معنى الإغلاق في حديث: "لا طلاق ولا عَتَاق في إغلاق"

قال صلى الله عليه وسلم -فيما رواه عنه أهل السنن من حديث عائشة أم المؤمنين-: "لا طلاق ولا عَتَاق في إغلاق" رواه الإِمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم في "صحيحه" وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

قال أبو داود: "في غِلاق"، ثم قال: والغِلاقُ أظنه الغضب.

وقال حنبل. سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: هو الغضب. ذكره الخلال [و] أبو بكر عبدُ العزيز. ولفظ أحمد: يعني الغضب.

قال أبو بكر: سألت أبا محمد، وابن دريد، وأبا عبد الله، وأبا طاهرًا، النحويين، عن قوله: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".

قالوا: يريد الإكراه! لأنه إذا أُكْرهَ انغلق عليه رأيه.

ويدخل في هذا المعنى المُبَرْسَم والمجنون.

فقلت لبعضهم: والغضب أيضًا؟ فقال: ويدخل فيه الغضب؛ لأنَّ الإغلاق له وجهان: أحدهما الإكراه، والآخر ما دخل عليه مما ينغلق به رأيه عليه.

وهذا مقتضى تبويب البخاري؛ فإنه قال في صحيحه: "بابُ الطلاق في إغلاق، والمكره، والسكران، والمجنون"، يُفَرِّقُ بين الطلاق في الإغلاق وبين هذه الوجوه. وهو أيضًا مقتضى كلام الشافعي؛ فإنه يُسَمِّي نذر اللَّجاج والغضب يمين الغلق ونذر الغَلَق، هذا اللفظ يريد به نذر الغضب، وهو قول غير واحد من أئمة اللغة.

والقولُ بِمُوجبه هو مقتضى الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والتابعين، وأئمةَ الفقهاء، ومقتضى القياس الصحيح، والاعتبار، وأصول الشريعة.


إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان (١/ ٤ - ٨ ط عطاءات العلم)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله