اللذةُ تابعةٌ للمحبَّةِ؛ تَقْوى بقوَّتِها، وتَضْعُفُ بضَعْفِها؛ فكلَّما كانت الرغبةُ في المحبوب والشوقُ إليه أقوى كانتِ اللَّذَّةُ بالوصول إليه أتمَّ.
والمحبةُ والشوقُ تابعٌ لمعرفتِهِ والعلم به؛ فكلَّما كان العلمُ به أتَمَّ؛ كانتْ محبتُهُ أكملَ.
فإذا رجع كمالُ النعيم في الآخرة وكمالُ اللَّذَّةِ إلى العلم والحُبِّ؛ فمَن كان بالله وأسمائِهِ وصفاتِهِ ودينهِ أعرف كان له أحبَّ، وكانت لذَّتُه بالوصول إليه ومجاورتِهِ والنظرِ إلى وجهِهِ وسماع كلامِهِ أتمَّ. وكلُّ لَذَّةٍ ونعيمٍ وسرورٍ وبهجةٍ بالإضافة إلى ذلك كقطرةٍ في بحرٍ.
فكيف يُؤْثِرُ منْ له عقلٌ لَذَّةً ضعيفةً قصيرةً مشوبةً بالآلام على لَذَّةٍ عظيمةٍ دائمةٍ أبدَ الآباد؟!
وكمالُ العبدِ بحسب هاتين القوتين: العلم والحبِّ، وأفضلُ العلم العلمُ بالله، وأعلى الحبِّ الحبُّ له، وأكملُ اللَّذَّةِ بحَسَبهما. والله المستعان.
الفوائد (ص: 73 - 74)