرم ،فهي أقرب إلى العدل .فإذا استأجرها بثلث أو ربع كانت هذه إجارة لازمة ،وذلك لا يجوز، ولكن المنصوص عن الإمام أحمد جواز ذلك . واختلف أصحابه على ثلاثة أقوال في نصه .ص٤٤٧
٤١٩- لو غصب رجل فحلا فنزا على ناقته أو رمكته لكان الولد لصاحب الأنثى ،دون صاحب الفحل ،لأنه إنما يكون حيوانا من أجزائها ،ومنيّ الأب لما لم يكن له قيمة أهدره الشارع،لأن عسب الفحل لا يقابل بالعوض.ولما كان البذر مالا متقوما رُد على صاحبه قيمته،ولم يذهب عليه باطلا،وجعل الزرع لمن يكون في أرضه ،كما يكون الولد لمن يكون في بطن أمه ورمكته وناقته.ص٤٥٢
٤٢٠-قال الإمام أحمد: عبيدالله بن أبي جعفر من أهل مصر ،ضعيف في الحديث، كان صاحب فقه، فأما في الحديث فليس هو فيه بالقوي .ص٤٥٦
٤٢١-كان ابن عمر إذا أعتق عبدا لم يعرض لماله .قيل للإمام أحمد: هذا عندك على التفضل ؟ قال إي لعمري ،على التفضل .قيل له : فكأنه عندك للسيد؟ فقال: نعم للسيد،مثل البيع سواء. ص٤٥٦
٤٢٢-قد أفاض ابن القيم-رحمه الله- في بيان وتأكيد النهي عن العينة،وقد ذكر ثمانية أدلة تدل على تأكد النهي عن هذا البيع من الأحاديث والآثار ،وذكر بعض الأمثلة التي تبين الأدلة، وذكر أيضا أدلة عقلية في النهي عنها.وقد بين أن هذه الأحاديث محفوظة قوية،وذكر ضمن شرحه للأحاديث بعض الفوائد المحررة من قياسات وذكر للمذاهب وبعض الأقوال التي قد لا تجدها مجموعة في محل واحد ،وذكر أيضا خمس صور للعينة وبينها بالأمثلة ،ثم ختم بقوله: والله تعالى لا تخفى عليه خافية ،بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .ص٤٥٧--٤٧٩
٤٢٣-العينة وسيلة إلى الربا ،بل هي من أقرب وسائله ،والوسيلة إلى الحرام حرام .ص٤٥٩
٤٢٤- قول الصحابي : حرم رسول الله كذا ،وأمر بكذا، وقضى بكذا،وأوجب كذا،في حكم المرفوع اتفاقا من أهل العلم، إلا خلافا شاذا لا يعتد به ولا يؤبه له .ص٤٦٠
٤٢٥-الله سبحانه مسخ اليهود قردة وخنازير لما توسلوا إلى الصيد الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحة .
وسمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون مثل ذلك مخادعة .
قال أيوب السختياني:" يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان،لو أتوا الأمر على وجهه كان أسهل ".
٤٢٦- قالوا -يعني المحرمون للعينة-ولهذا الأصل-وهو تحريم الحيل المتضمنة إباحة ما حرم الله ،أو إسقاط ما أوجبه الله عليه - أكثر من مائة دليل .ص٤٦٤
٤٢٧-الحسنات لا تبطل بمسائل الاجتهاد .ص٤٦٨
٤٢٨-روى أبوداود من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا". وللعلماء في تفسيره قولان :
-أحدهما: أن يقول : بعتك بعشرة نقدا،أو عشرين نسيئة ،وهذا الذي رواه أحمد عن سماك .
وهذا التفسير ضعيف ،فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة ،ولا صفقتين هنا ،وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين .
-والتفسير الثاني: أن يقول أبيعكما بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة .وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره .ص٤٧٠
٤٢٩-أخبر صلى الله عليه وسلم عن استحلال المحارم،ولكنه بتغيير أسمائها،وإظهار صور تُجعل وسيلة إلى استباحتها،وهي الربا والخمر والزنا،فيسمى كل منها بغير اسمها،ويُستباح بالاسم الذي سمي به،وقد وقعت الثلاثة .ص٤٧٤
٤٣٠-قي قول عائشة لأم ولد زيد بن أرقم "بئسما شريتِ،وبئسما اشتريت" دليل على بطلان العقدين معا -يقصد في بيع العينة- وهذا هو الصحيح من المذهب، لأن الثاني عقد ربا ،والأول وسيلة إليه .
وفيه قول آخر في المذهب : إن العقد الأول صحيح،لأنه تم بأركانه وشروطه ،فطريان الثاني عليه لا يبطله،وهذا ضعيف .ص٤٧٤
٤٣١-فإن قيل : فما تقولون فيمن باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة ؟
قلنا: قد نص أحمد في رواية حرب على أنه لا يجوز إلا أن تتغير السلعة ،لأن هذا يتخذ وسيلة إلى الربا ،فهو كمسألة العينة سواء،وهي عكسها صورة .
وفي الصورتين قد ترتب في الذمة دراهم مؤجلة بأقل منها نقدا،لكن في إحدى الصورتين البائع هو الذي اشتغلت ذمته،وفي الصورة الأخرى المشتري هو الذي اشتغلت ذمته،فلا فرق بينهما. ص٤٧٤-٤٧٥
٤٣٢-مسألة التورق قد نص أحمد في رواية أبي داود على أنها من العينة ،وأطلق عليها اسمها .
وقد اختلف السلف في كراهيتها ،فكان عمر بن عبدالعزيز يكرهها ،وكان يقول: التورق آخية الربا ،ورخص فيها إياس بن معاوية ، وعن أحمد فيها روايتان منصوصتان ،وعلل الكراهة في إحداهما بأنه بيع مضطر.
وقد روى أبوداود عن علي : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضطر .ص٤٧٦
٤٣٣-للعينة صورة رابعة ،وهي أخف صورها ،وهي أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة ،ونص أحمد على كراهة ذلك .ص٤٧٧
٤٣٤-حديث عمرة عن عائشة:ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله فعالجه وقام عليه ،حتى تبين له النقصان ،فسأل رب الحائط أن يضع عنه،فحلف أن لا يفعل ،فذهبت أم المشتري إلى رسول الله، فذكرت ذلك له ،فقال رسول الله " تألى أن لا يفعل خيرا؟! فسمع بذلك رب المال ،فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله هو له.
علله الشافعي بالإرسال،وليس بصريح في وضع الجائحة .
وقد تأوله من لا يرى وضع الجائحة بتأويلات باطلة .ثم ذكرها ورد عليها .ص٤٨٠-٤٨١
٤٣٥-عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه -قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره".
قال ابن القيم-رحمه الله- اختلف الفقهاء في حكم هذا الحديث، وهو جواز أخذ غير المُسلم فيه عوضا .وللمسألة صورتان :
إحداهما: أن يعاوض عن المُسْلم فيه مع بقاء عقد السلم،فيكون قد باع دين السلم قبل قبضه ،وقد ذكر أن مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه : أنه لا يجوز بيعه قبل قبضه ،لا لمن هو في ذمته ولا لغيره .
وحكى بعض أصحابنا ذلك إجماعا ،وليس بإجماع،فمذهب مالك جوازه،وقد نص عليه أحمد في غير موضع ،وجوز أن يأخذ عوضه عَرَضا بقدر قيمة دين السلم وقت الاعتياض ولا يربح فيه .ثم ذكر أربع روايات عن أحمد في هذه المسألة، وذكر حجج المانعين وأدلتهم والمجوزين وأدلتهم وردهم على المانعين وقوى مذهب المجوزين وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة كما تقدم ،والواجب عند التنازع : الرد إلى الله وإلى رسوله .ص٤٨٢--٤٩٣
٤٣٦-نقل أحمد بن أصرم : سئل أحمد عن رجل أسلم في طعام إلى أجل ،فإذا حل الأجل يشتري منه عقارا أو دارا ؟ فقال نعم يشتري منه ما لا يكال ولا يوزن .ص٤٨٤
٤٣٧- وأما المسألة الثانية: وهي إذا انفسخ العقد بإقالة أو غيرها ،فهل يجوز أن يأخذ عن دين السلم عوضا من غير جنسه ؟ فيه وجهان:
-أحدهما: لا يجوز ذلك حتى يقبضه ثم يصرفه فيما شاء .وهذا اختيار الشريف أبي جعفر،وهو مذهب أبي حنيفة.
-والثاني : يجوز أخذ العوض عنه .وهو اختيار القاضي أبي يعلى ،وشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الشافعي. وهو الصحيح ،فإن هذا عوض مستقر في الذمة ،فجازت المعاوضة عليه كسائر الديون من القرض وغيره.وقد ذكر أدلة المانعين والمجوزين ومناقشاتهم .ص٤٩٣-٤٩٤
٤٣٨-إذا باعه ما يجري فيه الربا،كالحنطة مثلا بثمن مؤجل،فحل الأجل فاشترى بالثمن حنطةأو مكيلا آخر من غير الجنس ،مما يمتنع ربا النساء بينهما ،فهل بجوز ذلك ؟ فيه قولان :
-أحدهما : المنع ،وهو المأثور عن ابن عمر ،وسعيد بن المسيب وطاوس. وهو مذهب مالك وإسحاق.
- والثاني: الجواز، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وابن المنذر ،وهو اختيار صاحب "المغني" وشيخنا.
والأول اختيار عامة الأصحاب .والصحيح الجواز ص٤٩٥
٤٣٩-قال ابن المنذر : أجمع العلماء على أن من اشترى طعاما فليس له بيعه حتى يقبضه .
وحكي ذلك عن غير واحد من أهل العلم إجماعا.وأما ما حكي عن عثمان البتي من جوازه ،فإن صح لم يعتد به .
-فأما غير الطعام فاختلف فيه الفقهاء على أقوال عديدة ذكر منها أربعة أقوال ،ورجح ابن القيم القول الرابع، وأنه لا يجوز بيع شيء من المبيعات قبل قبضه بحال، وهذا مذهب ابن عباس والشافعي ومحمد بن الحسن، وهو إحدى الروايات عن أحمد .وذكر وجوه ترجيحه لهذا القول وبعض المناقشات بين المعممين للمنع من بيع شيء قبل قبل قبضه بحال، وبين المخصصين لمنع بيع بعض الأصناف قبل قبضها فلتراجع فإنها من المهمات المشكلات.٤٩٦--٥٠٩
٤٤٠-في ثنايا المناقشة بين المعممين لمنع أي بيع يباع قبل قبضه وبين المخصصين قال المخصصون : قد جوزتم بيع الملك قبل قبضه في صور ،ثم ذكروا اثنتي عشرة صورة منها : بيع الميراث قبل قبض الوارث له.
قال المعممون: الفرق بين هذه الصور وبين التصرف في المبيع قبل قبضه: أن الملك فيه غير مستقر،فلم يُسلط على التصرف في ملك مزلزل، بخلاف هذه الصور ،فإن الملك فيها مستقر غير معرض للزوال ،على أن المعاوضات فيها غير مجمع عليها،بل مختلف فيها كما ذكرناه.ص٥٠٦-٥٠٧
٤٤١-وقد ذكر للمنع من بيع مالم يقبض علتان :
إحداهما: ضعف الملك ،لأنه لو تلف انفسخ البيع
والثانية: أن صحته تفضي إلى توالي الضمانين ،فإن لو صححناه كان مضمونا للمشتري الأول على البائع الأول،وللمشتري الثاني على البائع الثاني ،فكيف يكون الشيء الواحد مضمونا لشخص مضمونا عليه ؟
قال ابن القيم:وهذان التعليلان غير مرضيين ثم ذكر وجه تضعيفهما ،وأن أبا المعالي الجويني لما رأى ضعف هذين التعليلين قال : لا حاجة إلى ذلك،والمعتمد في بطلان البيع إنما هو الأخبار .
وقد ذكر في آخر عرض هذه المسألة،أن المأخذ الصحيح في المسألة:أن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء ،وعدم انقطاع علاقة البائع عنه،فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه،ويُغيره الربح وتضيق عينه منه،وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلما ،وإلى الخصام والمعاداة ؛ والواقع شاهد بهذا .حتى قال: وهذه العلة أقوى من تينك العلتين .ص٥٠٩--٥١٢
٤٤٢-الشافعي يمنع التصرف في المبيع قبل قبضه،ويجعله من ضمان البائع مطلقا ،وهو رواية عن أحمد ،وأبوحنيفة كذلك إلا في العقار .
-وأما مالك وأحمد في المشهور من مذهبه فيقولان: ما تمكن المشتري من قبضه وهو المتعين بالعقد،فهو من ضمان المشتري ،ومالك يجوز التصرف فيه وأحمد،ويقولان : المُمَكن من القبض جار مجرى القبض على تفصيل في ذلك .فظاهر مذهب أحمد أن الناقل للضمان إلى المشتري هو التمكن من القبض لا نفسه ،وكذلك ظاهر مذهبه أن جواز التصرف فيه ليس ملازما للضمان ولا مبنيا عليه .ص٥١٠-٥١١
٤٤٣-عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يحل سلف وبيع ،ولا شرطان في بيع،ولا ربح مالم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك "
قال ابن القيم: هذا الحديث أصل من أصول المعاملات،وهو نص في تحريم الحيل الربوية،وقد اشتمل على أربعة أحكام ،ثم أطال في بيانها والتمثيل لها، وبيان معانيها الصحيحة. ص٥١٢--٥٢٨
٤٤٤-تحريم الشرطين في البيع ،قد أشكل على أكثر الفقهاء معناه من حيث أن الشرطين إن كانا فاسدين فالواحد حرام ،فأي فائدة لذكر الشرطين؟ وإن كانا صحيحين لم يَحرما .
ثم ذكر الأقوال في معناها واستقصى وردها كلها ،وقال بعد عرضها : وكل هذه الأقوال بعيدة عن مقصود الحديث، غير مرادة منه .
ثم قال : فإذا تبين ضعف هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعضه ببعض ،فنفسر كلامه بكلامه فنقول: نظير هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة،وعن بيعتين في بيعة.
وفسر بأن يقول : خذ هذه السلعة بعشرة نقدا،وآخذها منك بعشرين نسيئة ،وهي مسألة العينة بعينها.وهذا هو المعنى المطابق للحديث. ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى. وهذا بعينه الشرطان في بيع .ص٥١٣--٥١٩
٤٤٥-قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.وكذلك إن شرط أن يؤجره داره أو يبيعه شيئا لم يجز ،لأنه سُلم إلى الربا،ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
لهذا منع السلف من قبول هدية المقترض إلا أن يحتسبها المُقرض من الدين .ص٥٢٠
٤٤٦-قال ابن أبي موسى : ولو أقرضه قرضا ثم استعمله عملا،لم يكن يستعمله مثله قبل القرض،كان قرضا جر منفعة. قال : ولو استضاف غريمه ،ولم تكن العادة جرت بينهما بذلك حسب له ما أكله .ص٥٢٢
٤٤٧-واختلفت الرواية عن أحمد فيما لو أقرضه دراهم ،وشرط عليه أن يوفيه إياها ببلد آخر ولا مؤنة لحملها ،فروي عنه أنه لا يجوز .وكرهه الحسن وجماعة ،ومالك والأوزاعي والشافعي .
- وروي عنه الجواز ،نقله ابن المنذر ؛ لأنه مصلحة لهما،فلم ينفرد المُقرض بالمنفعة،وحكاه عن علي ،وابن عباس،وابن سيرين، والثوري وإسحاق .واختاره القاضي.
-ونظير هذا : لو أفلس غريمه فأقرضه دراهم يوفيه كل شهر شيئا معلوما من ربحها جاز،لأن المقرض لم ينفرد بالمنفعة.
-ونظيره لو كان له عليه حنطة،فأقرضه دراهم يشتري له بها حنطة ويوفيه إياها .
-ونظير ذلك أيضا: إذا أقرض فلاّحه ما يشتري به بقرا يعمل بها في أرضه،أو بذرا يبذره فيها. ومنعه ابن أبي موسى، والصحيح جوازه ،وهو اختيار صاحب"المغني" ،وذلك لأن المستقرض إنما يقصد نفع نفسه،ويحصل انتفاع المقرض ضمنا،فأشبه أخذ السّفتجة به وإيفاءه إياه في بلد آخر،من حيث إنه مصلحة لهما جميعا .ص٥٢٢-٥٢٣-٥٢٤
٤٤٨-ذكر ابن القيم العلة من النهي عن ربح ما لم يضمن.وذكر أن أحمد قد نص في الاعتياض عن دين القرض وغيره أنه إنما يعتاض عنه بسعر يومه لئلا يربح فيما لم يضمن .
ثم قال: فإن قيل : هذا ينتقض عليكم بمسألتين :
إحداها: بيع الثمار بعد بدو صلاحها ،فإنكم تجوزن لمشتريها أن يبيعها على رؤوس الأشجار ويربح فيها ،ولو تلفت بجائحة لكانت من ضمان البائع .
-والمسألة الثانية: أنكم تجوزون للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة بمثل الأجرة وزيادة،مع أنها لو تلفت لكانت من ضمان المؤجر،فهذا ربح مالم يضمن .
وقد رد هذا النقض بما ينقضه ويبطله فراجعه تجد ما يكفيك .ص٥٢٤-٥٢٥
٤٤٩-قوله:" ولا تبع ما ليس عندك" مطابق لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، لأنه إذا باع ما ليس عنده فليس على ثقة من حصوله ،بل قد يحصل له وقد لا يحصل، فيكون غررا ،كبيع الآبق والشارد والطير في الهواء،وما تحمل ناقته ونحوه .وقد ذكر بعض الإشكالات وأجاب عنها. ص٥٢٧
٤٥٠-قال البخاري في"تاريخه": عبدالملك بن عبيد عن بعض ولد عبدالله بن مسعود ،روى عنه إسماعيل بن أمية ،مرسل .
وابن أبي ليلى كان كثير الوهم في الإسناد والمتن،وأهل العلم بالحديث لا يقبلون منه ما ينفرد به لكثرة أوهامه .ص٥٣٤-٥٣٥٠
٤٥١-قال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت مسددا وغيره من أصحابنا عن يحيى بن سعيد قال: قال شعبة: لو أن عبدالملك جاء بمثله آخر أو اثنين لتركت حديثه،يعني حديث الشفعة .ص٥٣٨
٤٥٢-عبدالملك بن أبي سليمان ،قد احتج به مسلم في"صحيحه" ،وخرج له عدة أحاديث، ولم ينكر عليه تصحيح حديثه والاحتجاج به أحد من أهل العلم، واستشهد به البخاري .ولم يرو ما يخالف الثقات ،بل روايته موافقة لحديث أبي رافع الذي أخرجه البخاري ،ولحديث سمرة الذي صححه الترمذي .ص٥٤٠
٤٥٣-في مسألة شفعة الجار ذكر الجمع بين حديث أبي سلمة في انتفاء الشفعة عند تميز الحدود وتصريف الطرق ،وحديث عبدالملك في إثبات الشفعة بالجوار ثم قال : الناس ف شفعة الجوار طرفان ووسط،فأهل المدينة وأهل الحجاز وكثير من الفقهاء ينفونها مطلقا،وأهل الكوفة يثبتونها مطلقا،وأهل البصرة يثبتونها عند الاشتراك في حق من حقوق الملك ،كالطريق والماء ونحوه،وينفونها عند تميز كل ملك بطريقه حيث لا يكون بين المُلاك اشتراك ،وعلى هذا القول تدل أحاديث جابر منطوقها ومفهومها،ويزول عنها التضاد والاختلاف،ويعلم أن عبدالملك لم يرو ما يخالف رواية غيره،والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد، وأعدلها وأحسنها هذا القول الثالث،والله الموفق للصواب.ص٥٤٠-٥٤١
٤٥٤-قال الإمام أحمد ويحيى بن معين وغيرهما: حديث إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيح.ص٥٤٤
٤٥٥-في لفظ"هذا جور فأشهد على هذا غيري" هذا صريح في أنه ليس إذنا،بل هو تهديد لتسميته إياه جورا ،وحجة على التحريم كقوله تعالى:"اعملوا ما شئتم" وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"،أي الشهادة على هذا ليست من شأني ولا تنبغي لي،وإنما هي من شأن من يشهد على الجور والباطل وما لا يصلح،وهذا في غاية الوضوح .
وقد كتبت في هذه المسألة مصنفا مفردا استوفيت فيه أدلتها ،وشُبَه من خالف هذا الحديث ونقضها عليهم.وبالله التوفيق .ص٥٤٨
٤٥٦-اختلف أهل الحديث في سماع الحسن من سمرة على ثلاثة أقوال :
أحدها: صحة سماعه منه مطلقا ،وهذا قول يحيى بن سعيد، وعلي ابن المديني، وغيرهما .
والثاني: أنه لا يصح سماعه منه وإنما روايته عنه من كتاب .
والثالث: صحة سماعه من لحديث العقيقة وحده.
قال البخاري في "صحيحه" عن حبيب الشهيد قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته،فقال : من سمرة بن جندب. ص٥٤٩-٥٥٠
٤٥٧-قال النسائي: داود بن خالد ليس بالمشهور .ص٥٥٣
٤٥٨-وقد استدرك على الترمذي تصحيح كثير هذا-يقصد كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني- فإنه ضعيف؛ قال عبدالله بن أحمد: أمرني أبي أن أضرب على حديثه ،وقال مرة : ضرب أبي على حديثه ،فلم يحدثنا به،وقال : هو ضعيف الحديث. وقال ابن معين : ليس بشيء .ص٥٥٦
٤٥٩-رواية عبدالله بن الحسين المصيصي عن عفان ،قال ابن حبان : كان يقلب الأخبار ويسرقها ،لا يُحتج بما انفرد به .ص٥٥٦
٤٦٠-قوله تعالى(يأيها الذين ءامنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ...الآية)
قد تأولها قوم بتأويلات باطلة،وقد ذكر ابن القيم منها خمسة تأويلات وأجاب عنها ،ثم قال: الخلاف فيها أشهر من أن يخفى ،وهي مذهب كثير من السلف،وحكم بها أبوموسى الأشعري ،وذهب إليها الإمام أحمد. ص٥٥٩
٤٦١-حديث عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيه"فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد أنك قد بايعته ،فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة ،فقال: بم تشهد؟ فقال بتصديقك يارسول الله ،فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
قال ابن القيم: قد احتج بهذا الحديث من يرى أن للحاكم أن يحكم بعلمه، قال : وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى التوكيد والاستظهار ،ولهذا لم يكن معها يمين.
وهذا القول باطل ،والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمضى البيع بشهادة خزيمة وجعلها بمنزلة شاهدين ،وهذا لأن شهادة خزيمة على البيع ولم يره استندت إلى أمر هو أقوى من الرؤية ،وهو تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراهين الدالة على صدقه ،وأن كل ما يخبر به حق وصدق قطعا ،فلما كان من المستقر عنده أنه الصادق في خبره ،البار في كلامه ،وأنه يستحيل عليه غير ذلك البتة كان هذا من أقوى التحملات ،فجزم بأنه بايعه كما يجزم لو رآه وسمعه.ص٥٦٠-٥٦١
٤٦٢-سيف بن سليمان هذا ثقة،اتفق الشيخان على الاحتجاج بحديثه، قال علي ابن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن سيف ين سليمان ،فقال: كان عندي ثبتا ممن يصدق ويحفظ ،وقال النسائي: وسيف بن سليمان ثقة.ص٥٦٦
٤٦٣-قيس بن سعد ثقة ثبت غير معروف بتدليس .ص٥٦٦
٤٦٤-طريق الأصوليين وأكثر الفقهاء: أنهم لا يلتفتون إلى علة للحديث إذا سلمت طريق من الطرق منها،فإذا وصله ثقة أو رفعه لايبالون بخلاف من خالفه ولو كثروا .
والصواب في ذلك طريقة أئمة هذا الشأن العالمين به وبعلله،وهو النظر والتمهر في العلل ،والنظر في الواقفين والرافعين والمرسلين والواصلين: أيهم أكثر وأوثق وأخص بالشيخ وأعرف بحديثه،إلى غير ذلك من الأمور التي يجزمون معها بالعلة المؤثرة في موضع ،وبانتفائها في موضع،لا يرتضون طريق هؤلاء، ولا طريق هؤلاء. ص٥٦٨
٤٦٥-عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد .
ذكر -رحمه الله- طرق هذا الحديث وعلله وشواهده وخلص إلى تصحيحه ورد علله،وقال : وهذه العلل وأمثالها عنت ،لا يُترك لها الأحاديث الثابتة،ولو تركت السنن بمثلها لوُجد السبيل إلى ترك عامة الأحاديث الصحيحة بمثل هذه الخيالات.ص٥٦١--٥٧٠
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الأقضية
٤٦٦-قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الكتابة والإذن فيها،والإذن متأخر ،فيكون ناسخا لحديث النهي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزاة الفتح:"اكتبوا لأبي شاة" يعني في خطبته التي سأل كتابتها ،وأذن لعبدالله بن عمرو في الكتابة،وحديثه متأخر عن النهي لأنه لم يزل يكتب ومات وعنده كتابه،وهي الصحيفة التي كان يسميها "الصادقة"،ولو كان النهي عن الكتاب متأخرا لمحاها عبدالله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحو من كتب عنه غير القرآن،فلما لم يمحها وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها ،وهذا واضح،والحمد لله. ص٥٧٥-٥٧٦
٤٦٧-إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة غير القرآن في أول الإسلام لئلا يختلط القرآن بغيره ؛ فلم علم القرآن ،وتميز وأفرد بالضبط والحفظ ،وأمنت عليه مفسدة الاختلاط أذن في الكتابة .
-وقد قال بعضهم: إنما النهي عن كتابة مخصوصة،وهي أن يجمع بين كتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة ،خشية الالتباس.
-وكان بعض السلف يكرة الكتابة مطلقا،وكان بعضهم يرخص فيها حتى يحفظ،فإذا حفظ محاها.
وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها ،ولولا الكتابة لم يكن بأيدينا اليوم من السنة إلا أقل القليل .ص٥٧٧
٤٦٨-ذكر ابن القيم طرق حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة "وذكر من صححه ومن ضعفه ،وذكر بعض طرقه الجيدة .ص٥٧٨--٥٨٢
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب العلم
٤٦٩-ذكر ابن القيم تبعا للمختصر عدة أدلة فيما يكون منه الخمر ،ثم قال:فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن وخوطب بها الصحابة مُغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمرا بالقياس مع كثرة النزاع فيه .
فإذا ثبت تسميتها خمرا نصا،فتناول لفظ النصوص لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولا واحدا،فهذه طريقة قريبة منصوصة سهلة، تريح من كلفة القياس في الاسم ،والقياس في الحكم.ص٥٨٣--٥٨٦
٤٧٠-قال البخاري في"صحيحه" وقال هشام بن عمار وساق السند إلى أبي مالك الأشعري سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ....الحديث "
قال ابن القيم:قد طعن ابن حزم وغيره في هذا الحديث، وقالوا: لا يصح،لأنه منقطع لم يذكر البخاري من حدثه به ،وإنما قال :" وقال هشام بن عمار ".
وهذا القدح باطل من وجوه ،ثم ذكر ستة وجوه فراجعها فإنها مهمة .ص٥٩٣--٥٩٧
٤٧١-البخاري له عادة في"صحيحه" في تعليقه،وهي جزمه بإضافته الحديث إلى من علقه عنه إذا كان صحيحا عنده،فيقول : وقال فلان ،وقال رسول الله، وإن كان فيه علة قال: ويذكر عن فلان،أو ويذكر عن رسول الله، ومن استقرى كتابه علم ذلك .ص٥٩٧
٤٧٢- ذكر -رحمه الله- تبعا للمختصر أحاديث في النهي عن الشرب قائما وأحاديث في جواز ذلك قائما ثم قال :فاختلف في هذا الأحاديث، فقوم سلكوا بها مسلك النسخ وقالوا: آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرب قائما ،كما شرب في حجة الوداع.
-وقالت طائفة : في ثبوت النسخ بذلك نظر،فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعله شرب قائما لعذر ،وكأن ابن القيم يقوي هذا فإنه وجّه أحاديث الشرب قائما بهذا وأنه كان لحاجة ،وقال في آخر كلامه : فإثبات النسخ في هذا عسير ،والله أعلم. ص٥٩٧--٦٠٠
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الأشربة.
٤٧٣-غسل اليدين عند الإطعام ،في هذه المسألة قولان لأهل العلم،أحدهما:
-يستحب غسل اليدين قبل الطعام .
-والثاني : لا يستحب .وهما في مذهب أحمد وغيره. والصحيح : أنه لا يستحب .ثم ذكر ابن القيم ما يدل على عدم استحبابه .ص٦٠٢-٦٠٣
٤٧٤-ذكر ابن القيم أحاديث النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية من طريق عشرين صحابيا،وقد ذكرها بأسانيدها ومتونها وذِكْر من خرجها مع الحكم عليها.ص٦٠٣--٦١٥
٤٧٥-في حكم لحوم الحمر الأهلية التحقيق أن ابن عباس أباحها أولا حيث لم يبلغه النهي،فسمع ذلك منه جماعة منهم أبو الشعثاء وغيره فرووا ما سمعوه،ثم بلغه النهي عنها فتوقف : هل هو للتحريم أو لأجل كونها حمولة؟ فروى ذلك عنه الشعبي وغيره،ثم لما ناظره علي جزم بالتحريم كما رواه عنه مجاهد. ص٦١٢
٤٧٦-وقد اختلف في سبب النهي عن الحمر على أربعة أقوال ،وهي في الصحيح :
أحدها: لأنها كانت جوال القرية
العلة الثانية: قال أناس: لأنها لم تخمس
العلةالثالثة: حاجتهم إليها،فنهاهم عنها إبقاء لها .
العلة الرابعة: أنه إنما حرمها لأنها رجس في نفسها،وهذه أصح العلل،فإنها هي التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه كما في" الصحيحين"،وما عدا هذه من العلل فإنما هي حدس وظن ممن قاله .ص٦١٥
٤٧٧-طريقة أئمة الحديث العالمين بعلله،يصححون حديث الرجل ثم يضعفونه بعينه في حديث آخر إذا انفرد أو خالف الثقات ،ومن تأمل هذا وتتبعه رأى منه الكثير،فإنهم يصححون حديثه لمتابعة غيره له أو لأنه معروف الرواية صحيح الحديث عن شيخ بعينه ضعيفها في غيره.
وفي مثل هذا يعرض الغلط لطائفتين من الناس، ثم ذكر رحمه الله كلاما مهما مؤصلا في هذه المسألة أعرضت عنه لطوله فراجعه فإنه من المهمات التي قد لا تجدها في كتاب آخر غيره .ص٦١٧-٦١٨-٦١٩
٤٧٨-عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقران ،إلا أن تستأذن أصحابك .
قال ابن القيم: وهذه الكلمة ،وهي الاستئذان، قد قيل : إنها مدرجة من كلام ابن عمر.
وقد روى الطبراني عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كنت نهيتكم عن الإقران وإن الله قد أوسع الخير فأقرنوا"
-فذهبت طائفة منهم الحازمي في ذلك إلى النسخ وادعوا أن حديث بريدة ناسخ لحديث ابن عمر .
وهذا الذي قالوه إنما يصح أن لو ثبت حديث بريدة ،ولا يثبت مثله .ص٦١٩-٦٢٠-٦٢١
٤٧٩-عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا وقعت الفأرة في السمن : فإن كان جامدا فألقوها وما حولها،وإن كان مائعا فلا تقربوه .
قد أطال ابن القيم رحمه الله في تعليل هذا الحديث وبيان أنه غلط ووهم ،وأن الرواية بالإطلاق أصح وهي: عن ميمونة أن فأرة وقعت في سمن ،فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ألقوها ما حولها وكلوا "وأما الرواية بالتفصيل فلا تصح وإن صحح بعض العلماء كلا الطريقين .ص٦٢١--٦٢٩
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الأطعمة .
٤٨٠- قالت طائفة : النهي عن الكي من باب ترك الأولى ،ولهذا جاء في حديث السبعين الألف أنهم لا يكتوون ولا يسترقون ،وفعله يدل على إباحته .
وهذا أقرب الأقوال ،وحديث عمران يدل عليه ،فإنه قال :"نهانا عن الكي فاكتوينا"، فلو كان نهيه للتحريم لم يقدموا عليه .والله أعلم .ص٦٣١
٤٨١-قال ابن القيم: ذكر بعضهم أن خبث الدواء يكون من وجهين:
أحدهما: خبث النجاسة ،وهو أن يدخله المحرم ،كالخمر ولحم ما لا يؤكل لحمه .
والثاني: أن يكون خبيثا من جهة الطعم والمذاق ،ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع ،ولتكرّه النفس إياه .ص٦٣١-٦٣٢
٤٨٢- في باب الرقى ذكر ابن القيم-رحمه الله- تبعا للمختصر بعض أحاديث الرخصة في الرقية ،ثم ذكر أحاديث النهي عنها ، وأن النهي عنها إنما هي تلك التي تتضمن الشرك وتعظيم غير الله سبحانه ،كغالب رقى أهل الشرك .ص٦٣٦--٦٣٩
٤٨٣-ذهب بعضهم إلى أن قوله :"لا يورد ممرض على مصح" منسوخ بقوله"لا عدوى" وهذا غير صحيح ،وهو مما تقدم أن المنهي عنه نوع غير المأذون فيه ؛ فإن الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله"لا عدوى ولا صفر" هو ما كان عليه أهل الإشراك من اعتقاد ثبوت ذلك على قياس شركهم وقاعدة كفرهم.والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من إيراد الممرض على المصح فيه تأويلان :
-أحدهما: خشية توريط النفوس في نسبه ما عسى أن يقدره الله تعالى من ذلك إلى العدوى،وفيه التشويش على من يورد عليه وتعريضه لاعتقاد العدوى، فلا تنافي بينهما بحال.
-والتأويل الثاني:أن هذا إنما يدل على أن إيراد الممرض على المصح قد يكون سببا لخلق الله تعالى فيه المرض،فيكون إيراده سببا،وقد يصرف الله سبحانه تأثيره بأسباب تضاده،أو تمنعه قوة السببية،وهذا محض التوحيد، بخلاف ما كان عليه أهل الشرك.ص٦٣٩-٦٤٠
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الطب وبه تنتهي فوائد المجلد الثاني .

《الفوائد والخلاصات من المجلد الثالث 》:


٤٨٤-وقد اختلف الناس في هذه المسألة-يقصد المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت على مذاهب :
ثم ذكر -رحمه الله- ستة مذاهب في هذه المسألة واستدل وناقش وكأنه يقوي حديث الباب وهو مااستدل به أصحاب المذهب الأول في أنه لا يعتق منه شيء مادام عليه شيء من كتابته ،وهذا قول الأكثرين ،ويروى عن عمر وزيد وابن عمر وعائشة وأم سلمة،وجماعة من التابعين، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وإسحاق. وقد ذكر أن معه فتاوى الصحابة، وعليه العمل .ص٣--١٤
٤٨٥-وقد ذكر عبدالرحمن بن أبي حاتم في موضعين من"كتابه": أن محمد بن عبدالرحمن مولى طلحة روى عن نبهان مكاتب لأم سلمة.ومحمد بن عبدالرحمن هذا ثقة ،احتج به مسلم في "الصحيح"ص١١
٤٨٦-ذكر حديث السعاية للعبد، ثم ذكر تبعا للمختصر من أعلّ هذه اللفظة كأحمد وسليمان بن حرب وابن المنذر وغيرهم،وذكر من صححها وخرجها كالبخاري ومسلم وحجج الفريقين ،وليس له رأي واضح وبعرضه لمآخذ الفريقين فقد تبين قوتهما، فلذا ذكر في آخر المسألة كلاما لبعضهم يتبين أنه لا تعارض بين من ذكرها وبين من لم يذكرها في الحديث الآخر .والله الموفق للصواب. ص١٤--٣١
٤٨٧-الطعن في رواية سعيد بن أبي عروبة ولو لم يخالف فطعن ضعيف ،لأن سعيدا عن قتادة حجة بالاتفاق، وهو من أصح الأسانيد المتلقاه بالقبول التي أكثر منها أصحاب "الصحيحين" وغيرهم .ص٢١
٤٨٨-قال أيوب السختياني: كانت لمالك حلقة في حياة نافع.
وقال ابن المديني: كان عبدالرحمن بن مهدي لا يقدم على مالك أحدا.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي: قلت ليحيى بن معين : مالك أحب إليك في نافع ،أو عبيدالله بن عمر؟ قال : مالك،قلت : فأيوب السختياني؟قال: مالك .ص٢٧
٤٨٩-حديث "من ملك ذا رحم محْرم فهو حر".
قال ابن القيم: هذا الحديث له خمس علل فراجع ما ذكره كاملا، وخلاصتها أن فيه تفرد وأنه مرسل والاختلاف في سماع الحسن من سمرة.ص٣٣
٤٩٠-وقد روى الإمام البيهقي وغيره من حديث أبي صالح عن ابن عباس قال: جاء رجل يقال له: "صالح" بأخيه فقال : يارسول الله، إني أريد أن أُعتق أخي هذا ،فقال:"إن الله أعتقه حين ملكته".
في هذا الحديث بليتان عظيمتان : العرزمي عن الكلبي ؛ كُسَير عن عُوير !.ص٣٥
٤٩١-قد احتج على منع بيع أمهات الأولاد بحجج كلها ضعيفة ،ثم ذكر تلك الحجج وضعف كل الأحاديث الواردة في ذلك ،وأن التحريم إنما هو رأي رآه عمر، ووافقه علي وغيره،ولو كان عند الصحابة سنة من النبي صلى الله عليه وسلم بمنع بيعهن لم يعزم علي على خلافها .
ثم قال: وقد سلك طائفة في تحريم بيعهن مسلكا لا يصح،فادعوا الإجماع السابق قبل الاختلاف الحادث،وليس في ذلك بإجماع بوجه.
قال سعيد بن منصور في "سننه" عن ابن عباس في أم الولد قال:"بعها كما تبيع شاتك أو بعيرك"
وباعهن علي ،وأباح ابن الزبير بيعهن .
وقال صالح بن أحمد: قلت لأبي: إلى أي شيء تذهب في بيع أمهات الأولاد؟قال : أكرهه،وقد باع علي بن أبي طالب. وقال في رواية إسحاق بن منصور : لا يعجبني بيعهن؛ فاختلف أصحابه على طريقتين :
إحداهما: أن عنه في المسألة روايتين،وهذه طريقة أبي الخطاب وغيره .
والثانية: أنها رواية واحدة،وأحمد أطلق الكراهة على التحريم ،وهذه طريقة الشيخ أبي محمد ،وغيره .ص٣٦--٤٤
٤٩٢-حسين بن عبدالله بن عبيدالله بن العباس ضعيف الحديث ضعفه الأئمة .
والحسين بن عيسى الحنفي: منكر الحديث ضعيفه.ص٣٩
٤٩٣-قال الإمام أحمد:عبيدالله بن أبي جعفر من أهل مصر،وهو ضعيف في الحديث، كان صاحب فقه،وأما في الحديث فليس هو فيه بالقوي .ص٤٥
٤٩٤-روى البيهقي والأثرم وغيرهما عن ابن مسعود أنه قال لغلامه عمير : ما مالك ؟ فإني أريد أن أعتقك ،وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من أعتق عبدا فماله للذي أعتقه" وهذا قول أنس والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وأصحابهم ،والثوري.
-وقال الحسن والشعبي وعطاء والنخعي ،وأهل المدينة مع مالك:
المال للعبد ،إلا أن يشترطه السيد .ص٤٦-٤٧
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب العتاق.
٤٩٥-العورة عورتان: مخففة ومغلظة،فالمغلظة : السوأتان،والمخففة : الفخذان. ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عنهما لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة.ص٥٣
٤٩٦-عن بهز بن حكيم ،عن أبيه،عن جده ،قال:قلت : يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" ....الحديث.
قال ابن القيم: وقد حكى الحاكم الاتفاق على تصحيح حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.ونص عليه الإمام أحمد وعلي ابن المديني وغيرهما.ص٥٤
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الحمّام .
٤٩٧-ذكر ابن القيم تبعا للمختصر عدة أحاديث في النهي عن لبس الثوب المصبوغ بعصفر ،ثم قال : وهذه الأحاديث صريحة في التحريم ،لا معارض لها فالعجب ممن تركها .
وقد عارضها بعض الناس بحديث البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء ،لم أر شيئا قط أحسن منه .متفق عليه .
وكان بعض المنتسبين إلى العلم يخرج إلى أصحابه في الثوب المشبع حمرة ،ويزعم أنه يقصد اتباع هذا الحديث!
وهذا وهم وغلط بين،فإن الحلة هي البرود التي قد صبغ غزلها ونسج الأحمر مع غيره ،فهي برد فيه أسود وأحمر ،وهي معروفة عند أهل اليمن قديما وحديثا. والحلة إزار ورداء ،مجموعها يسمى حلة،فإذا كان البرد فيه أحمر وأسود قيل : برد أحمر ،وحلة حمراء .فهذا غير المضرّج المُشبع حمرة.ص٥٧--٦١
٤٩٨-نكتة حسنة، الدعاء بالسلام دعاء بخير ،والأحسن في دعاء الخير أن يقدم الدعاء على المدعو له ،كقوله تعالى :"رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت" وقوله:"وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت"،وقوله"سلام عليكم بما صبرتم" ،وأما الدعاء بالشر : فيقدم المدعو عليه في الدعاء غالبا،كقوله لإبليس:"وإن عليك لعنتي" ،"وإن عليك اللعنة" وقوله"عليهم دائرة السوء" ثم ذكر سر هذه النكتة فراجع ما ذكره .ص٦٣--٦٤
٤٩٩-حديث"بينما رجل يصلي مسبلا إزاره ،الحديث وفي آخره قال :وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل"
قال ابن القيم: ووجه هذا الحديث-والله أعلم- أن إسبال الإزار معصية ،وكل من واقع معصية فإنه يؤمر بالوضوء والصلاة،فإن الوضوء يطفئ حريق المعصية. ص٦٤
٥٠٠-ذكر المختصر حديث عبدالله بن عكيم "أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" ثم ذكر بعض النقول عن الأئمة في هذا الحديث وأن أحمد أخذ به ثم تركه لما اضطربوا في إسناده،ثم ذكر ابن القيم اختلاف مسالك الفقهاء في هذا الحديث وأحاديث الدباغ ،واختار طريقة الجمع بينها وأنه لا تعارض بينها وأن حديث ابن عكيم إنما فيه النهي عن الانتفاع بأهب الميتة،والإهاب هو الجلد الذي لم يدبغ ،كما قاله النضر بن شميل، وأحاديث الدباغ تدل على الاستمتاع بها بعد الدباغ ،فلا تنافي بينهما ،ثم ذكر بعض ما أورده بعضهم على حديث ابن عكيم وأجاب عنها ،وقال في آخر كلامه: وبهذه الطريقة تتألف السنن،وتستقر كل سنة منها في مستقرها ،وبالله التوفيق.ص٦٥--٦٩
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب اللباس .

٥٠١-العبد مأمور بإكرام شعره،ومنهي عن المبالغة والزيادة في الرفاهية والتنعم ،فيكرم شعره ولا يتخذ الرفاهية والتنعم ديدنه ،بل يترجل غبا .ص٧١
٥٠٢-قال ابن القيم: الصواب أن الأحاديث في هذا الباب-يقصد ماجاء في حضاب السواد- لا اختلاف بينها بوجه،فإن الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من تغيير الشيب أمران، أحدهما: نتفه، والثاني: خضابه بالسواد، والذي أذن فيه صبغه وتغييره بغير السواد،كالحناء والصفرة ،وهو الذي عمله الصحابة رضي الله عنهم .ص٧٤
٥٠٣-وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم، وهو الصواب بلا ريب ،وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال :إي والله،وهذه المسألة من المسائل التي حلف عليها،وقد جمعها أبو الحسين ،ولأنه يتضمن التلبيس بخلاف الصفرة .
-ورخص فيه آخرون ،منهم أصحاب أبي حنيفة، وروي ذلك عن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن جعفر وعقبة بن عامر ،وفي ثبوته عنهم نظر ،ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنته أحق بالاتباع ولو خالفها من خالفها .
-ورخص فيه آخرون للمرأة تتزين به لبعلها،دون الرجل .وهذا قول إسحاق بن راهويه. ص٧٥-٧٦
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الترجل .
٥٠٤-في باب ما جاء في ترك الخاتم ذكر حديث أنس : أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما واحدا،فصنع الناس فلبسوا،وطرح النبي صلى الله عليه وسلم فطرح الناس" ذكر المختصر أن الزهري وهم فيه وتبعه ابن القيم في ذلك ودلل عليه وأن الراجح أن الذي ألقاه كان خاتم الذهب وأن خاتم الفضة قد استمر في يده ولم يطرحه ،ولبسه بعده أبوبكر وعمر وعثمان صدرا من خلافته.ص٧٧--٨٠
٥٠٥-قد روي عن البراء بن عازب،وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن أبي قاص ،وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أنهم لبسوا خواتيم الذهب .وهذا إن صح عنهم فلعلهم لم يبلغهم النهي،وهم في ذلك كمن رخص لبس الحرير من السلف،وقد صحت السنة بتحريمهما على الرجال وإباحتهما للنساء.ص٧٩-٨٠
٥٠٦-في باب الذهب للنساء ذكر المختصر وتبعه ابن القيم في إيراد الأحاديث المصرحة بتحريم الذهب ،وذكر عللها،ثم قال : فاختلف الناس في هذه الأحاديث وأشكلت عليهم ،فطائفة سلكت بها مسلك التضعيف وعللتها كما تقدم، وطائفة ادعت أن ذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ ،وطائفة حملت أحاديث الوعيد على من لم تؤد زكاة حليها ،فأما من أدته فلا يلحقها هذا الوعيد ،وطائفة من أهل الحديث حملت أحاديث الوعيد على من أظهرت حِليتها وتبرجت بها ،دون من تزينت بها لزوجها .ص٨٠--٨٥
٥٠٧-قال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام يقول : حديث معاوية في إباحة الذهب مقطعا هو في التابع غير المفرد،كالزر والعلم ونحوه،وحديث الخربصيصة: هو في الفرد كالخاتم وغيره، فلا تعارض بينهما.ص٨٧
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الخاتم.
٥٠٨-عن جابر بن سمرة ،قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة" ..الحديث.
قال ابن القيم: وأما الخلفاء الاثنا عشر ،فقد قال جماعة منهم أبوحاتم بن حبان وغيره : إن آخرهم عمر بن عبدالعزيز، فذكروا الخلفاء الأربعة ،ثم معاوية، ثم يزيد ابنه،ثم معاوية بن يزيد،ثم مروان بن الحكم،ثم عبدالملك ابنه،ثم الوليد بن عبدالملك ،ثم سليمان بن عبدالملك ،ثم عمر بن عبدالعزيز، وكانت وفاته على رأس المائة،وهي القرن المفضل الذي هو خير القرون،وكان الدين في هذا القرن في غاية العزة ثم وقع ما وقع.ص٩٠-٩١
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب المهدي.
٥٠٩-ذكر المختصر حديث المخزومية التي سرقت والروايات المتعلقة بالحديث ،ثم ذكر ابن القيم أن هذا الحديث قظ ذهب إليه أحمد وإسحاق، وذكر من أعل الحديث بأن معمرا تفرد من بين سائر الرواة بذكر العارية في الحديث وأبطل هذا التعليل، وذكر من تابعه على هذه اللفظة في عدة أحاديث. ثم قال: ولا تنافي بين ذكر جحد العارية وبين السرقة ،فإن ذلك داخل في اسم السرقة،وذكر نفائس يجدر بكل طالب أن يرجع إليها.ص٩٤--٩٩
٥١٠-العارية حاجة الناس فيما بينهم إليها من أشد الحاجات ،ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى وجوبها،وهو مذهب كثير من الصحابة والتابعين، وأحد القولين في مذهب أحمد .ص٩٩
٥١١-وأما ما ذكره-يقصد المنذري- من قتل شارب الخمر بعد الرابعة،فقد قال طائفة من العلماء: إن الأمر بقتله في الرابعة متروك بالإجماع،وهذا هو الذي ذكره الترمذي وغيره.
وقيل: هو منسوخ بحديث عبدالله "حمار" وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتله بالرابعة.
وفي ذلك كله نظر، أما دعوى الإجماع على خلافه ،فلا إجماع. قال عبدالله بن عمر وعبدالله بن عمرو :"ائتوني به في الرابعة،فعلي أن أقتله" .وهذا مذهب بعض السلف. إلى أن قال :والذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتما،ولكنه تعزير بحسب المصلحة،فإذا أكثر الناس من الخمر،ولم ينزجروا بالحد ،فرأى الإمام أن يقتل فيه قَتل .ص١٠٠--١٠٤
٥١٢-وقد اختلف في حديث ماعز ،هل حفر له أم لا ؟
في صحيح مسلم عن أبي سعيد أنهم ما حفروا له.
وفي مسلم أيضا عن ابن بريدة أنهم حفروا له والصحيح في حديثه: أنه لم يحفروا له والحفر فيه وهم ، والإقرار منه وترديد النبي صلى الله عليه وسلم كان في مجالس متعددة،وسائر الأحاديث تدل على أن ذلك كان في مجلس واحد .
هذا والله أعلم من سوء حفظ بشير بن مهاجر ،وقد تقدم قول الإمام أحمد: إن ترديده إنما كان في مجلس واحد ،إلا ذلك الشيخ بشير بن مهاجر .ص١٠٩--١١٠
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الحدود.
٥١٣-ذكر ابن القيم رواية النسائي في باب ترك القود بالقسامة ،وفيها ذكر الشهود قبل حلف المدعي، ثم قال : والصواب رواية الجماعة الذين هم أئمة أثبات أنه بدأ بأيمان المدعين،فلما لم يحلفوا ثنى بأيمان اليهود.وهذا هو المحفوظ في هذه القصة وما سواه وهم.ص١١٣-١١٤
٥١٤-لا يحل لأحد معارضة رواية الأئمة الثقات بالكلبي وأمثاله.ولا يجوز أيضا معارضة الأحاديث الثابتة بحديث من أجمع علماء الحديث على ترك الاحتجاج به،وهو ابن صبح الذي لم يسفر صباح صدقه في الرواية. ص١١٧
٥١٥-وأما حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-" أن قتيلا وجد بين حيين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاس إلى أيهما أقرب ،فوجد أقرب إلى أحد الحيين بشبر،فألقى ديته عليهم"فرواه أحمد في" مسنده" وهو من رواية أبي إسرائيل الملائي عن عطية العوفي ،وكلاهما فيه ضعف. ومع هذا فليس فيه ما يضاد حديث القسامة.وقد ذهب إليه أحمد في في رواية،حكاه المروذي في"كتاب الورع" عنه.ص١٢٠
٥١٦-قاعدة الشرع: أن اليمين تكون في جَنْبة أقوى المتداعيين،ولهذا يُقضى للمدعي بيمينه إذا نكل المدعى عليه،كما حكم به الصحابة لقوة جَنبتيه بنكول الخصم المدعى عليه،ولهذا يحكم له بيمينه إذا أقام شاهدا واحدا لقوة جنبته بالشاهد،فالقضاء بها في القسامة مع قوة جنبة المدعين باللوث الظاهر أولى وأحرى .
وطرد هذا: القضاء بها في باب اللعان إذا لاعن الزوج ونكلت المرأة ،فإن الذي يقوم عليه الدليل أن الزوجة تُحد،وتكون أيمان الزوج بمنزلة الشهود،كما قاله مالك والشافعي.
وقال أبوحنيفة: لا يُقتل في الموضعين،وقال مالك: يقتل في الموضعين،وقال أحمد: يقتل في القسامة دون اللعان،وقال الشافعي: يقتل في اللعان دون القسامة ؛ وقول مالك أرجح وعليه تدل الأدلة .ص١٢٠-١٢١
٥١٧-ابن البيلماني مُجمع على ترك الاحتجاج به .ص١٢٣
٥١٨-في باب القصاص من اللطمة، قد ذكر المختصر حديثين تدل على مشروعية هذا القصاص ،ثم تبعه ابن القيم فأورد عدة أحاديث تدل على هذه المسألة،وبعد ذلك أورد الخلاف فيها وأطال في ذكر حجج من قال بشرعيتها ومن قال بأنها لا تشرع،وأن القول بشرعيتها أصح ،وهو مذهب الخلفاء الراشدين، ونص عليه أحمد في رواية الشالَنجي وغيره،وهو قول جمهور السلف كما قال شيخ الإسلام. ومن قال لا يشرع القصاص وهو المنقول عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة، وقول المتأخرين من أصحاب أحمد.ص١٢٣--١٤٠
٥١٩-اختلفوا: هل يسري العتق عقب إعتاقه،أو لايَعتق حتى يؤدي الثمن؟ على قولين للشافعي، وهما في مذهب أحمد.قال شيخنا: والصحيح أنه لا يعتق إلا بالأداء .
وعلى هذا ينبني إذا أعتق الشريك نصيبه بعد عتق الأول وقبل وزن القيمة،فعلى الأول: لا يعتق عليه،وعلى الثاني: يعتق عليه،ويكون الولاء بينهما.ص١٣٤
٥٢٠-منصوص أحمد: أن الحيوان في القرض يضمن مثله.وقال بعض أصحابه: بل بالقيمة طردا للقياس على الغصب،واختلف أصحابه في موجب الضمان في الغصب والإتلاف على ثلاثة أوجه فراجع.
وأقوَل الناس بالقيمة أبوحنيفة،ومع هذا فعنده إذا أتلف ثوبا ثبت في ذمته مثله لا قيمته .ثم ذكر بعد ذلك أصل هذا كله وأنه هو الحكومة التي حكم فيها داود وسليمان وقصها الله علينا في كتابه،وذكر أربعة أقوال في مثل هذه القضية وأن أصح الأقوال وأشدها مطابقة لأصول الشرع والقياس هو القول بالحكم السليماني في أصل الضمان وكيفيته وهو أن سليمان قضى على أصحاب الغنم بالمثل ،وهو أن يعمروا البستان كما كان،ثم رأى أن مُغلّه إلى حين عوده يفوت عليهم،ورأى أن مُغل الغنم يساويه،فأعطاهم الغنم يستغلونها حتى يعود بستانهم كما كان فإذا عاد ردوا إليهم غنمهم.وهذا أحد القولين في مذهب أحمد ،نص عليه في غير موضع،وذكر وجها في مذهب مالك والشافعي. ص١٣٥--١٣٨
٥٢١-اعتبار المماثلة له طريقان:
أحدهما: اعتبار الشيء بنظيره ومثله،وهو قياس العلة الذي يُلحق فيه الشيء بنظيره.
والثاني: قياس الدلالة الذي يكون الجمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة ولازمها.ص١٤٠
٥٢٢-في باب الدية كم هي، ذكر ابن القيم أربعة مذاهب فيما يؤخذ فيها من أسنان الإبل، ثم قال: وكل هذا يدل على أنه ليس في الأسنان شيء مقدر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكأنه ضعف المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحح الموقوف عن الصحابة الكرام.ص١٤٢--١٤٨
٥٢٣-عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"دية المعاهَد نصف دية الحُرّ".
قال ابن القيم: هذا الحديث صحيح إلى عمرو بن شعيب، والجمهور يحتجون به ،وقد احتج به الشافعي في غير موضع ،واحتج به الأئمة كلهم في الديات. وقد اختلف الفقهاء في هذا المسألة :
-فقال الشافعي: دية الكتابي على الثلث من دية المسلم في الخطأ والعمد .
- وقال أبوحنيفة: ديته مثل دية المسلم في العمد والخطأ
- وقال مالك: ديته نصف دية المسلم في العمد والخطأ .
-وقال أحمد: إن قتله عمدا فديته مثل دية المسلم،وإن قتله خطأ فعنه روايتان،إحداهما: أنها النصف وهي الرواية الصحيحة في مذهبه،والثانية: أنها الثلث.
- وإن قتله من هو على دينه عمدا ،فعنه فيه أيضا روايتان،إحداهما: أنها نصف دية المسلم،والثانية: ثلثها.ص١٤٨--١٥٢
٥٢٤-أبو سعد سعيد بن المرزُبان البقال ،أهل العلم لا يحتجون بحديثه. وأبو كرز الفهري متروك الحديث.ص١٥٢
٥٢٥-في آخر كتاب الديات زاد ابن القيم باب لا يقتص من الجرح قبل الاندمال وذكر عدة أحاديث تدل على هذا الباب،وباب من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم وذكر خمسة أحاديث ثم قال : ولم يذكر أبوداود هذا الباب ،ولا الذي قبله،ولا أحاديثهما، فذكرناهما للحاجة .والله أعلم .ص١٥٢--١٥٥
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب الديات .
٥٢٦-في باب الخلفاء ذكر المختصر حديث ابن عباس أن أبا هريرة كان يحدث أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أرى الليلة ظلة ينطف منها السمن والعسل ،فأرى الناس يتكففون بأيديهم ....الحديث بطوله ،وفيه تفسير أبي بكر لهذه الرؤيا ،وقول الرسول صلى الله عليه وسلم له : أصبت بعضا وأخطأت بعضا،فقال: أقسمت يارسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقسم .وقد ذكر المنذري الخطأ،وذكر ابن القيم ما يشكل عليه وأجاب على هذا الإشكال ،وبين موضع الخطأ في التفسير .ثم قال: فإن قيل : فلم تكلفتم أنتم بيانه،وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم الصديق من تعرّفه والسؤال عنه؟
قيل: منعه من هذا لما ذكرناه من تعلق ذلك بأمر الخلافة،وما يحصل للرابع من المحنة وانقطاع السبب به،فأما وقد حدث ذلك ووقع،فالكلام فيه كالكلام في غيره من الوقائع التي يُحذر الكلام فيها قبل وقوعها سدا للذريعة ودرءا للمفسدة ،فإذا وقعت زال المعنى الذي سكت عنها لأجله .ص١٦٠-١٦١-١٦٢
٥٢٧-داود بن عطاء المديني هذا ضعيف عندهم .ص١٦٣
٥٢٨-ذكر في باب فضل الصحابة حديث "خير الناس قرني" ومن رواه من الصحابة وأحاديثهم.وهل ذكر بعد قرن النبي صلى الله عليه قرنين أو ثلاثة. ص١٦٣--١٦٦
٥٢٩-خرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خفف على داود القرآن...الحديث. المراد بالقرآن هاهنا : الزبور ،كما أريد بالزبور القرآن في قوله تعالى:"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادىَ الصالحون".ص١٦٨-١٦٩
٥٣٠-وكل النصوص صحيحة صريحة لا تحتمل التأويل في أن نفس الإيمان القائم بالقلب يقبل الزيادة والنقصان ،وبعضهم أرجح من بعض .
وأقدم من روي عنه زيادة الإيمان ونقصانه من الصحابة عمير بن حبيب الخطمي .ص١٧٧-١٧٨
٥٣١-قال الحميدي : سمعت ابن عيينة يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص،فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة : يا أبا محمد لا تقل: يزيد وينقص فغضب وقال: اسكت يا صبي !بلى ،حتى لا يبقى منه شيء .
وقد ساق ابن القيم أكثر من خمسة وعشرين أثرا وقولا في أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.ص١٧٧--١٨٥
٥٣٢-في باب القدر ذكر ابن القيم تبعا للمختصر عدة أحاديث في ذم القدرية، وقد أعلها كلها ،وذكر أن أجود ما في الباب حديث ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يكون في هذه الأمة -أو أمتي - خسف ،ومسخ أو قذف في أهل القدر ".قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.وأن الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذمهم من طوائف أهل البدع: الخوارج،فإنه قد ثبت فيهم الحديث من وجوه كلها صحاح،لأن مقالتهم حدثت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه رئيسهم .ص١٨٦--١٩٠
٥٣٣-الإرجاء والرفض والقدر والتجهم والحلول، وغيرها من البدع حدثت بعد انقراض عصر الصحابة.
وبدعة القدر أدركت آخر عصر الصحابة فأنكرها من كان منهم حيا،كعبدالله بن عمر،وابن عباس،وأمثالهما.وأكثر ما يجيء من ذمهم فإنما هو موقوف على الصحابة قولهم فيه.
ثم حدثت بدعة الإرجاء بعد انقراض عصر الصحابة فتكلم فيها كبار التابعين الذين أدركوها كما حكيناه عنهم .
ثم حدثت بدعة التجهم بعد انقراض عصر التابعين، واستفحل أمرها،واستطار شرارها في زمن الأئمة كالإمام أحمد وذويه.
ثم حدثت بعد ذلك بدعة الحلول،وظهر أمرها في زمن الحلاج .ص١٩٠-١٩١
٥٣٤-وكلما ظهرت بدعة من هذه البدع وغيرها أقام الله لها من حزبه وجنده من يردها ويحذر المسلمين منها نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأهل الإسلام،وجعله ميزانا ومحكّا يعرف به حزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي سنته من حزب البدعة وناصرها .نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم،وأن يلحقنا بهم،وأن يجعلنا لهم خلفا،كما جعلهم لنا سلفا،بمنه وكرمه.ص١٩١
٥٣٥-في باب القدر ذكر ابن القيم حديث حذيفة بن أسيد وحديث ابن مسعود في كتابة الأجل والشقاوة والسعادة والرزق ،وأن حديث حذيفة يدل على أن الكتابة في الطور الأول ،وحديث ابن مسعود يدل على أن الكتابة في الطور الرابع،ثم جمع بينهما وأنه لا تعارض بينها وذكر ثلاثة أوجه للجمع فراجع ماذكره فقد تركتها لطولها ولأهمية الرجوع إليها تامة.ص١٩٦--١٩٩
٥٣٦-ذكر عدة أحاديث تدل على إثبات القدر الذي لا يتعلق بقدرة العبد ومشيئته،وأن الكلام فيه إنما هو مع غلاة القدرية المنكرين لتقدم العلم والكتاب .
ثم قال في آخر ذلك: وقد نظرت في أدلة إثبات القدر والرد على القدرية المجوسية فإذا هي تقارب خمسمائة دليل،وإن قدر الله تعالى أفردت لها مصنفا مستقلا،وبالله عز وجل التوفيق.ص٢٠٠--٢٠٥
٥٣٧-في باب ذراري المشركين وكيف مصيرهم في الآخر ذكر ابن القيم جل الأحاديث في هذا الباب وغالبها في الصحيح، ثم ذكر المسألة وذكر اختلاف العلماء فيها على ثمانية أقوال مع ذكر الأدلة وبعض الأجوبة،وقد رجح رحمه الله القول الثامن وأنهم يمتحنون في الآخرة ،فمن أطاع منهم دخل الجنة ،ومن عصى عذبه، وذكر أن الأحاديث في هذا الباب يشد بعضها البعض ،وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث .ص٢٠٦--٢٢٢
٥٣٨-في كتاب الرد على الجهمية قد ذكر المختصر حديثين في الرد على نفاة العلو واستواء الرب على العرش سبحانه وتعالى من الجهمية وأفراخهم، وبعدها حشد ابن القيم ما ذكر في هذا الباب من الأدلة النقلية والعقلية وأقوال السلف والمحققين ما شفى به العليل وأروى به الغليل ورد به على أولئك الهزيل في نحو من ستين ورقة،فرحمة الله عليه ما أوسع اطلاعه وما أجمل نقوله .ص٢٢٢--٢٨٨
٥٣٩- ذكر ابن القيم من قدح في ابن إسحاق ثم ذكر من أثنى عليه ورد على من اتهمه وأن من وثقه وصدقه أكثر ،وأن ابن عدي قال: قد فتشت أحاديث ابن إسحاق الكثير فلم أجد في حديثه من يتهيأ أن يُقطع عليه بالضعف،وربما أخطأ أو وهم كما يخطئ غيره،ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة ،وهو لابأس به .
وقال ابن القيم: وقد استشهد مسلم بخمسة أحاديث ذكرها لابن إسحاق في"صحيحه".ص٢٢٩--٢٣٤
٥٤٠-قال علي بن الأقمر: كان مسروق إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق،حبيبة حبيب الله،المبرأة من فوق سبع سماوات .ص٢٧٩
٥٤١-حكي عن عاصم بن علي- شيخ الإمام أحمد والبخاري- قال: ناظرت جهميا فتبين من كلامه أنه لا يؤمن أن في السماء ربّا.ص٢٨٨
٥٤٢-في باب الرؤية-أي رؤية الرب الكريم في الآخرة- ذكر المختصر أربعة أحاديث تشهد لهذا المعتقد ،ثم أتبعه ابن القيم خمسة أحاديث أخرى وزاد آيات وآثار ،ونقل عن أحمد كما في رواية الفضل بن زياد وأبي داود قوله: من قال إن الله لا يُرى في الآخرة فقد كفر .ص٢٨٩--٢٩٥
٥٤٣- ذكر المختصر حديث النزول المشهور فذكر ابن القيم ألفاظه وطرقه ومن خرجه،وأن الترمذي صحح رواية "حين يبقى ثلث الليل الآخر" وذكر بعض الآثار وأقوال السلف في هذا الباب فلتراجع .والله الموفق .ص٣٠٠
٥٤٤-عمر الأبح قد ضعف .ص٣٠٦
٥٤٥-في باب الشفاعة ذكر ابن القيم تبعا للمختصر عدة أحاديث صحيحة ،وذكر أنها تتضمن خمسة أنواع من الشفاعة :
أحدها: الشفاعة العامة التي يرغب فيها الناس إلى الأنبياء ،نبيا بعد نبي حتى يريحهم الله من مقامهم .
النوع الثاني: الشفاعة في فتح باب الجنة لأهلها .
النوع الثالث: الشفاعة في دخول من لا حساب عليهم الجنة.
النوع الرابع: الشفاعة في إخراج قوم من أهل التوحيد من النار.
النوع الخامس: في تخفيف العذاب عن بعض أهل النار .
ويبقى نوعان يذكرهما كثير من الناس:
أحدهما: في قوم استوجبوا النار فيشفع فيهم أن لا يدخلوها.وهذا النوع لم أقف إلى الآن على حديث يدل عليه .
والنوع الثاني: شفاعته صلى الله عليه وسلم لقوم من المؤمنين في زيادة الثواب ورفعة الدرجات .ص٣٠٧--٣١٤
٥٤٥-قال ابن القيم بعد ذكر المختصر لأحاديث الحوض: وقد روى أحاديث الحوض أربعون من الصحابة ،وكثير منها أو أكثرها في الصحيح ،ثم ذكر هؤلاء الصحابة .
قال : وهل الحوض مختص بنبينا صلى الله عليه وسلم أم لكل نبي حوض ؟ فالحوض الأعظم مختص به لا يشركه فيه نبي غيره .وأما سائر الأنبياء فقد ذكر حديثين ضعيفين تدل على أن لكل نبي حوض .ص٣١٤--٣١٨
٥٤٦- في باب المسألة وعذاب القبر ذكر المختصر حديث البراء المشهور ،وذكر ابن القيم تعليل ابن حبان وابن حزم تعليل هذا الخبر وأجاب عن عللهم وناقشها وردها ،ثم ذكر عدة أحاديث تثبت عذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين .ص٣١٩--٣٣٤
٥٤٧-في باب قتال الخوارج ذكر المختصر عدة أحاديث صحيحة عنهم ثم زاد عليها ابن القيم مثلها أو أكثر ،وفي آخرها نقل ما قاله أحمد أن صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج من عشرة أوجه،وهذه هي العشرة التي ذكرناها ،وقد استوعبها مسلم في "صحيحه"،والله أعلم. ص٣٣٨--٣٤٦
انتهت الفوائد والخلاصات من كتاب السنة
٥٤٨-الثرثار هو الكثير الكلام تكلفا،والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه الذي يتكلم بملء فيه تفاصحا وتفخيما وتعظيما لكلامه،والمتفيهق أصله من الفهق وهو الامتلاء ،وهو الذي يملأ فمه بالكلام ،ويتوسع فيه تكثرا وارتفاعا وإظهارا لفضله على غيره.ص٣٥٢
٥٤٩-في باب حسن الخلق جمع عدة أحاديث في هذا الباب ،ثم ذكر أنه قسمان: أحدهما: مع الله، والثاني: حسن الخلق مع الناس وهذا يقوم على أركان خمسة وهي العلم، والجود ،والصبر ،وطيب العُود،وصحة الإسلام،وقد ذكر معاني هذه الأركان فراجع تستفد مما ذكره رحمه الله.ص٣٤٩--٣٥٤
٥٥٠-ذكر المختصر ثلاثة أحاديث في باب كفارة المجلس وزاد عليها ابن القيم غيرها وذكر بعض عللها، وحسن إسناد أبي برزة الأسلمي في هذا الباب.ص٣٥٧--٣٦١
٥٥١-الحجاج بن دينار صدوق وثقه غير واحد ،وأبو هاشم الرّماني من رجال"الصحيحين".ص٣٥٩
٥٥٢-قال عباس الدوري : سمعت يحيى بن معين يقول: فليح بن سليمان لا يحتج بحديثه، وقال في رواية عثمان الدارمي: فليح بن سليمان ضعيف.وقال النسائي: ليس بالقوي .ص٣٦٤
٥٥٣-قتادة بن النعمان مات في خلافة عمر وصلى عليه عمر،وعبيد بن حنين مات سنة خمس ،ومائة وله خمس وسبعون سنة في قول الواقدي وابن بكير،فتكون روايته عن قتادة بن النعمان منقطعة ،والله أعلم .ص٣٦٤
٥٥٤-في باب من رد عن مسلم غيبة ذكر المختصر حديثا واحدا في هذا المعنى،ثم أتبعه بحديث يريد به كما قال ابن القيم أن ذكر الرجل بما فيه في موضع الحاجة ليس بغيبة ،وذكر عدة أحاديث تدل على هذا .ص٣٦٤--٣٦٧
٥٥٥-قال ابن القيم: ولما كان الحاسد يكره نعمة الله على عباده والمتصدق يُنعم عليهم،كانت صدقة هذا ونعمته تطفئ خطيئته وتُذهبها،وحسد هذا وكراهته نعمة الله على عباده تذهب حسناته.وذكر وجه كون الصلاة نورا ،والصيام جنة.ص٣٦٩-٣٧٠
٥٥٦-ذكر المختصر عدة أحاديث في اللعن وزاد ابن القيم عليها ثلاثة أحاديث. ص٣٧٠--٣٧٢
٥٥٧-عن أبي الدرداء -رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنكم تدعون يوم القيامة يأسمائكم وأسماء آبائكم ،فأحسنوا أسماءكم".
قال ابن القيم: في هذا الحديث رد على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يُدعون بأمهاتهم،لا بآبائهم.ص٣٧٣
وقد ترجم البخاري في"صحيحه" لذلك فقال: " باب ما يدعى الناس بآبائهم" وذكر فيه حديث نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الغادر يرفع له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان بن فلان .
واحتج من قال بالأول بما رواه الطبراني وفيه " ثم يقول : يا فلان بن فلانه.. الحديث " ولكن هذا الحديث متفق على ضعفه فلا تقوم به حجة فضلا عن أن يعارض به ما هو أصح منه .ص٣٧٢-٣٧٣
٥٥٨-عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يقولن أحدكم :الكرم،فإن الكرم الرجل المسلم،ولكن قولوا : حدائق الأعناب".
العرب سمّت شجر العنب كرْما لكرمه ،والكرم : كثرة الخير والمنافع والفوائد وسهولة تناولها من الكريم ،ومنه قوله تعالى"فأنبتنا فيها من كل زوج كريم" وفي آية أخرى"من كل زوج بهيج" فهو كريم في مخبره،بهيج في منظره ،وشجر العنب قد جمع وجوها من ذلك،ثم ذكر تسعة وجوه تركتها لطولها وإلا فما ألطفها وما أجملها.ثم قال : فلما كان بهذه المنزلة سموه كرما،فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الفوائد والثمرات والمنافع التي أودعها الله قلب عبده المؤمن من البر وكثرة الخير أعظم من فوائد كرْم العنب ،فالمؤمن أولى بهذه التسمية منه .فيكون معنى الحديث على هذا : النهي عن قصر اسم الكرم على شجر العنب ،بل المسلم أحق بهذا الاسم منه .وقيل في معنى النهي وجه آخر. ص٣٧٤--٣٧٧
٥٥٩-قد ذكر ابن القيم رحمه الله المعنى من تشبيه المسلم بالنخلة في كلام وسط بين الطول والقصر ،ثم ذكر اختلاف الناس في العنب والنخل : أيهما أفضل وأنفع،واحتجت كل طائفة بما في أحدهما من المنافع ،ثم ذكر فصل الخطاب في المسألة وأن كل واحد منهما في الموضع الذي يكثر فيه ويقل وجود الآخر أفضل وأنفع ،ولا يقال :فما تقولون إذا استويا في بلدة؟فإن هذا لا يوجد،لأن الأرض التي يطيب فيها النخيل،ويكون سلطانه ووجوده بها لا يكون للعنب بها سلطان ،ولا تقبله تلك الأرض،وكذلك أرض العنب لا تقبل النخيل ولا يطيب فيها.
والله سبحانه قد خص كل أرض بخاصية من النبات والمعدن والفواكه وغيرها،فهذا في موضعه أفضل وأطيب وأنفع،وهذا في موضعه كذلك .ص٣٧٧--٣٧٩
٥٦٠-في باب صلاة العتمة ذكر المختصر حديث ابن عمر " لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ،ألا وإنها العشاء،ولكنهم يُعتمون بالإبل"ثم أردفه بما في الصحيحين عن أبي هريرة الحديث وفيه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا" وذكر مسلكين للجمع بينهما منها النسخ ،وأنه أرشدهم إلى اسمها في الكتاب وهو العشاء، وسماها عتمة بيانا للإباحة .
قال ابن القيم: وسلكت طائفة مسلكا آخر فقالت: النهي صريح لا يمكن فيه رواية بالمعنى ،وأما حديث:"لو يعلمون ما في الصبح والعتمة" فيجوز أن يكون تغييرا من الراوي عنها باسم العتمة،ولم يعلم بالنهي فرواه بمعناه،وهذا الاحتمال لا يتطرق إلى حديث النهي .
وقالت طائفة: النهي إنما هو من غلبة الأعراب على اسم العشاء بحيث بهجر بالكلية،كما دل عليه قوله:"لا تغلبنكم"، فأما إذا سميت بالعشاء تسمية غالبة على العتمة لم يمتنع أن تسمى بالعتمة أحيانا ،وهذا أظهر الأقوال .ص٣٧٩--٣٨١
٥٦١-عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان فزع بالمدينة فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة ،فقال:" ما رأينا شيئا -أو ما رأينا من فزع-،وإن وجدناه لبحرا"
فيه استعارة اسم البحر للفرس الجواد الكثير الجري.ص٣٨١
٥٦٢-قال أحمد : إذا لم يُقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يُقبل؟ سعيد عن عمر عندنا حجة.
وبه يعلل ابن القطان وغيره حديث سعيد عن عمر - يعني عدم سماعه-،وهو تعليل باطل أنكره الأئمة كأحمد بن حنبل ويعقوب بن سفيان وغيرهما .
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: كان سعيد بن المسيب يسمى راوية عمر بن الخطاب، لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه.
وقال مالك: بلغني أن عبدالله بن عمر كان يرسل إلى ابن المسيب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره.
وهذا،ولم يحفظ عن أحد من الأئمة أنه طعن في رواية سعيد عن عمر،بل تلقوها كلهم بالقبول والتصديق،ومن لم يقبل المرسل قبل مرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والمقصود أن تعليل الحديث برواية سعيد له عن عمر تعنت بارد ،والصحيح أنه ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر،فيكون له وقت وفاة عمر ثمان سنين.فكيف ينكر سماعه منه،ويقدح في اتصال روايته عنه؟ والله الموفق للصواب. ص٣٨٤-٣٨٥
٥٦٣-ترجم الترمذي على حديث أنس" باب ما جاء في إيجاب التشميت بحمد العاطس" وهذا يدل على أنه واجب عنده ،وهو الصواب للأحاديث الصريحة والظاهرة في الوجوب من غير معارض والله أعلم ،ثم ذكر بعض الأحاديث الدالة على الوجوب وذكر بعدها أربع طرق من الدلالة على هذا الوجوب :
أحدها: التصريح بثبوت وجوب التشميت بلفظه الصريح الذي لا يحتمل تأويلا.
الثاني: إيجابه بلفظ الحق
الثالث: إيجابه بلفظة"على" الظاهرة في الوجوب .
الرابع: الأمر به .
ولا ريب في إثبات واجبات كثيرة بدون هذه الطرق ،والله تعالى أعلم .ص٣٩٥-٣٩٦
٥٦٤-في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح:" اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا ...الحديث "
رواية أبي داود فيها"النشور " في المساء والصباح
ورواية الترمذي فيها" النشور" في المساء و"المصير" في الصباح
ورواية ابن حبان فيها"النشور" في الصباح و"المصير" في المساء ،وهو أولى الروايات أن تكون محفوظة، لأن الصباح والانتباه من النوم بمنزلة النشور وهو الحياة بعد الموت،والمساء والصيرورة إلى النوم بمنزلة الموت والمصير إلى الله .ص٣٩٧--٣٩٩
٥٦٥-في باب ما يقول إذا أصبح وأمسى ذكر فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وما ورد بأنها تعدل من رقاب ولد إسماعيل، وذكر حول الجمع بين الأعداد فوائد يحسن الرجوع إليها وأن حديث أبي هريرة صريح بأن المائة تعدل عشر رقاب ولم يختلف فيه،فيترجح من هذا الوجه على خبر أبي أيوب.وأعل حديث دخول السوق وذكر طرقه ،وأن أمثلها طريق أزهر بن سنان وأن لا بأس به ،وقد تكلم فيه بعض الأئمة، وقد ذكر حديثه الحافظ أبو عبدالله المقدسي في "المختارة".ص٣٩٩--٤٠٤
٥٦٦-عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير ،قال البخاري في "التاريخ": فيه نظر .ص٤٠٤
٥٦٧-قال ابن القيم: وقد تكلم في نكاح الجن للإنس الإمام أحمد وغيره،والكلام فيه في أمرين: في وقوعه ،وفي حكمه .
-أما وقوعه فهذا الحديث يدل عليه-يقصد "هل رؤي فيكم المُغرّبون؟ قلت: وما المغربون؟ قال : الذين يشترك فيهم الجن ".
-وأما حكمه فمنع منه أحمد ،ذكره القاضي أبو يعلى. ص٤٠٥
٥٦٨-قال الترمذي: عبدالله بن جعفر -والد علي بن المديني-يُضعّف ،ضعفه يحيى وغيره .ص٤٠٨
٥٦٩-في باب إخبار الرجل بمحبته ذكر المختصرعدة أحاديث ،وزاد ابن القيم كثيرا من الأحاديث في هذا الباب وأطال بذكر أحاديث الفضائل لمن كان حبهم لله وفي الله.ص٤٠٩--٤٢١
٥٧٠-وحديث "المرء مع من أحب " ذكر ابن القيم من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعدتهم عشرون راويا خرج أحاديثهم وحكم على بعضها. ص٤١٥-٤٢١
٥٧١-قال الفلاس: ميمون بن موسى صدوق ضعيف.
عبدالغفار بن القاسم متروك .ص٤١٨
٥٧٢-قال الإمام أحمد: للأم ثلاثة أرباع البر .وقال أيضا: الطاعة للأب والبر للأم .ص٤٢٣
٥٧٣-في باب حق الجار وحق المملوك ذكر المختصر وابن القيم عدة أحاديث تبين أهمية حق الجار وحق المملوك .ص٤٢٤--٤٢٩
٥٧٤-قال ابن المسيب: وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها .ص٤٣٠
٥٧٥-في الموطأ بإسناد صحيح عن الطفيل بن أبي بن كعب الحديث وفيه ،فقلت له : ما تصنع بالسوق ،وأنت لا تقف علي البيّع ،ولا تسأل عن السلع،ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول : اجلس بنا هاهنا نتحدث ،فقال: يا أبا بطن -وكان الطفيل ذا بطن- إنما نغدو من أجل السلام ،نسلم على من لقيناه ".ص٤٣٢
٥٧٦-وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم ،فإنما يقول : السام عليكم ،فقولوا : وعليكم"
قد ذكر المختصر من ذكر فيه بالواو في "وعليكم"، ومن لم يذكرها،ثم قال ابن القيم:
وأما هذا الحديث فإدخال الواو فيه لا يقتضي اشتراكا معهم في مضمون هذا الدعاء،وإن كانا كلامين لمتكلمين ،بل غايته التشريك في نفس الدعاء .هذا لأن الدعاء الأول قد وجد منهم،وإذا رد عليهم نظيره حصل الاشتراك في نفس الدعاء.ولا يستلزم ذلك الاشتراك معهم في مضمونه ومقتضاه،إذ غايته : أنا نرد عليكم كما قلتم لنا .
وإذا كان "السام"معناه الموت كما هو المشهور فيه فالاشتراك ظاهر،والمعنى: أنا لسنا نموت دونكم،بل نحن نموت وأنتم أيضا تموتون ،فلا محذور في دخول الواو على كل تقدير ،وقد تقدم أن أكثر الأئمة رواه بالواو.ص٤٣٣--٤٣٦
٥٧٧-وللترمذي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تمام التحية : الأخذ باليد"،وله علتان :
إحداهما: رواية يحيى بن سليم له.
والثانية: أن روايه عن ابن مسعود رجل مجهول .
قال الترمذي: وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فلم يعده محفوظا .ص٤٤٠
٥٧٨-قال الترمذي : قال محمد -يعني البخاري- عبيدالله بن زحر ثقة،وعلي بن يزيد ضعيف ،والقاسم بن عبدالرحمن يكني أبا عبدالرحمن شامي ثقة.ص٤٤١
٥٧٩-المذموم : القيام للرجل ،وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم فلا بأس به ،وبهذا تجتمع الأحاديث. والله أعلم. ص٤٤٣
٥٨٠-قال ابن القيم: حكي عن شعبة قال : سألت عمرو بن مرة عن عبدالله بن سلمة فقال: تعرف وتُنكر .ص٤٤٤
قال ابن القيم رحمه الله في نهاية الكتاب: ووقع الفراغ منه في الحِجْر-شرفه الله- تحت ميزاب الرحمة في بيت الله ،آخر شوال سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة،وكان ابتداؤه في رجب من السنة المذكورة .
قلت: وهذا آخر هذه الفوائد والخلاصات من هذا الكتاب الماتع المفيد ،كان نهايتها صباح الخميس في التاسع من شهر رجب من عام ١٤٤٣، أحسن الله عاقبتها في الأمور كلها .وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصدر - صيد الفوائد 

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله