الحكمة في التفريق بين الكلب الأسود وغيره في قطع الصلاة

 

وأما قوله: وفرّق بين الكلب الأسود وغيره في قطع الصلاة.

فهذا سؤال أورده عبد الله بن الصامت على أبي ذر، وأورده أبو ذر على النبي صلى الله عليه وسلم، وأجاب عنه بالفرق البين فقال: "الكلب الأسود شيطان"، وهذا إن أريد به أن الشيطان يظهر في صورة الكلب الأسود كثيرا كما هو الواقع فظاهر، وليس بمستنكر أن يكون مرور عدو الله بين يدي المصلي قاطعا لصلاته، ويكون مروره قد جعل تلك الصلاة بغيضة إلى الله مكروهة له، فيأمر المصلي بأن يستأنفها، وإن كان المراد به أن الكلب الأسود شيطان الكلاب فإن كل جنس من أجناس الحيوانات فيها شياطين، وهي ماعتا منها وتمرد، كما أن شياطين الإنس عتاتهم ومتمردوهم، والإبل شياطين الأنعام، وعلى ذروة كل بعير شيطان؛ فيكون مرور هذا النوع من الكلاب -وهو من أخبثها وشرها- مبغضا لتلك الصلاة إلى الله تعالى؛ فيجب على المصلي أن يستأنفها، وكيف يستبعد أن يقطع مرور العدو بين الإنسان وبين وليه حكم مناجاته له كما قطعها كلمة من كلام الآدميين أو قهقهة أو ريح أو ألقى عليه الغير نجاسة أو نومه الشيطان فيها؟ وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن شيطانا تفلت علي البارحة ليقطع علي صلاتي".


إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 67)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله