الصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال، وصفات نقص، وصفات لا تقتضي كمالًا ولا نقصًا، وإن كانت القِسْمة التقديرية تقتضي قسمًا رابعًا وهو: ما يكون كمالًا ونقصًا باعتبارين.
والربُّ -تعالى- مُنزَّه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول، فصفاته كلها صفات كمالٍ مَحْض، فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله. وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها، فليس في الأسماء أحسن منها، ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدِّي معناها، وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرًا بمرادفٍ مَحْض؛ بل هو على سبيل التقريب والتفهيم.
وإذا عرفت هذا؛ فله سبحانه من كلِّ صفةِ كمالٍ أحسنُ اسمٍ وأكمله وأتمه معنًى، في أبعده وأنزهه عن شائبة عيبٍ أو نقص، فله من صفة الإدراكات: الحليم الخبير، دون: العاقل الفقيه. والسميع البصير، دون: السامع والباصر والناظر.
ومن صفات الإحسان: البَرُّ الرحيم الودود، دون: الرقيق والشفوق ونحوهما. وكذلك: العَلِي العظيم، دون: الرفيع الشريف. وكذلك: الكريم، دون: السخي، والخالق البارئ المصوِّر، دون: الفاعل، الصانع المُشَكِّل، والغفور العفوُّ، دون: الصفوح الساتر. وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيرُه مقامَه، فتأمل ذلك، فأسماؤه أحسن الأسماء، كما أن صفاته أكمل الصفات، فلا تعدل عما سمَّى به نفسَه إلى غيره، كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، إلى ما وصفه به المبطلون والمعطِّلون.
بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (1/ 295)