أسباب الفطر أربعة: السفر والمرض والحيض والخوف على هلاك من يخشى عليه بصوم كالمرضع والحامل إذا خافتا على ولديهما ومثله مسألة الغريق، وأجاز شيخنا ابن تيمية الفطر للتقوي على الجهاد وفعله وأفتى به لما نازل العدو دمشق في رمضان فأنكر عليه بعض المتفقهين وقال: "ليس سفرا طويلا" فقال الشيخ: "هذا فطر للتقوي على جهاد العدو وهو أولى من الفطر للسفر يومين سفرا مباحا أو معصية والمسلمون إذا قاتلوا عدوهم وهم صيام لم يمكنهم النكاية فيهم وربما أضعفهم الصوم عن القتال فاستباح العدو بيضة الإسلام وهل يشك فقيه أن الفطر ههنا أولى من فطر المسافر وقد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح بالإفطار ليتقووا على عدوهم" فعلل ذلك للقوة على العدو لا للسفر والله أعلم.
قلت: إذا جاز فطر الحامل والمرضع لخوفهما على ولديهما وفطر من يُخلّص الغريق ففطر المقاتلين أولى بالجواز، ومن جعل هذا من المصالح المرسلة فقد غلط؛ بل هذا أمر من باب قياس الأولى ومن باب دلالة النص وإيمائه.
بدائع الفوائد (4/ 45)