أذكار النوم والانتباه من النوم وأذكار الفزع في النوم والقلق

‌‌الفصل الثاني: في أذكار النوم

"في الصحيحين" عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام قال: "باسمك اللَّهُمَّ أموت وأحيا"، وإذا استيقظ من منامه قال: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور".

وفي "الصحيحين" أيضًا، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه، ثم نفث فيهما، يقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أَقْبَلَ من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات .

وفي "صحيح البخاري" عن أبي هريرة أنه أتاه آتٍ يحثو من الصدقة، وكان قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ليلةً بعد ليلة، فلما كان في الليلة الثالثة قال: لأرفعنَّكَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: دعني أُعلِّمْك كلماتٍ ينفعك الله بهن -وكانوا أحرص شيء على الخير-، فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حتى تختمها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَكَ وهو كذوب" .

وقد روى الإمام أحمد نحو هذه القصة في "مسنده" أنها جرت لأبي الدرداء ، ورواها الطبراني في "معجمه" أنها جرت لأُبَيِّ بن كعب .

وفي "الصحيحين" عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه" .

الصحيحُ أن معناها: كفتاه من شر ما يؤذيه.

وقيل: كفتاه من قيام الليل . وليس بشيء.

وقال علي بن أبي طالب: "ما كنت أرى أحدًا يَعْقِلُ ينامُ قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة" .

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم عن فراشه، ثم رجع إليه، فَلْيَنْفُضْه بصَنِفَةِ إزَارِه ثلاث مرات، فإنه لا يدري ما خلَفه عليه بعده، وإذا اضطجع فليقل: باسمك اللَّهُمَّ ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" .

وفي "الصحيحين" عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي، وَرَدَّ عليَّ رُوحي، وأَذِنَ لي بذكره" .

وقد تقدَّم حديث علي، ووصية النبي صلى الله عليه وسلم له ولفاطمة رضي الله تعالى عنهما: أن يُسَبِّحا إذا أخذا مضاجعهما للنوم ثلاثًا وثلاثين، ويحمدا ثلاثًا وثلاثين، ويُكَبِّرا أربعًا وثلاثين، وقال: "هو خير لكما من خادم" .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخُذْهُ إعياءٌ فيما يعانيه من شُغلٍ، وغيرِهِ .

وفي "سنن أبي داود" عن حفصة أم المؤمنين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، ثم يقول: "اللَّهُمَّ قني عذابك يوم تبعث عبادك" ثلاث مرات. قال الترمذي: حديث حسن .

وفي "صحيح مسلم" عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كافِيَ له، ولا مُؤْوِي" .

وفي "صحيحه" -أيضًا- عن ابن عمر، أنه أمر رجلًا إذا أخذ مضجعه أن يقول: "اللَّهُمَّ أنت خلقت نفسي، وأنت تتوفَّاها، لك مماتها ومحياها، إن أحْيَيْتَها فاحفظها، وإن أمَتَّها فاغفر لها، اللَّهُمَّ إني أسألك العافية".

قال ابن عمر: سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي "الترمذي" عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يأوي إلى فراشه: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه -ثلاث مرات- غفر الله له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت عدد رملِ عالِجٍ، وإن كانت عدد أيام الدنيا" .

وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: "اللَّهُمَّ ربَّ السموات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربَّنَا وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنوى، مُنْزِلَ التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرِّ كلِّ ذي شرٍّ أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دُونك شيء، اقْضِ عنا الدين، وأَغْنِنا من الفقر" .

وفي "الصحيحين" عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شِقِّك الأيمن وقل: اللَّهُمَّ إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفَوَّضْتُ أمري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإن مِتَّ مِتَّ على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول".

‌‌الفصل الثالث: في أذكار الانتباه من النوم

روى البخاري في "صحيحه" عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ تَعَارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللَّهُمَّ اغفر لي، أو دعا؛ استُجِيب له، فإن توضأ وصَلَّى قُبِلَتْ صلاته".

وفي "الترمذي" عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أوى إلى فراشه طاهرًا، وذَكَر الله تعالى حتى يُدْرِكه النعاس، لم يَنْقَلِبْ ساعة من الليل يسأل الله تعالى فيها خيرًا من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه" حديث حسن.

وفي "سنن أبي داود" عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: "لا إله إلا أنت سبحانك، اللَّهُمَّ أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللَّهُمَّ زدني علمًا، ولا تُزغْ قلبي بعد إذ هديتني، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رحمة إنك أنت الوهاب" .

‌‌الفصل الرابع: في أذكار الفزع في النوم والقلق

روى "الترمذي" عن بريدة قال: شكا خالد بن الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما أنام الليل من الأرق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أَوَيْتَ إلى فراشك فقل: اللَّهُمَّ رب السموات السبع وما أظَلَّتْ، ورب الأرضين وما أقَلَّتْ، ورب الشياطين وما أضَلّتْ، كُنْ لي جارًا من شر خلقك كلهم جميعًا أن يَفْرُطَ عليَّ أحد منهم، أو يَبْغِي عليَّ، عَزَّ جارك، وجلَّ ثناؤك، ولا إله غيرك، ولا إله إلا أنت".

وفي سنن أبي داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعَلِّمهم من الفزع كلمات: "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون".

وكان عبد الله بن عمرو يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ عَقَل مِنْ بَنِيه، ومن لم يَعْقِلْ كَتَبه وعَلَّقه عليه.

ولا يخفى مناسبة هذه العُوذة لعلاج هذا الدَّاء.


الوابل الصيب (1/ 247  - 257)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله