5 - باب من أسلم على يدي رجل
315/ 2798 - عن تميم الداري أنه قال: يا رسول الله ــ وقال يزيد، وهو ابن خالد: إن تميمًا قال: يا رسول الله ــ ما السُّنة في الرجل يُسْلِم على يدي الرجل من المسلمين؟ قال: «هو أَولى الناس بمَحْيَاه ومَماتِه».
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه. وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن وهب ــ ويقال: ابن مَوهَب ــ عن تميم الداري. وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن مَوهَب وبين تميم الداري قَبِيصةَ بن ذُؤيب. وهو عندي ليس بمتصل. هذا آخر كلامه.
وقال الشافعي في هذا الحديث: إنه ليس بثابت، إنما يرويه عبد العزيز بن عمر عن ابن موهَب عن تميم الداري. وابن موهب ليس بالمعروف عندنا، ولا نعلمه لقي تميمًا. ومثل هذا لا يثبت عندنا ولا عندك، من قِبَل أنه مجهول، ولا أعلمه متصلًا.
وقال الخطابي: وضعَّف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا، وقال: عبد العزيز ــ راويه ــ ليس من أهل الحفظ والإتقان.
وقال البخاري في «الصحيح»: واختلفوا في صحة هذا الخبر.
وقال ابن المنذر: لم يروه غير عبد العزيز بن عمر. وهو شيخ ليس من أهل الحفظ، وقد اضطربت روايته له. هذا آخر كلامه.
وقال أبو مسهر: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ضعيف الحديث.
قلت: وقد احتج البخاري في «صحيحه» بحديث عبد العزيز هذا، وأخرج له عن نافع مولى ابن عمر حديثًا واحدًا. وذكر الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وأبو الحسن الدارقطني: أن البخاري ومسلمًا أخرجا له.
وقال يحيى بن معين: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: ثقة. وقال أيضًا: روى شيئًا يسيرًا. وقال أبو زرعة الرازي: لا بأس به. وقال أبو نعيم: ثقة. وقال ابن عمار: ثقة، ليس بين الناس فيه اختلاف. هكذا قال، وقد ذكرنا الخلاف فيه.
قال ابن القيم رحمه الله: والذين ردوا هذا الحديث منهم من ردَّه لِضَعفه، ومنهم من رده لكونه منسوخًا، ومنهم من قال: لا دلالة فيه على الميراث، بل لو صح كان معناه: هو أحق به، يواليه وينصره، ويبَرُّه ويَصِله، ويرعى ذِمامه، ويغسله ويصلي عليه ويدفنه، فهذه أولويَّته به، لا أنها أولويته بميراثه، وهذا التأويل.
وقال بهذا الحديث آخرون، منهم: إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وطاوس، وربيعة، والليث. وهو قول عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.
وفيها مذهب ثالث: أنه إن عقل عنه ورثه وإن لم يعقل عنه لم يرثه، وهو مذهب سعيد بن المسيب.
وفيها مذهب رابع: أنه إن أسلم على يديه ووالاه فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحوّل عنه إلى غيره ما لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول عنه إلى غيره. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.
وفيها مذهب خامس: أن هذا الحكم ثابت فيمن كان من أهل الحرب دون الذمة، وهو مذهب يحيى بن سعيد.
فلا إجماع في المسألة مع مخالفة هؤلاء الأعلام. وأما تضعيف الحديث، فقد رويت له شواهد:
منها: حديث أبي أمامة.
وأمّا رده بجعفر بن الزبير، فقد رواه سعيد بن منصور: نا عيسى بن يونس، نا معاوية بن يحيى الصَّدَفي، عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعًا.
ورواه أيضًا من حديث راشد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وحديث تميم وإن لم يكن في رتبة الصحيح، فلا ينحطّ عن أدنى درجات الحسن، وقد عضده المرسل، وقضاءُ عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.
وآية الفرائض إنما تقتضي تقديم الأقارب عليه، ولا تدل على عدم توريثه إذا لم يكن له نسب، والله أعلم.
تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم (2/ 315 - 318)