وكان يطيل الركعة الأولى على الثانية من صلاة الصبح، ومن كلِّ صلاة. وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقعَ قدمٍ.
وكان يطيل صلاة الصبح أكثر من سائر الصلوات. وهذا لأن قرآن الفجر مشهود. قيل: يشهده الله وملائكته، وقيل: تشهده ملائكة الليل والنهار. والقولان مبنيَّان على أن النزول الإلهي هل يدوم إلى انقضاء صلاة الصبح أو إلى طلوع الفجر؟ وقد ورد فيه هذا وهذا.
وأيضًا فإنها لما نقصت عددُ ركعاتها جُعِل تطويلُها عوضًا عما نقصته من العدد.
وأيضًا فإنها تكون عقيب النوم، والناس مستريحون.
وأيضًا فإنهم لم يأخذوا بعدُ في أشغال المعاش وأسباب الدنيا.
وأيضًا فإنها تكون في وقتٍ يواطئ فيه السمعُ واللسانُ القلبَ، لفراغه وعدم تمكُّن الأشغال منه، فيفهم القرآن ويتدبَّره.
وأيضًا فإنها أساس العمل وأوله، فأعطيت فضلًا من الاهتمام بها وتطويلها.
وهذه أسرارٌ إنما يعرفها مَن له التفاتٌ إلى أسرار الشريعة ومقاصدها وحِكَمها. والله المستعان.
زاد المعاد ط عطاءات العلم (١/ ٢٤٣ - ٢٤٤)