الذِّكر عند المصيبة

الفصل الثاني والعشرون: في الذكر عند المصيبة

قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].

وَيُذْكَر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لِيَسْتَرْجِعْ أحدكم في كل شيءٍ، حتى في شِسْعِ نعله فإنها من المصائب".

وقالت أم سلمة: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللَّهُمَّ أجُرْنِي في مصيبتي، واخلُفْ لي خيرًا منها، إلا أجره الله تعالى في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها". قالت: فلما توفي أبو سلمة قُلْتُ كما أمرني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأَخْلَفَ الله لي خيرًا منه، رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .

وروى -أيضًا- عنها -رضي الله عنها-، قالت: دخل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: "إن الرُّوحَ إذا قُبِضَ تَبِعهُ البصر" فَضَجَّ ناسٌ من أهله، فقال: "لا تَدْعُوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون". ثم قال: "اللَّهُمَّ اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديِّين، واخْلُفْهُ في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافْسَحْ له في قبره، ونوِّرْ له فيه".


الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (1/ 307 - 308)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله