هذه المنظومة التي اختار المؤلف لها البحر الكامل من أعظم ما ألّف في كان عقيدة السلف والاحتجاج لها والردّ على المذاهب والآراء المنحرفة عنها. ولا نعرف منظومة لأهل السنة أو غيرهم تقارب هذه المنظومة في حجمها، فقد بلغت أبياتها زهاء ستة آلاف بيت. وقد شملت المنظومة معظم أبواب العقائد، واستوعب المؤلف فيها وجوه الكلام، وأطال النفس في العرض والردّ والبيان، وحشد الأدلة والبراهين المستقاة من الكتاب والسنة والعقل الصريح. هذه الفصول تتسم بطابع علمي بحت، من غير جفاف. وبجانبها فصول أخرى سهلة ممتعة، تشبه فصول ملحمة شعرية. وإذا كان من الصعب أن نعرض هنا لجميع فصول المنظومة ومباحثها، فلا أقلّ من أن نلقي نظرة خاطفة على البناء العام للكتاب مع عرض موجز لبعض المباحث المهمة.
* خطبة الكتاب.
افتتح المؤلف رحمه الله كتابه بخطبة نثرية كشف فيها عن أهمية معرفة الله سبحانه وتعالى ومحبته وذكره وطلب الزلفى عنده، وأنه لا سبيل إلى هذا إلّا بمعرفة أسماء الله وصفاته. ثم ذكر أن القلوب في ذلك نوعان: قلب معظم لربه عالم بأسمائه وصفاته، وفي ذكرها قوته وحياته وقرة عينه. وقلب جاهل مصدود عن معرفة ربه، لكونه ينكر الأسماء والصفات ويسومها تعطيلًا وتأويلًا.
ثم حكى مناظرة وقعت بين مثبت للصفات ومعطّل لها، وأظهر الله فيها المثبت على المعطل. فعزم المؤلف على عقد محاكمة منظومة بين المعطل والمثبت، يقف عليها القريب والبعيد، وينتفع بها المسلمون في كل زمان ومكان. وقبل الشروع في المنظومة ضرب عشرة أمثال تبيّن حال المعطّل والمشبّه والموحّد في عبارة موجزة محكمة.
* مقدمة المنظومة:
استهلّ الناظم قصيدته بمقدمة غزلية في الظاهر، ومطلعها:
حكمُ المحبَّةِ ثابتُ الأركانِ … ما لِلصُّدودِ بفسخِ ذاكَ يدانِ
ولكنه عنى بالمحبة محبة الله عز وجل، فإنها هي التي لا تزول أركانها، ولا يتزعزع بنيانها. ثم تخيّل -على ما جرت به عادة الشعراء- أن زائرة حسناء قطعت مسافة طويلة من بلاد الشام مارّة بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم حتَّى وصلت إلى مكة المكرمة، وطرقت محبَّها العاني في داره القريبة من الصفا، وحدّثته بلوعتها واشتياقها إليه حديثًا معجبًا ظنَّه صدقًا، وفرح به فرحًا. قال:
فعجبتُ منه وقلتُ مِن فرحي … به طمعًا، ولكنّ المنامَ دَهاني
إن كنتِ كاذبةَ الَّذي حدّثتني … فعليكِ إثمُ الكاذب الفتّانِ
جهم بن صفوانٍ وشيعته الألى … جحدوا صفاتِ الخالقِ المنانِ
وهكذا تخلّص إلى موضوع القصيدة تخلّصًا بارعًا، ليبيّن عقائد الجهمية بالتفصيل من البيت 40 إلى البيت 187.
* بداية المحاكمة:
ثم عقد مجلس التحكيم، وقدّم بين يديه ذكر الأوصاف والآداب التي ينبغي لطالب الحق أن يتحلّى بها عند المناظرة (188 - 260). والحكمان في هذا المجلس: النقل الصحيح، ثم العقل الصريح مع الفطرة السليمة. وقد أحضر في المجلس خمس طوائف وبين عقائدهم وآراءهم وهم:
1 - الاتحادية (265 - 312).
2 - الحلولية (313 - 321).
3 - نظّار الجهمية والمعتزلة وبعض متأخري الأشاعرة (322 - 350).
4 - نظّار جرّهم مذهبُ الجهم إلى الزندقة (351 - 505).
5 - ركب الإيمان وعسكر القرآن (506 - 596).
ولما بيّن مذهب الطائفة الخامسة -وهم أهل الحق- في أسماء الله عز وجل وصفاته ردّ على مذاهب المخالفين من الجهمية وغيرهم بالإجمال. ثم تناول صفتين من صفات الله عز وجل بالتفصيل، وهما صفة الكلام، وصفة العلو، وفيما يلي عرض لهاتين المسألتين.
* مسألة كلام الله تعالى:
كانت مسألة كلام الله من أعظم المسائل التي اشتجرت فيها آراء طوائف المتكلمين. وهي التي نجمت منها فتنة خلق القرآن التي امتحن بها الإمام أحمد وغيره من علماء السلف رحمهم الله. وقد استغرقت هذه المسألة نحو خمسمائة بيت من هذه القصيدة النونية (556 - 1545). جمع فيها الناظم أقوال الطوائف، ورتبها، وأحسن غاية الإحسان في عرضها وتفصيلها بما لا يكاد يوجد عند غيره، حتى إنه قال بعدما استوفاها عرضًا وتحليلًا:
هذي مقالاتُ الطوائفِ كلها … حُمِلَتْ إليك رخيصةَ الأثمانِ
وأظنّ لو فتَّشتَ كتبَ الناس ما … ألفيتها أبدًا بذا التبيانِ
زُفَّتْ إليكَ فإن يكن لك ناظرٌ … أبصرتَ ذاتَ الحسنِ والإحسانِ
وقد شرع رحمه الله في كان مسألة كلام الله تعالى بذكر منشأ الخلاف وهو أن كلام الله بمشيئة أو لا؟ ثم هل كلام الله في ذاته أو خارج ذاته؟. ثم ذكر مذاهب الأشاعرة والكلابية، والاقترانية، والجهمية والمعتزلة، والكرامية. ثم ذكر مذهب أهل الحق والأدلّة عليه. وأشار في خلال ذلك إلى الردّ على المخالفين.
ثم بدأ في الرد المفصل على المنكرين لصفة الكلام فذكر أولًا ما يلزمه نفيهم لهذه الصفة من لوازم تقدح في أصل الشريعة. فعقد فصلًا في إلزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام، وآخر في إلزامهم تشبيه الله سبحانه بالجماد الناقص، وفصلًا في إلزامهم بأن كلام الخلق حقه وباطله عين كلام الله سبحانه.
ثم بين في معرض ردّه على منكري كلام الله الفرق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان. والفرق بين القراءة والمقروء واللفظ والملفوظ في القرآن، وأورد في أثنائه رأي ابن حزم والفخر الرازي.
ثم عرض مقالة الفلاسفة والقرامطة في كلام الله تعالى، وأشار إلى معتقدهم في الرسالة. ثم ذكر مقالات طوائف الاتحادية في كلام الله تعالى وحقيقة قولهم.
ثم شرع في مناقشة هذه الطوائف والردّ عليها. فبدأ ببيان فساد قول الجهمية ومخالفته للنقل والعقل والفطرة واللغة. وأورد خلال تشنيعه عليهم اعتراض الجهمية على مذاهب غيرهم من الاقترانية والأشاعرة والكلابية.
ثم ذكر الأصلين اللذين قام عليهما نزاع الناس في كلام الله تعالى: أولهما أن فعل الرب هو مفعوله، والثاني أنه غير مفعوله، وذكر القائلين بكل من القولين. ثم بين فساد قول الكرامية في كلام الله وردّ عليهم وعلى غيرهم في أفعال الله. وأشار خلال ذلك إشارة مجملة إلى بطلان قول الفلاسفة بقدم العالم. ثم ذكر خطر المعطلة من الفلاسفة وغيرهم، وحربهم لله وللدين وكيدهم للمسلمين، وضرب مثالًا بفعل واحد منهم وهو نصير الدين الطوسي، وما أوقعه على المسلمين في سقوط بغداد من تقتيل وتشريد وسلب ونهب (الأبيات 928 - 946).
ثم بدأ الناظم رحمه الله في الرد المفصل على قول الفلاسفة بقدم العالم فذكر أربعة أدلة على بطلان قولهم، ثم أبطل اعتراض المتكلمين على القول بدوام فعل الرب تعالى وكلامه أزلًا وأبدًا، وتوسع خلال ذلك ببيان شبهتهم وما لزم كلامهم من الباطل كالقول بفناء الجنة والنار وغير ذلك، ثم ردّ عليهم من وجوه كثيرة (الأبيات 956 - 1011). ثم عقد فصلًا في الردّ على أهل الكلام في استدلالهم على إثبات الصانع بدليل الجواهر والأعراض المقطوع به عندهم. وبيّن بطلان هذا الدليل وفساده واستغناء المسلمين بأدلة الكتاب والسنة عنه، وأنه فتح للطاعنين في الدين والمحاربين له بابًا للكيد للإسلام
* مسألة علوّ الله تعالى على خلقه:
بعدما انتهى الناظم من إيضاح الحق في مسألة كلام الله تعالى، والردّ على المخالفين والمبتدعين، انتقل رحمه الله إلى بحث مسألة أخرى مهمة من مسائل العقيدة، زلت فيها أقدام، وضلت فيها أفهام، ولم ينج من الانحراف فيها إلّا من اعتصم بالحبل الوثيق وتمسك بالكتاب والسنة، ألا وهي مسألة علوّ الله تعالى على خلقه.
وصفة العلوّ من أظهر الصفات التي جاءت بها النصوص متواترة من الكتاب والسنة، وأجمع على إثباتها سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بل أجمعت عليها الرسالات السماوية السابقة. وقد عني السلف بتقرير مسألة العلو عناية كبيرة، حتى أفردوها بمصنفات مستقلة، وحذا ابن القيم حذوهم وألف فيها كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية". ثم فصل القول فيها في هذه القصيدة أيضًا. وزاد عدد الأبيات التي تناول فيها هذه المسألة على سبعمائة بيت (1046 - 1768).
وقد بدأ الكلام فيها بفصل عنوانه: "فصل في الرد على الجهمية المعطلة القائلين بأنه ليس على العرش إله يعبد، ولا فوق السموات إله يصلى له ويسجد، وبيان فساد قولهم عقلًا ونقلًا ولغة وفطرة". ثم شرع في مناقشة منكر العلو نقاشًا عقليًّا ألزمه فيه بالقول بعلو الله تعالى على خلقه وإلا وقع في التناقض ومخالفة العقل والنقل واللغة والفطرة، ثم ساق هذا الدليل العقلي على وجه آخر وألزم المعطل بالقول بالعلو (1046 - 1112).
ثم انتقل رحمه الله إلى كان الأدلة النقلية المثبتة لعلو الله على خلقه، وقسمها إلى واحد وعشرين نوعًا، أولها: التصريح باستواء الرب فوق العرش. وآخرها: مجيء الرب لفصل القضاء (1113 - 1768). وقد ختم الأدلة بقوله:
وقد اقتصرتُ على يسيرٍ من كثيـ .... ـرٍ فائتٍ للعدّ والحسبانِ
ما كلُّ هذا قابلَ التأويل بالتـ … ـحريف فاستحيُوا من الرحمنِ
* قضية التأويل:
بعدما أفاض ابن القيم في إثبات صفة الكلام وصفة العلو، وذكر مذاهب الفرق المختلفة في المسألتين، وبين الحقّ الذي يدلّ عليه الكتاب والسنة، ورأى أن السلاح الذي يستعمله أهل البدع في ردّ النصوص هو التأويل = توجّه إلى الكلام عليه، فعقد فصلًا "في جناية التأويل على ما جاء به الرسول، والفرق بين المردود منه والمقبول" وقال: هذا، وأصل بليّة الإسلام من … تأويل ذي التحريف والبطلانِ
وعدّد جناياته في التاريخ الإسلامي، من نشأة الفرق، ونشوب الحروب بين المسلمين إلى أن جاء نصير الدين الطوسي وجماعته بالتتار الذين غزوا ديار الإسلام وفعلوا ما فعلوا.
فجرى على الإسلام أعظم محنة … وخمارها فينا إلى ذا الآن
وجميع ما في الكون من بدع وأحـ … ـداث تخالف موجب القرآن
فأساسها التأويل ذو البطلان لا … تأويل أهل العلم والإيمان
ثم فسّر معنى التأويل عند السلف وذكر أنه لم يقل أحد منهم إنه صرف عن المعنى الراجح أو نفي الحقيقة أو إن النصوص أدلة لفظية لا تفيد اليقين كما قال أهل التأويل الباطل. ثم ذكر الأمور التي تلزم مدعي التأويل لصحة دعواه، وطريقة ابن سينا وغيره من الملاحدة في التأويل، وبيّن سبب غلط أهل التأويل في الألفاظ والحكم عليها باحتمال عدة معان حتى أسقطوا الاستدلال بها، وكشف عن تناقضهم وعجزهم عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب، وأنهم هم الذين يشبهون اليهود في تأويل النصوص وتحريفها لا أهل السنة المثبتون الذين رماهم المعطلة بمشابهة اليهود. وردّ على عدة تهم اتهمت المعطلة بها أهل الإثبات ومنها أنهم أخذوا مقالة العلو من فرعون، فأثبت الناظم أن المعطلة أولى بفرعون وهم أشباهه. ومنها رميهم أهل الحق بأنهم أشباه الخوارج، فقارن بين المعطلة والخوارج من وجوه مختلفة وانتهى إلى أن الشبه بينهم محقق، وأن أهل السنة بريئون من كل ذلك. وهكذا بين الناظم عدوان المعطلة في تلقيب أهل القرآن والحديث بالمجسّمة، وعقد فصلًا في تنزيه أهل الحديث وحملة الشريعة عن الألقاب القبيحة والشنيعة.
منجنيق التركيب (2975 - 3123):
من أهم الشبهات التي قادت المعطلة إلى نفي العلو وغيره من صفات الله سبحانه: التركيب والتجسيم. فاعتنى ابن القيم رحمه الله بإبطالهما في هذا الكتاب وغيره. وسمّى الفصل الذي تكلم فيه على التركيب: "فصل في كسر المنجنيق الذي نصبه أهل التعطيل على معاقل الإيمان وحصونه جيلًا بعد جيل"، استفصل فيه أهل التعطيل عن مرادهم بهذا الاصطلاح المحدث، إذ التركيب يطلق على ستة معان:
1 - تركيب الامتزاج.
2 - تركيب الجوار.
3 - التركيب من الجواهر المفردة، وهذا عند أهل الكلام
4 - التركيب من الهيولى والصورة، وهذا عند الفلاسفة.
5 - التركيب من الذات والأوصاف.
6 - التركيب من الوجود والماهية.
ثم عقد فصلًا في أحكام هذه التراكيب الستة، وأبان أن حقيقة التركيب تطلق في اللغة على المعنيين الأولين. أما الأربعة الباقية فليس لها مستند من شرع ولا لغة، ولكنها اصطلاحات حادثة جعلها أصحابها جسرًا إلى نفي صفات الباري عز وجل، ثم ردّ على أصحابها وأبان ضعفها وتناقضها. ثم أثبت أن نفي صفات الله سبحانه بهذا الاصطلاح الحادث أبطل البطلان.
* طاغوت التجسيم (3773 - 3823):
عقد الناظم فصلًا في كان أن المصيبة التي حلت بأهل التعطيل كانت بسبب استعمالهم أسماء ومصطلحات لا أصل لها في الكتاب والسنة، فهي التي قلبت عليهم أمرهم وأفسدت علمهم وإيمانهم كالتحيز والجهة والتجسيم وحلول الحوادث وغيرها. ثم أفرد فصلًا لكسر "طاغوت التجسيم" الذي نفى به المعطلة صفات الله تعالى، وجعلوه حاكمًا على الكتاب والسنة، إذ قالوا: إن إثبات الصفات يلزم منه التجسيم، والتجسيم منفي عن الله تعالى. فعلى هذا يجب نفي الصفات عنه.
وقد أجاب عن إلزامهم هذا بثلاثة أجوبة:
الجواب الأول: منع هذا اللزوم، وأنّه مجرد دعوى.
الجواب الثاني: على فرض اللزوم، يقال: أين دليل نفيه؟ فإذا كان ملزوم نص الكتاب والسنة فإنه حق يجب قبوله.
الجواب الثالث: هو الاستفسار عن مرادهم بالتجسيم، فإن كان معناه أن يكون الله تعالى قائمًا بنفسه عاليًا على خلقه مستويًا على عرشه، فهذا حق ويجب القول به. وإن كان مرادهم تشبيه الله سبحانه بالمخلوقين فهذا يجب نفيه عن الله تعالى.
وقال الناظم في منجنيق التركيب وطاغوت التجسيم:
ذا المنجنيقُ وذلك الطاغوتُ قد … هدما دياركم إلى الأركان
واللهُ ربّي قد أعان بكسر ذا … وبقطع ذا سبحان ذي الإحسان
* أقسام التوحيد والفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد النفاة المعطلين (3124 - 3533):
بين فصل التركيب وفصل التجسيم عقد الناظم فصولًا عديدة لبيان أقسام التوحيد والكشف عن الفرق بين مفهوم التوحيد عند الفلاسفة وغيرهم والتوحيد الذي جاء به رسل الله وأنبياؤه. وقد ذكر خمسة أقسام للتوحيد، وعقد لكل قسم فصلًا:
القسم الأول: توحيد الفلاسفة أتباع ابن سينا. وحقيقته أن لا يثبت لله إلّا الوجود المطلق المسلوب كل معنى. فلا سمع له، ولا بصر، ولا قدرة، ولا اختيار. ولا علم له بالجزئيات، وأن العالم قديم أزلًا، دائم أبدًا، وأن نوع الناس مازال موجودًا منذ الأزل.
القسم الثاني: توحيد أهل وحدة الوجود، وهو أنّ كل ما في هذا الوجود عين ذات البارئ عز وجل.
القسم الثالث: توحيد الجهمية، وهو تعطيل البارئ عز وجل عن أسمائه وصفاته.
القسم الرابع: توحيد الجبرية، وهو أن العبد لا فعل له ولا اختيار، بل إنّ ما يقوم به من أفعال هو فعل الله سبحانه وتعالى.
القسم الخامس: توحيد الأنبياء والمرسلين. وقد أفاض القول فيه على هذا الوجه:
- توحيدهم نوعان:
1 - قولي.
2 - فعلي.
- القولي نوعان:
1 - سلبي.
2 - ثبوتي.
- السلبي نوعان:
1 - سلب النقائص والعيوب، وهو إما سلب لمتصل كسلب الموت والإعياء، أو سلب لمنفصل كسلب الندّ والزوجة والولد.
2 - تنزيه أوصاف الكمال عن التمثيل والتعطيل.
ثم فصّل القول في النوع الثبوتي. وعدّد كثيرًا من أسماء الله وصفاته، وتكلم على معانيها (3223 - 3470).
ثم عقد فصلًا في كان النوع الثاني من أنواع التوحيد، وهو التوحيد الفعلي، وهو توحيد العبادة. وحقيقته أن تخلص العبادة لله وحده، وأن لا يعبد إلا بما شرع، وذلك باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم (3471 - 3533).
* وصف الجنّة (4962 - 5625):
بعد ما فرغ المؤلف من كان عقيدة الفرقة الناجية والردّ على أعدائها، بيّن فضل من تمسّك بالكتاب والسنة لا سيما في وقت الغربة، وما أعدّ الله تعالى له في جنّات النعيم. وله كتاب حافل في وصف الجنة اسمه "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح"، وقد نظم كثيرًا من مباحثه في هذه القصيدة، وخصص لهذا الوصف 18 فصلًا بلغ عدد أبياتها 663 بيت.
* خاتمة المنظومة: رغبة ودعاء:
ختم الناظم كتابه بفصل عنوانه "فصل في رغبة قائلها إلى من يقف عليها من أهل العلم والإيمان، أن يتجرد لله ويحكم عليها بما يوجب الدليل والبرهان، فإن رأى حقًا قبله وحمد الله عليه، وإن رأى باطلًا عرّفه وأرشد إليه". وبنحوه كان ختم الخطبة النثرية لهذه المنظومة.
وذكر الناظم في هذا الفصل أنه ممتحن بعداوة أربعة أصناف من الناس: جاهل متعالم، وحاسد شانئ، ومقلد لهما، ورابعهم رذل خسيس الطبع، فضلة في الناس لا في العير ولا في النفير. وفي آخر الفصل شكا من ذهاب العلماء الذين يقدرون قدر هذه المنظومة، وسأل ربه أن يرزق بضاعته هذه تاجرًا خبيرًا يميز الذهب من الصفر والزجاج من الدرّ.
وفي الفصل الأخير توجه إلى الله سبحانه متوسلًا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن ينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين. وختمه بحمد الله عز وجل والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله وصحابته والتابعين لهم بإحسان.
نونية ابن القيم الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية - ط عطاءات العلم (المقدمة/ 12 - 24)