والفرق بين إلهام الملَك وإلقاء الشيطان من وجوه:
منها: أن ما كان لله موافقًا لمرضاته وما جاء به رسولُه، فهو من الملَك. وما كان لغيره غيرَ موافق لمرضاته، فهو من إلقاء الشيطان.
ومنها: أنَّ ما أثمرَ إقبالًا على الله، وإنابةً إليه، وذكرًا له، وهمَّة صاعدةً إليه= فهو من إلقاء الملك. وما أثمر ضدَّ ذلك فهو من الشيطان.
ومنها: أنَّ ما أورث أنسًا ونورًا في القلب وانشراحًا في الصدر فهو من الملك. وما أورَث ضدَّ ذلك فهو من الشيطان.
ومنها: أنَّ ما أورث سكينةً وطمأنينةً فهو من الملك. وما أورث قلقًا وانزعاجًا واضطرابًا فهو من الشيطان.
فالإلهام الملَكيُّ يكثُر في القلوب الطاهرة النقيَّة التي قد استنارت بنور الله، فللملَك بها اتصال، وبينه وبينها مناسبة، فإنه طيِّب طاهر لا يجاور إلا قلبًا يناسبُه، فتكون لمَّة الملك بهذا القلب أكثر من لمة الشيطان. وأما القلب المظلم الذي قد اسودَّ بدخان الشهوات والشبهات فإلقاءُ الشيطان ولمتُه به أكثرُ من لمة الملَك.
الروح (2/ 714 – 715 ط عطاءات العلم)