الثاني عشر: في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة، ومدار النجاة والفلاح.
المرتبة الأولى: إحصاءُ ألفاظها وعددها.
المرتبة الثانية: فهمُ معانيها ومدلولها.
المرتبة الثالثة: دعاؤه بها؛ كما قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادعُوهُ بِهَا) [الأعراف : 180].
وهو مرتبتان:
إحداهما: دعاء ثناءِ وعبادةٍ.
والثاني: دعاء طلب ومسألة.
فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وكذلك لا يُسأل إلا بها، فلا يقال: يا موجود أو يا شيء أو يا ذات اغفر لي وارحمني، بل يُسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم.
ومن تأمل أدعية الرّسل، ولاسيما خاتمهم وإمامهم صلوات الله وسلامه عليهم وجدها مطابقةً لهذا، وهذه العبارة أولى من عبارة من قال: يتخلّق بأسماء اللَّه، فإنَّها ليست بعبارةٍ سديدةٍ، وهي منتزعةٌ من قول الفلاسفة: الفلسفة التشبه بالإله على قدر الطاقة، وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن بَرَّجان وهي: التعبد، وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي: الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال.
فمراتبها أربعة: أشدها إنكارًا عبارة الفلاسفة وهي: التشبّه، وأحسن منها عبارة من قال: التخلّق، وأحسن منها عبارة من قال التعبّد، وأحسن من الجميع: الدعاء وهي لفظ القرآن.
بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (1/ 288 - 289)