وأما قولكم: إن سحر الأنبياء ينافي حماية الله تعالى لهم؛ فإنه سبحانه كما يحميهم، ويصونهم، ويحفظهم، ويتولاهم؛ فيبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم= ليستوجبوا كمال كرامته، وليتسلّى بهم من بعدهم من أُممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس فرأوا ما جرى على الرسل والأنبياء صبروا ورضوا وتأسوا بهم، ولتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعد لهم من النكال العاجل والعقوبة الآجلة، فيمحقهم بسبب بَغيِهم وعداوتهم، فيعجّل تطهير الأرض منهم. فهذا من بعض حكمته تعالى في ابتلاء أنبيائه ورسله بإيذاء قومهم، وله الحكمة البالغة والنعمة السابغة لا إله غيره ولا رب سواه.
بدائع الفوائد (2/ 226)