اختلف قول أحمد في صلاة المأمومين على عُلوّ؛ فنقل عنه صالح أنه أجاز ذلك للضرورة إذا كان موضعا ضيقا، وقال في الرجل يصلي فوق البيت بصلاة الإمام: إن كان في موضع ضيق يوم الجمعة كما فعل أنس، ونقل حرب وحنبل وأبو الحارث الجواز مطلقا أن يصلي المأموم وهو يسمع قراءة الإمام في دار أو فوق سطح أو في الرحبة أو رجل منزله مع المسجد يصلي على سطحه بصلاة الإمام أو على سطح المسجد بصلاة الإمام أسفل، وذكر الآثار بذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه وابن عمر وابن عباس.
واختلف قوله: إذا كان بينهم نهر أو طريق أو حائط؟ فنقل حرب عنه أنه أجاز للمرأة أنها تصلي فوق بيت بصلاة الإمام وبينهما وبين الإمام طريق ولفظه: أرجو أن لا يكون به بأس. وذكر حديث أنس أنه كان يفعل ذلك فقيل: إذا كان وحده؟ قال: لا من صلى خلف الصف وحده أعاد.
ونقل أبو طالب المنع فقال في الرجل يصلي فوق سطح بصلاة الإمام قال: إذا كان بينهما طريق أو نهر فلا. قيل: أنس صلى؟ قال أنس: صلى يوم الجمعة في عرفة بعدما كبر ويوم الجمعة لا يكون طريق يمتلىء من الناس. ونقل ابن الحكم جواز ذلك للضرورة قال: إذا كان موضع ضرورة أجزأ عنه يروى عن أنس.
فأما التراويح فتجوز فوق سطح وإن كان بينهما طريق نص عليه وقال: ذلك تطوع.
قال أبو حفص: وجائز أن يصلي الناس يوم الجمعة في طاقات باب خراسان وخارج الطاقات نص عليه.
قال أبو حفص: إذا فعل الرجل مثل فعل أبي بكرة مع العلم بنهي النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رواه البخاري فيه فروايتان إحداهما: يعيد، وعنه أنه أجاز للرجل أن يكبر ويركع فيما دون الصف ثم يمشي حتى يدخل في الصف إذا علم أنه لا يدرك، فقال في رجل كبر قبل أن يدخل في الصف وركع ثم مشي حتى دخل في الصف فقال: يجوز له ذلك قد روي أن أبا بكرة ركع دون الصف ولم يأمره أن يعيد. وقد روى أيضا عن ابن مسعود وزيد أنهما ركعا دون الصف، وقال في رواية إسحاق ابن إبراهيم: أرى إذا علم أنه يدرك الركعة لم يركع دون الصف وإذا علم أنه لا يدرك ركع وإثنان أحب إلى أن يكبرا جميعا ويدبا إلى الصف. قال أبو حفص: ووجه ذلك ما روى عبد الله بن أحمد رحمهما الله تعالى ثنا زكريا بن يحيى ثنا إبراهيم بن سعد الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال: "رأيت زيد ابن ثابت يدخل المسجد والقوم ركوع فيركع ثم يدب حتى يصل إلى الصف"، وعن ابن مسعود مثله ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن الزبير على المنبر يقول للناس: "إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ثم ليدب راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك من السنة" قال عطاء: وقد رأيته هو يفعل ذلك.
قال أبو حفص البرمكي: وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة: "لا تعد" نهي عن شدة السعي بدليل قول ابن الزبير فإن ذلك من السنة.
بدائع الفوائد (3/ 84)