اللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها مثمرة للألم بعد انقضائها

اللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها، مثمرة للألم بعد انقضائها؛ فإذا اشتدت الداعية منك إليها ففكر في انقطاعها وبقاء قُبحها وأَلَمِها ثم وازن بين الأمرين وانظر ما بينهما من التفاوت، والتعب بالطاعة ممزوج بالحُسْنِ مثمر للّذة والراحة؛ فإذا ثقلت على النفس ففكر في انقطاع تعبها وبقاء حسنها ولذتها وسرورها، ووازن بين الأمرين وآثر الراجح على المرجوح؛ فإن تألمت بالسبب فانظر إلى ما في المُسبّب من الفرحة والسرور واللذة يَهُن عليك مُقَاسَاتِه، وإن تألمت بترك اللذة المحرمة فانظر إلى الألم الذي يعقبه ووازن بين الألمين، وخاصية العقل تحصيل أعظم المنفعتين بتفويت أدناهما واحتمال أصغر الألمين لدفع أعلاهما.

وهذا يحتاج إلى علم بالأسباب ومقتضياتها، وإلى عقل يختار به الأولى والأنفع به له منها، فمن وفُر قسمه من العقل والعلم اختار الأفضل وآثره، ومن نقص حظه منهما أو من أحدهما اختار خلافه، ومن فكر في الدنيا والآخرة علم أنه لا ينال واحدا منهما إلا بمشقة فليتحمل المشقة لخيرهما وأبقاهما.


الفوائد (ص: 192)

  • المصدر: موقع الإمام ابن القيم رحمه الله