استدل شيعيٌّ على الوصية لأهل البيت بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
فأجيب بأن قيل: هذه وصيَّةٌ بهم لا وصيةٌ إليهم، فهي حجَّةٌ على خلاف قول الشيعة؛ لأن الأمر لو كانَ إليهم لأوصاهم ولم يُوصِ بهم، ونظير هذا الاحتجاج على أن الأمرَ في قريشٍ لا في الأنصار بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أُوصِيكُمْ بالأنصَارِ" فدلَّ على أن الأمرَ في غيرهم.
قلت: وهذا كلُّه خروج عن معنى الآية وما أُريدَ بها، ولا دلالةَ فيها لواحدة من الطائفتين، فإن معنى الآية: لا أسألكم عليه أجرًا إلا أن تَصِلُوا ما بيني وبينَكم من القَرَابة، فإنه لم يكن بطنٌ من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قَرَابَةٌ، فقال: لا أسألُكم على تبليغ الرسالة أجرًا، ولكن صِلُوا ما بيني وبينَكم من القرابة، وليست هذه الصِّلَةُ أجرًا، فالاستثناء منقطع، فإن الصِّلة من موجبات الرَّحِم، فهي واجبة على كلِّ أحد، وهذا هو تفسير ابن عباس الذي ذكره البخاريُّ عنه في صحيحه.
بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (3/ 1056 - 1057)