وقفة مع حديث: "اقرأ علي إني أحب أن أسمعه من غيري"

قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اقرأ علي، فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فاستفتح سورة النساء، حتى إذا بلغ قوله: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) [سورة النساء: ٤١] ، قال: حسبك الآن، فرفع رأسه فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان من البكاء" .

وكان الصحابة إذا اجتمعوا وفيهم أبو موسى يقولون: يا أبا موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ، وهم يستمعون.

فلمحبي القرآن من الوجد، والذوق، واللذة، والحلاوة، والسرور أضعاف ما لمُحبي السماع الشيطاني؛ فإذا رأيت الرجل، ذوقه، ووجده، وطربه، وتشوقه إلى سماع الأبيات دون سماع الآيات، وسماع الألحان دون سماع القرآن، كما قيل: تقرأ عليك الختمة وأنت جامد كالحجر، وبيت من الشعر ينشد تميل كالسكران.

فهذا من أقوى الأدلة على فراغ قلبه من محبة الله وكلامه، وتعلقه بمحبة سماع الشيطان، والمغرور يعتقد أنه على شيء.


الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: 236)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله