وكان - صلى الله عليه وسلم - يدركه الفجر وهو جنب من أهله، فيغتسل بعد الفجر ويصوم.
وكان يُقبّل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان. وشبّه قُبلة الصائم بالمضمضة بالماء.
وأما ما رواه أبو داود عن مصدع بن يحيى عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبلها وهو صائم، ويمص لسانها= فهذا حديث قد اختلف فيه، فضعفته طائفة بمصدع هذا، وهو مختلف فيه، قال السعدي: زائغ جائر عن الطريق. وحسنته طائفة فقالوا: هو ثقة صدوق، روى له مسلم في "صحيحه". وفي إسناده محمد بن دينار الطاحي البصري، مختلف فيه أيضا، فقال يحيى: ضعيف، وفي رواية عنه: ليس به بأس، وقال غيره: صدوق، وقال ابن عدي: قوله: "ويمص لسانها" لا يقوله إلا محمد بن دينار، وهو الذي رواه. وفي إسناده أيضا سعد بن أوس مختلف فيه أيضا، قال يحيى: بصري ضعيف، وقال غيره: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن ميمونة مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل قبل امرأته وهما صائمان، فقال: "قد أفطرا" = فلا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أبو يزيد الضني راويه عن ميمونة، وهي بنت سعد، قال الدارقطني: ليس بمعروف، ولا يثبت هذا. وقال البخاري: هذا لا أحدث به، هذا حديث منكر، وأبو يزيد رجل مجهول.
ولا يصح عنه - صلى الله عليه وسلم - التفريق بين الشاب والشيخ، ولم يجئ من وجه يثبت، وأجود ما فيه حديث أبي داود عن نصر بن علي، عن أبي أحمد الزبيري أخبرنا إسرائيل، عن أبي العنبس، عن الأغر، عن أبي هريرة أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم، فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب. وإسرائيل وإن كان البخاري ومسلم قد احتجا به وبقية الستة، فعلة هذا الحديث أن بينه وبين الأغر فيه أبا العنبس العدوي الكوفي، واسمه الحارث بن عبيد، سكتوا عنه.
زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (2/ 71 - 74)