والفرق بين سلامة القلب والبلَه والتغفُّل: أن سلامةَ القلب تكون من إرادة الشرِّ بعد معرفتِه، فيسلَم قلبُه من إرادته وقصدِه، لا من معرفته والعلمِ به. وهذا بخلاف البلَه والغفلة، فإنها جهلٌ وقلّة معرفة. وهذا لا يُحمَد إذ هو نقص، وإنما يحمد الناسُ من هو كذلك لسلامتهم منه.
والكمالُ أن يكون القلب عارفًا بتفاصيل الشرِّ، سليمًا من إرادته. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لستُ بخَبٍّ ولا يخدعني الخَبُّ»، وكان عمر أعقلَ من أن يُخدَع، وأورعَ من أن يَخدع.
وقال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88 ــ 89]. فهذا هو السليم من الآفات التي تعتري القلوب المريضة، من مرضِ الشبهة التي تُوجب اتباعَ الظن، ومرضِ الشهوة التي توجب اتباعَ ما تهوى الأنفس. فالقلب السليم: الذي سَلِم من هذا وهذا.
الروح (٢/ ٦٨٣ - ٦٨٤ ط عطاءات العلم)